أليس مونرو.. التي كتبت حياتها قصصاً

أليس مونرو.. التي كتبت حياتها قصصاً

أعلن في يوم الخميس عن فوز الكاتبة الكندية أليس مونرو بجائزة نوبل لعام 2013 للتفاصيل المتشابكة بشكل معقد في قصصها القصيرة.
إن ما يميز أليس مونرو أيضا، قصصها القصيرة المشرقة، التي أرست لها شهرة كبيرة، ومعظم قصصها، تدور أحداثها في مدن صغيرة أو قرى زراعية في كندا والتي تركز غالبا على حياة الفتيات والنساء، وقصصها تتميز بكثافة الروايات الحميمة، وبتصدع قلوب شخصياتها بطريقة أشبه بأسلوب وحكمة جيكوف.
ويتميز أسلوبها أيضا بالسلاسة، ويتذبذب الزمن فيها رواحا ومجيئا، ما بين الحقيقة والذاكرة ليكشف اللحظات التي يتوقف فيها عند أحداث شخصية.
إضافة إلى سردها للتفاصيل اليومية الروتينية والأعمال اليومية المملة "الطعام ترتيب المنزل وتدبير أموره" التي تأخذ من وقت بطلاتها الكثير من الوقت.
وتتميز الكاتبة في مقدرتها على تسجيل تفاصيل شخصياتها من الداخل وكيفية تطور الحب، وهذه القابليات التي تتميز بها مونرو لم تدفعها فقط إلى إضفاء تفاصيل إلى القصة القصيرة المعاصرة، بل ان تلك القابليات جعلتها واحدة من الكتاب الذين كان لهم تأثير هام أسوة بكتّاب آخرين مثل: جوناثان فرانزن لوري مور، ديبوراه إنزينبرك ومونا سيمبسون.
وقد بدأت أليس مونروا بكتابة القصص منذ 15 عاما، بإصدارها مجموعة رقص الظلال السعيدة 1968 تلتها أقمار جوبير 1982 وتطور الحب 1986 وصديق طفولتي 1990والاسرار المفتوحة عام 1994 وأخيرا الحياة العزيزة 2012 التي قيلت إنها ستكون آخر أعمالها ،وقد قدمت أليس مونرو صورا متعددة للشخص العادي التي تكشف عن ذكائهم وخشونتهم ومقدرتهم على الحلم، إضافة إلى كشف أكاذيبهم والنقاط المظلمة فيهم وهفواتهم وشجاعتهم ونياتهم الطيبة. ولم تنقل تلك الصفات إلى القارئ كأحكام بل بطريقة لطيفة وكأنها تتحدث عن صديق للعائلة.
ومثل أليس مونرو نجد ان النساء في قصصها نشأن في مدن صغيرة بكندا، وهن في لحظة ما يواجهن قرار البقاء أو المغادرة إلى العالم الأرحب، ونجد أيضا ان حياتهن تمتد عقودا من الزمن مع تغييرات اجتماعية مدهشة، عبر الزمان والمكان.
ولذلك السبب فان نساء مونرو، لهن شبه برجال جون ابدايك، يجدون انفسهن غالبا إزاء تغييرات ثقافية حائرين ما بين أصولهن والهرب ما بين العائلة والحرية، وأيضا ما بين الاهتمام بالمسؤوليات الأسرية، أو مسايرة الاندفاعات التي تمليها عليهن مشاعرهن.
ونجد في تلك القصص الموت والمرض مذكرا القارئ باستمرار بأخطاء الحياة وأيضا دور الحظ والفرص واللامبالاة، وان هناك تلك اللحظات الآنية في الاختيار، وبعض شخصيات السيدة مونرو تواجه قوة محررة تنقلهم خارج أعمالهم الروتينية، أو أنها على الأقل ترضي نوعا ما فضولهم تجاه الحياة، في حين يرفضها آخرون خوفا على فقدان كل شيء عزيز في حياتهم، أو مألوف على الأقل.
وبعض قصص مونرو الأخيرة قد استعاضت عن أسلوب السرد المفصل إلى آخر، قديم الطراز وبالمقارنة ما بين أعمالهم الأولى فان العديد من قصص مجموعتها "الحياة العزيز" تتضمن حبكة أكثر متانة.
والعديد من قصص مونرو تتطرق إلى جوانب من حياتها من شخصياتها في الطفولة إلى حياة المزرعة في اونتاديو، زواجها المبكر، والانتقال إلى كولومبيا البريطانية اثر الطلاق ثم زواج ثان والعودة إلى مزارع أونتاريو.
وفي المقطع الأخير من تلك المقاطع التي تتحدث عن حياتها تقول السيدة مونرو، لم اذهب إلى البيت اثر مرض أمي الأخير ولا احد لي في مدينة فانكوفر أضع الطفلين معهم، ولم يكن لدينا ذلك السلوك الرسمي، ولكن لماذا أضع اللوم على ذلك .لقد أحسست بنفس الشعور نحن نقول عن بعض الأمور انه لا يمكن غفرانها أو أننا لن نغفر لأنفسنا قط ما فعلناه، ولكننا نفعل تلك الأمور دائما.
وفي قصص مونرو، نجد عددا من الشخصيات من الكتاب والفنانين، ولكن راوي القصة شخص له أهميته، انه الأداة الأهم لإضفاء معنى على حياة الشخوص الأخرى، وتتغير الزاويا التي تتم السرد عبرها، فقد يكون بتذكر أحداث سابقة، واحيانا عبر إضفاء أهمية لأحداث معينة، والقفز على أحداث أخرى، ويكون أيضا القفز على بعضها أو كما في قصص مونرو الرائعة، إنها وسيلة لربط الزمن، الماضي، الحاضر، والمستقبل، ليس بشكل تقليدي: من البداية إلى الوسط وإلى النهاية بل عبر أساليب مدهشة تثير إعجاب القارئ.
 عن: النيويورك تايمز

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top