بغداد/ محمد صباح
اجبرت مافيات مسيطرة على عقود الادوية والمستلزمات الطبية المدعومة من كتل وجهات سياسية وبرلمانية وزير الصحة والبيئة علاء العلوان على تقديم استقالته الثانية إلى رئيس مجلس الوزراء.
وتأتي الاستقالة الثانية بعدما عانى وزير الصحة من تدخلات جهات سياسية متغلغلة في جميع دوائر القطاع الصحي. وكان قد قدم استقالته الاولى بداية العام الجاري ورفضها رئيس الحكومة عادل عبد المهدي.
وتعتقد لجنة الصحة البرلمانية أن الوزير لن يتراجع هذه المرة عن قرار الاستقالة، كاشفة انه اخبرها قبل اقل من شهر تقريبا عن عزمه تقديم استقالته الثانية بسبب مساعي هذه المافيات في الحصول على المال لتمويل مشاريعها السياسية والانتخابية.
وتتحدث عضو لجنة الصحة والبيئة في مجلس النواب سهام الموسوي لـ(المدى) ان "وزير الصحة والبيئة علاء العلوان اصطدم بحاجز التدخلات السياسية والابتزاز السياسي الذي منعه من تنفيذ رؤيته الستراتيجية لتصحيح مسار العمل وتحسين وتطوير الواقع الصحي في العراق".
وقدّم وزير الصحة والبيئة علاء العلوان استقالته إلى رئيس الوزراء يوم الخميس الماضي موضحا أن الاسباب التي دفعته إلى تقديم استقالته تتعلق بالعقبات وحالات الابتزاز التي تمارس ضده من قبل بعض الجهات.
وترى الموسوي ان "هذه التحديات والظروف والاجواء اعاقت عمل وزير الصحة وحالت دون تطبيق ستراتيجيته التي وضعها لتحسين القطاع الصحي في العراق"، لافتة إلى ان "هناك جهات سياسية استخدمت الاعلام لتسقيط الوزير".
وتقول عضوة لجنة الصحة ان "رئيس الحكومة سيقبل هذه الاستقالة التي تقدم بها وزير الصحة نهاية الاسبوع الماضي"، لافتة إلى ان "علاء العلوان كان كثيرا ما يردد موضوع تقديم استقالته في اجتماعاته التي تجمعه مع لجنة الصحة والبيئة النيابية".
وسبق لوزارة الصحة والبيئة ان اصدرت بيانا في شهر آذار الماضي قالت فيه إن الوزير علاء العلوان قدم استقالته إلى رئيس الوزراء قبل شهر بسبب ضغوط غير منصفة وتجاوزات وتدخلات سافرة في عمله وعقبات مستمرة لا تزال توضع لتمنعه من المضي في تنفيذ الرؤية وخارطة الطريق.
وكانت لجنة الصحة والبيئة بينت في وقت سابق أن اسباب استقالة وزير الصحة الاولى تعود للخروقات الكبيرة وشبهات فساد في عقود مرض اللوكيميا واستيراد اللقاحات فضلا عن استمراره في منصبه كمدير إقليمي للشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، والمدير العام المساعد لمنظمة الصحة العالمية في جنيف. وتوضح النائبة عن كتلة بدر البرلمانية: "هناك مافيات متغلغلة في وزارة الصحة تعمل لصالح كتل سياسية معينة ومعروفة استحوذت على جميع دوائر الوزارة منذ سنوات"، منوهة إلى ان "هذه الجهات السياسية اخذت تستخدم وزارة الصحة كمورد مهم لها لتمويل مشاريعها السياسية والانتخابية".
وتضيف النائبة الموسوي ان "هذه المافيات لم تترك وزارة الصحة تدار من قبل اي وزير يتم تكليفه"، مضيفة ان "هذه المافيات مسيطرة على عقود كيماديا (الشركة العامة لاستيراد وتسويق الادوية والمستلزمات الطبية) وجميع عقود وصفقات وزارة الصحة".
وتتابع أن "هذه الجهات السياسية ومافياتها لم يقتصر نفوذها وهيمنتها على الدوائر التابعة للوزارة في العاصمة بغداد بل امتدت تدخلاتها وسطوتها على جميع المواقع والمناصب في الدوائر الصحية بالمحافظات عبر مجالسها المحلية والمحافظين".
وتشير إلى ان "موازنة كيماديا تصل إلى اكثر من مليار ونصف المليار دولار لذلك تحاول هذه الجهات المتنفذة في الوزارة السيطرة على هذه العقود"، مبينة أن "هذه الجهات السياسية المتغلغلة في الوزارة يعرفها الجميع".
وتقول: "قبل اقل من شهر تقريبا واثناء زيارة لها مع رئيس لجنة الصحة والبيئة إلى مقر الوزارة كشف لنا الوزير علاء العلوان عن نيته تقديم استقالته من منصبه إلى رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي".
وتلفت إلى أن "وزير الصحة الحالي غير قادر بل بات عاجزا على اجراء مناقلة في المواقع والمناصب التابعة لوزارته"، مضيفة ان "الوزير لن يتراجع هذه المرة عن سحب استقالته رغم تمسك رئيس الحكومة به".
وفي السياق ذاته، اعتبر النائب احمد الجبوري في تغريدة له على توتير "استقالة وزير الصحة علاء العلوان دليل حرصه ونزاهته، وعدم تمسكه بالمنصب" معتبرا أن "هذه رسالة واضحة على ان الحكومة الحالية هي الأضعف والأفشل مقارنةً بالحكومات السابقة".
وكشف عضو لجنة الصحة والبيئة النيابية جواد الموسوي، وهو عضو تحالف سائرون في الخامس من شهر ايلول الجاري، عن عزمه تقديم طلب رسمي إلى رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي في أولى جلسات المجلس القادمة يتضمن استجواب وزير الصحة علاء العلوان، مشيرا إلى أن هناك ملفات كبيرة وخطيرة تخص عمل العلوان.
وبدوره يعلق عضو لجنة الصحة والبيئة في مجلس النواب عبد عون علاوي العبادي في تصريح لـ(المدى) عن اسباب استقالة وزير الصحة والبيئة الثانية قائلا انها "تعود للتركة الثقيلة التي ورثتها وزارته من الادارة السابقة"، معتقدا أن "الخلل يكمن في كيفية ادارة النظام داخل المؤسسة الصحية".
ويضيف ان "وزير الصحة كان يعاني خلال الاشهر الماضية من الضغوط الخدمية المتراكمة التي لم تتمكن وزارته من معالجتها وحلها بشكل جذري بسب قلة التخصيصات المالية والفساد المستشري في القطاع الصحي"، مضيفا أن "المحاصصة في توزيع المناصب داخل الوزارة لعبت دورا سيئا في عدم تحسين الواقع الصحي".
ويستبعد تحالف سائرون الذي يعد من اكثر الكتل البرلمانية انتقادا لوزير الصحة وجود استقالات جديدة في صفوف حكومة عبد المهدي، لافتا إلى ان "البرلمان يستعد لاستجواب عدد من الوزراء الذين لم يقدموا اي شيء ولم ينفذوا البرنامج الحكومي". وكان نائب رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب النائب محمد الغزي كشف لـ(المدى) في وقت سابق أن "هناك ستة طلبات قدمت إلى هيئة رئاسة مجلس النواب لاستجواب عدد من الوزراء"، مضيفاً أن رئاسة البرلمان أحالت هذه الطلبات إلى الدائرة البرلمانية لدراستها قبل البت بها.
ويقول النائب عن تحالف سائرون غايب العميري في تصريح لـ(المدى) ان "مجلس النواب سيبدأ عملية الاستجوابات لعدد من الوزراء المتلكئين في عملهم"، لافتا إلى ان "عدد الوزراء الذين ستتم اقالتهم يصل إلى خمسة وزراء تقريبا".
ويستبعد العميري تقديم وزراء آخرين في حكومة عادل عبد المهدي استقالتهم من مناصبهم على غرار ما فعله وزير الصحة علاء العلوان، مبينا ان "الحكومة ستعوض الوزراء المقالين بوزراء آخرين".