جدلية الاستثمار والأمن

جدلية الاستثمار والأمن

عباس الغالبي abbas.abbas80@yahoo.com يتلعثم الاستثمار مرتبكا مع وجود بيئة امنية مضطربة ، فلا استثمار من دون أمن حقيقي وهذه جدلية مترابطة لايختلف عليها اثنان، لان الامن من شأنه أن يوفر بيئة استثمارية خصبة تسير فيها سفينة المشاريع الى بر الامان دونما عراقيل وعقبات .

 وفي العراق كان أشد مايواجه المستثمرين المتطلعين الى العمل في سوقه هاجس الامن الذي كان عقبة كبرى أمام ولوج الشركات العربية والعالمية عالم الاستثمار في العراق ، وبعد مرور أكثر من ست سنين خلت غاب الاستثمار الاجنبي ولازالت عجلة الانتاج متوقفة في ظل الاختلالات البنيوية التي يعاني منها الاقتصاد العراقي ، وذهب الكثير من المراقبين والخبراء الى الامن المضطرب كسبب رئيسي يتذرع به المستثمرون وشركاتهم في وقت تذهب الجهات الحكومية الى رسم صور وردية للحياة العراقية سعيا منها لجذب المتطلعين الى الاستثمار في ظل التوجه الاستثماري الحكومي عالي المستوى خلال الاشهر القليلة الماضية والذي برز من خلال المؤتمرات التي عقدت في لندن وباريس وواشنطن وأخيرا في برلين فضلا عن المؤتمرات الاخرى في بغداد . ويبقى السؤال الملح: هل ان الوعود التي قطعتها الحكومة للشركات العالمية واقع حال أم انها مجرد امنيات لم يكتب لها النجاح لاسيما بعد الخروقات الامنية الاخيرة التي حدثت في يومي الاربعاء والاحد الداميين ، وحيث ان تلك الشركات لم يتبق لديها سوى الهاجس الامني كسبب يعوق دخولها الى السوق المحلية بعد ان اجرت الحكومة بعض التعديلات المهمة على حيثيات قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 والتي كانت مثار تخوف من الشركات والمستثمرين على حد سواء . وفي ظل الاوضاع السياسية والانتخابية الحالية نتوقع تأخير دخول الشركات الاستثمارية الى مابعد موعد الاتنخابات البرلمانية نهاية كانون الثاني من العام المقبل ، ليصاب المشهد الاقتصادي بنكسة اخرى بسبب التداعيات السياسية التي غالبا ما تضرب الوضع الاقتصادي عرض الحائط وتنصرف الطبقة السياسية للملمة امورها الانتخابية وتأجيل عملية الاعمار والتنمية التي ترتبط مباشرة بحياة الناس المعيشية التي تأتي خلف الاستحقاقات السياسية في ظل تطلع الجميع الى بناء دولة مؤسساتية دستورية تنأى بنفسها عن المصالح السياسية البحتة. ومن هنا فأن الامن يعد ركنا أساسيا من اركان نجاح العملية الاستثمارية التي أصبحت الظروف مهيأة أكثر من أي وقت مضى بعد هذه المخاضات التي تبلورت فيها الرؤى لاطلاق عملية الاستثمار بشكل واسع وفي القطاعات الاقتصادية كافة لاسيما بعد احتمالات صعود اسعار النفط خلال النصف الاول من العام المقبل 2010 الذي يمكن من خلاله اعداد موازنة استثمارية هائلة قادرة على تلبية الحاجات الملحة التي تتطلبها عملية الاعمار والتنمية . وتبقى جدلية الامن والاستثمار في مقدمة الاولويات التي تحقق بيئة استثمارية نشيطة بعيدة عن الاخفاقات ، وهي في أهميتها تكاد تكون أهم من التخصيصات المالية لانها الجاذب الاول للمستثمرين الذين مازالوا مترددين في دخول عالم الاستثمار في العراق.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top