تطورات الميلودراما والمونودراما والميتادراما والسايكودراما

سامي عبد الحميد 2014/01/13 09:01:00 م

تطورات الميلودراما والمونودراما والميتادراما والسايكودراما

(2)
لابد هنا من الإشارة إلى آراء المخرج الروسي الراحل "نيكولاي يفريحوف" عن "المونودراما، فقد رأى أنها تلك التي تدعو المتفرج إلى الدخول داخل المسرحية كمشارك مباشر في أحداثها ليرى ويلمس كل شيء من وجهة نظر الشخصية الرئيسة "البروتاغونست" حيث يكون "الأنا البديل" له- أي للمتفرج، وعليه فان "المونودراما" برأيه هي "دراما الذات الواحدة".
الميتادراما: أي ما بعد الدراما وهو مصطلح يأخذ أبعاداً مختلفة، فهي لدى البعض دراما الفعل الانعكاسي الذاتي الذي يكشف للجمهور الوضع الفني لهذه الدراما، ومثل هذا الانعكاس قد يدفنه الكاتب المسرحي في نصه أو قد يضخمه المخرج أو المصمم في الإنتاج المسرحي، وفي كلا الحالتين يتم تقديم الوعي الذاتي الجمالي وفقاً للشروط الفنية والميتافيزيقية وخصوصاً في أعمال تضارب على البدائل الواقعية الحياتية بما فيها براعة التشبيه، طرحت المسرحية داخل المسرحية في "هاملت" معياراً لارتفاع "التمسرح" إلى درجات تجريدية غيبية في الدراما الغربية، وكما لاحظ "ليونيل أيبل" في كتابه "ميتاثباتر-1963) بما ان المسرحية داخل المسرحية في "هاملت" تبدو وكأن هاملت نفسه قد كتب نصاً لذلك يعتبر أول شخص مسرحي وبإدراك تام لما يعنيه مصطلح "تمسرح" الشخصيات الدرامية ذات الوعي الذاتي واضحة أيضاً لدى الدراميين الإسبان المحدثين الأوائل، فذلك "كالديرون" في مسرحية "الحياة حلم" قد اعتبر مبشراً بانتشار "الميتادراما" أو "الميتامسرح" في عصر الحداثة.
يفترض عصر علم النفس والاهتمام بالقوى المحركة للشخصية صيغاً مختلفة- من الطبيعة من جهة إلى الكشف عن آليات الإبهامية من جهة أخرى، استكشف "سترندبرغ" إمكانية المسرح كما المرآة في عكس العمليات الذاتية في مسرحية "لعبة حلم" 1907 حيث تكون الحبكة والسينوغرافيا مادة نابعة من لاوعي الحالم/ المؤلف: في ثلاثية بيرانديللو "ست شخصيات تبحث عن مؤلف" و"لكل طريقته" و"الليلة نرتجل"، يبني توترات بين مكونات الأحداث المسرحية ويضارب بالشخصيات ضد كتاب المسرحية وبالممثلين ضد الشخصيات وبالمؤدين ضد المتفرجين.إذاً هناك علاقة بين "الميتادراما" و"التمسرح" فهذا المصطلح الأخير يقتضي تثبيت الحياة على خشبة المسرح ذات المدى المحدد. وهو غياب مثل تلك المفترضات الاجتماعية والتي نمذجت نسخاً من الميتادراما بعد الحرب العالمية الثانية، يكمن ذلك الانفلات في الاستعارة في تلك الروح البائسة لمسرح اللامعقول لدى "يونسكو وجينيه وبكيت" وتم تطبيق التشكيك في المعاني بأعمال مسرحية ما بعد الحداثة أمثال "ويلسون ونورمان" ويأخذ النشاط الفردي في فن الأداء جسم الكاتب المسرحي المؤدي المسرحي كونه النظرة الكاملة للتمسرح ويفترض ان الميتادراما قد تجاوزت وضعها استعارة وأصبحت أسلوباً تمثيلياً رئيسياً ولم تعد تقبل بعالم المسرح.
السايكودراما:
جاء في معجم "مصطلحات المسرح والدراما" لمحمود محمد كحيلة، ان هذا المصطلح يعني "الدراما النفسية"، وقد اطلق المصطلح الطبيب النفسي الروماني "مورينو" على انه "علم يستكشف الحقيقة بوسائل درامية والعلاج بهذه الطريقة يتم على مراحل وفي أماكن الحياة اليومية وليس في مكان التمثيل". ويذكر الدكتور بدرخان السندي"، ان الترجمة النصية لهذا المصطلح هي المسرح النفسي لكن المعنى الأوسع والتطبيقي له هو "علاج المرضى النفسانيين عن طريق المسرح، أي ان السايكودراما تعتبر طريقة من طرق النفسي الجمعي وهي وسيلة تسعى إلى استنباط أو استخراج المشاعر الكامنة في النفس وعلل المشكلات الشخصية، ولتحقيق غايتين أساسيتين: أولاً التطهير النفسي عن طريق  التنفيس أ و الإفراغ النفسي، ثانياً اكتساب أنماط سلوكية جديدة.الطبيب المعالج بواسطة السايكودراما هو المخرج والممثلون هم المرضى وهم في الوقت نفسه المشاهدون، ويذكر الدكتور السندي ان المسرح في السايكودراما مصمم من قاعة صغيرة للمشاهدين ،وفي القاعة مجموعة من الكراسي وليس هناك ستارة ومنطقة التمثيل محاذية تماماً للصف الأول من كراسي المشاهدين. وللمسرح ثلاثة مستويات متدرجة في الارتفاع متناقصة في المساحة، الإضاءة بسيطة مثبتة على الجدران وراء المشاهدين، المتلقي هو المريض نفسه والمشاهدون الحاضرون يمثلون المجتمع الأوسع الذي يريد المريض أن يكشف أوراقه أمامه، وأن يتطهر ويتحرر من آلامه وأن يعلن أمامهم رغبته وقراره في إعادة بناء ذاته.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top