أدباء كربلاء يناقشون مبالغات الرواة والقرّاء.. أسرار واقعة الطف

أدباء كربلاء يناقشون مبالغات الرواة والقرّاء.. أسرار واقعة الطف

إننا نريد لعاشوراء أن تكون مناسبة  للوحدة ، لا أن تكون  مناسبة للفرقة ، لأن الحسين نهض من أجل وحدة المسلمين إلا ان هذه الثورة الحسينية أصابها الغلو ودفع التكفيريين إلى الاستهداف.
بهذه الكلمات بدأ الباحث والإعلامي عبد الهادي أمسيته التي أقامها له اتحاد الأدباء في كربلاء والتي حملت عنوان [مبالغات الرواة والشعراء والقراّء في واقعة عاشوراء ] قدمها الباحث حسن عبيد عيسى والتي قال فيها إن ثورة الإمام الحسين من الأهمية ما تكون هي أساس كل الثورات التي تعبر عن الحرية ومواجهة الظلم وإنها نهضة جبارة ولها أثرها الفاعل على التاريخ الإسلامي والإنساني..ولكنها -يضيف عيسى -كحال أية حركة ثورية أو تاريخية في العالم تعرضت إلى التشويه والمغالاة بسبب تناقل الأحداث شفاهيا مرة وبسبب وجود أيديولوجيات خاصة تحاول تحريف الصورة عن مسارها الصحيح وهو ما دفع بالبابي لأن يقدم على توضيح هذه الأسباب وهو الخبير في هذا المجال كونه قادما من الوسط الديني.
وقال البابي إن ثورة الإمام الحسين في واقعة الطف ثورة عظيمة ولأنها كذلك فإننا نريدها مناسبة  للوحدة ، لا أن تكون  مناسبة للفرقة ، لأن الحسين نهض من أجل وحدة المسلمين ولم شملهم الأول  الذي  فارقهم عليه جده المصطفى ,أضاف إننا نريد لعاشوراء أن تكون حركة من أجل الحرية لا حركة يستثمرها  الذين  يريدون أن يستغفلوا الناس بها  وينهبوا منهم أموالهم بالباطل..ان ما يحصل الآن هو استغلال لهذه الثورة وهذه المناسبة العاشورائية وهم  يريدون أن تبقى شعائر عاشوراء تقليدا ميتا لا حياة فيها ويجمدونها في مكانها وكأنها شيء امتلكوه  دون غيرهم  ، بل نريدها أن  تكون قوة  للعدل ، لا أن تكون  وسيلة من  وسائل الظالمين  الذين يخدرون الناس ويبعدونهم  عن أيةِ  صرخةٍ  للحرية  والكرامة الإنسانية.وأفاد علينا ان نجعل من عاشوراء  ساحة  للإسلام العظيم والدعوة  والحركة والأفق  الواسع  في كل العالم ،  ولنتأمل صرخة الحسين الهادرة : (والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل  ولا أقر لكم إقرار العبيد ، إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابةٍ إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ، إن وليّي الله الذي نَزّل الكتاب وهو يتولى الصالحين )..فلنتأمل هذه الصرخة  ونتفاعل معها بكل مشاعرنا وأحاسيسنا ، ونجعل منها عنوانا  لكل اتجاهات حركتنا في هذه الحياة ..ودعا البابي إلى ان نعطي للثورة موقفا عقليا وعمليا وفعليا قبل إعطاء الدمعة من العين
وأن نطلق صرخة من صرخات الحق في الحناجر قبل صرخة من صرخات الألم في الكلمات والقصائد ،لأنه يريدنا أن نعيش الفرح الذي يختلط بالمأساة ،حتى إذا حدقنا بكل جراحاته وبكل السهام التي أصابت جسده الشريف ،والأحزان التي عاشت في قلبه ،عرفنا أنه كان يقول لنا: إن الرسالة والإسلام أكبر من ذلك ..لقد أرخصت كل دمي وجراحاتي وأهلي في سبيل الله ،فهل ترخصون دمائكم ومواقعكم ومناصبكم وأموالكم وأولادكم في سبيل الله..ويشير البابي إلى ان هذه الثورة والمناسبة أصابها الكثير من الغلو والمبالغات وهو ما دفع بالتكفيريين إلى استهدافنا واستباحة الدماء وقد استغلوا الكاسيتات والفديوهات والقيام بعرضها على الفضائيات والنتيجة هو مزيد من الشحن الطائفي والبغض المذهبي والتكفير الأهوج الذي بسببه سالت دماء الأبرياء في الشوارع والساحات من الانفجارات والمفخخات والأحزمة الناسفة التي يحملها الانتحاريون المعبأون بالبغض والكراهية والجهل.
..ويوضح البابي أسباب المبالغات والغلو عند هؤلاء القراء والشعراء هو ما ورد من نصوص (خرافية ) في المصادر التاريخية من الرواة والشعراء المتقدمين الذي ملأوا مؤلفاتهم وقصائدهم بالغلو والخرافات والموضوعات ..فتأسست عليها ثوابت وعقائد مورست بعد ذلك على شكل فعاليات وشعائر قالوا عنها إنها شعائر مقدسة موصى بها من المعصومين ..ولكننا لو رجعنا إلى سيرة أهل البيت عليهم السلام نرى بكل وضوح بأنهم أبرأ الناس من هذه الأشياء المشينة التي يفعلها هؤلاء باسمهم ويشير إلى انه لو قرانا نصوص نهج البلاغة الذي ينسب للإمام علي عليه السلام لوجدنا الحقيقة ماثلة أمامنا بان القرآن الكريم والنبي (ص) وأهل البيت  بعيدون كل البعد عن هذه الممارسات الوثنية في بعض مراحلها التي وفدت من خارج أهل الإسلام.
وشهدت الأمسية العديد من المداخلات بدأها الناشط والسياسي حميد الهلالي بقوله إنها أمسية رائدة ومتميزة للأستاذ الكاتب الكبير عبد الهادي البابي ، الذي حلّق عالياً في عالم الرصد والتقصي والإمتاع بالاستدلال العقلي ومنطق البحث الواعي المتميز بعلميته وبما احتوت من موضوع غاية في الأهمية ، موضوع أضاء كثيراً من مسالك العتمة ، وقرع أجراس الخطر التي تحيق بأعظم ثورة (ثورة الإمام الحسين عليه السلام) ، والتي تكاد أن تتحول إلى مجرد ندب وعويل وخرافة وأساطير في حين كانت وما زالت هذه الثورة تستنهض قوى الشعوب والأمم لتحلق في عالم الحرية والعدل الإنساني ، ومقارعة الظلم .. فيما اعترض الشاعر ميثم العتابي   عن مكان الأمسية وهي ألا يكون مكانها في اتحاد الأدباء وهي تنفع لأصحاب المنابر اكثر منها للأدباء كونهم يعون القضية جيدا وأضاف كانت الأمسية غير موفقة وثمة خلط كبير بين مفهومي الأدب والتاريخ ،مبينا ان الأمسية عموما تحدثت عن الغلو أو التسطيح لشخص الإمام الحسين في الوقت الذي لم ينج الباحث منهما ووقع فيهما. أما الباحث  عبدالرزاق عبدالكريم فقال نحن نحتاج إلى دخول المثقفين إلى ساحة القضية الحسينية وينافسون على الإبداع فيها حتى لا تخلو لغيرهم فقط . أما الأديب صبيح حيدر فقال إن إدخال العنصر النسوي في بعض الشعائر مثل ركضة طويريج أمام الناس شيء غير مقبول..أما الناشر والسياسي  علي غزيوي فقال هو الآخر إن المثقف هو ضمير الأمة وهو صوتها الذي يجب أن يكون عالياً ومسموعاً .أما الفنان الرائع الأستاذ علي الشيباني  فقد عد البابي شجاعا  لأنه تحدث عن المسكوت عنه  وهو الأمر الذي بقي في حلقة مفتوحة.

تعليقات الزوار

  • حسين عبد الزهرة الاسدي

    اشارات خجولة لا اجد فيها القوة والاصرار على تقويم الشعائر الحسينية وتنقيتها من الشعارات الدخيلة والامر يحتاج الى مراجعة تاريخية لمعرفة هذه الشعارات التي يرفضها الكثير من محبي ال البيت ويستغلها اعدائهم للتشنيع به ان الامر يحتاج الى جرأ اكثر وهذه البداية جي

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top