طلبة جامعيون: البرلمان يوافق على المنحة...  والحكومة تحجبها !

طلبة جامعيون: البرلمان يوافق على المنحة... والحكومة تحجبها !

الجمع بين الدراسة والعمل بات سمة ملازمة لطلبة الجامعات في العراق إذ تلجأ غالبية الطلبة، من مراحل دراسية مختلفة، إلى ممارسة المهن الحرة في ساعات المساء بعد انتهاء الدوام في الكليات، فيما يندفع آخرون إلى تأجيل دراستهم في الجامعات بعد حصولهم على فرص عمل ملائمة في الدوائر الرسمية باعتبارها فرصة ثمينة لا تعوض.
الوضع الاقتصادي السيئ وغياب فرص العمل للخريجين، يدفعان الطلاّب إلى التفتيش عن فسحة ما ريثما تتبدّل أوضاعهم، ويقول مرتضى طالب ماجستير: بعد أن فقدت الأمل بالحصول على وظيفة في اختصاصي، قررت إكمال دراستي العالية، كما دخلت في مشروع مشترك مع احد أصدقاء الدراسة، واليوم، أعمل سائق سيارة نقل في بغداد.
يصف مرتضى حظه بالجيد لأنه استطاع إكمال دراسته، ولم يجد أهله "في عمل أولادهم فرصة مناسبة لتوفير دخل إضافي للعائلة". هذا الحظ، لا يحول دون شعوره بالحرج بسبب عمله الذي يدفعه إلى الابتعاد عن بعض الشوارع حيث تكثر معارفه، ويقول: أتجنب التوقف في المناطق التي تنتظر فيها زميلاتي سيارات النقل العام. الفتيات في الجامعة ينظرن باستعلاء إلى السائقين.
وتتنوع الهموم التي تحكم حياة الطلاب في العراق، وترى رسل طالبة في السنة الأخيرة في كلية التربية أن المشكلة تكمن في صعوبة الربط بين الدراسة النظرية والواقع العملي للاختصاص. وتوضح: "الكتب التي ندرسها لا علاقة لها بالمناهج الدراسية التي من المفترض ان ندرسها بعد التخرج".
جيوش المتخرجين من الجامعات العراقية المختلفة ، والتي تتفاخر وزارة التعليم العالي باستحداثها كليات وأقساما علمية جديدة ، وإضافة تخصصات فريدة ، يصطدمون بعدها بان اختصاصاتهم "النادرة"، لا مكان لها في العراق ، وأحيانا جهات إدارية في مؤسسات الدولة لا تعرف معنى بعض الشهادات التي يحملها الطلاب، ولا حتى طريقة توظيفها والإفادة منها!
حدثني احد الأصدقاء في إحدى المرات عن مهندس بدرجة مدير عام في وزارة النفط ، لم يكن يعرف معنى تخصصي ولا يملك فكرة عن كيفية الإفادة من شهادتي، وقال لي " وين أعيْنك؟"، الخريج كان يحمل شهادة الهندسة اختصاص "الميكاترونكس"، وهو اختصاص حديث ويعالج الأجهزة الميكانيكية بطرق الكترونية. والأمر ينسحب على تخصصات الليزر والبيئة وخريجي العلوم السياسية وأقسام من الآداب، حيث يختفي خريجوها من على خارطة "التوظيف".
أرقام وبيانات وزارتي التخطيط والعمل والشؤون الاجتماعية حول البطالة، التي تتضارب بين المليون أو أكثر أو اقل، بنسبة حددت بنصف السكان أو ثلثه، المهم إنها أرقام "تخيف " الشباب ، وتزيد فكرة التخلي عن الدراسة والاتجاه إلى العمل ، وفي أحسن الأحوال يفكر أكثر المتفائلين باستقطاع بعض الوقت من الدراسة وتحويله إلى مسطر العمال!
حسن الطالب في كلية العلوم في جامعة بغداد، كان كثير التغيب عن الدوام، والزملاء دائمو السؤال عنه وعن سبب عدم انتظامه بالكلية. لم يكن الشاب يفارق قميصه الأزرق وبنطاله الرصاصي الذي اعتاد الطلبة على مشاهدته بهذا الزي بشكل يومي، ويأتي للمحاضرات ويغادر بسرعة وهو يحمل "كيساً" فيه بعض الملابس.
السر في اختفائه لم يكن إلا أن جرس العمل قد رنّ، حيث يقسم وقته بين الدراسة والعمل في البناء مع احد "الأسطوات" القريبين من المنطقة، الذي عرض عليه العمل معه نظرا لظروفه الصعبة .
حسن يشير إلى أن وضعه المادي والتزامه تجاه والدته وإخوانه اليتامى جعله بمثابة الأب، وهو بذلك يضحي بجزء من دراسته ، وبرفقة الأصدقاء وبحياة حرم منها تمتع بها أقرانه.
أمثال حسن كثيرون في الجامعات العراقية ، والأمر لا يقع حكرا على الذكور ، بل الإناث أيضا قد جبر البعض منهن على اللجوء إلى العمل .
ويعول الطلبة على المنحة التي اقرها مجلس النواب مؤخرا ،ولكنها لم تصل الى ايدي الطلاب حتى الآن. فيما يفكر بعد الطلبة بالخروج في تظاهرات للمطالبة بحقوقهم.
وكان المتحدث باسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قاسم محمد جبار قال في وقت سابق ، أن “وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، حددت مطلع السنة الدراسية في شهر تشرين الأول، موعدا لتوزيع المنح المالية الشهرية بين طلبة الجامعات والمعاهد، ما عدا طلبة المرحلة الأولى الذين سيكون موعد التوزيع عليهم في تشرين الثاني المقبل، وهذه المنحة تشمل جميع الطلبة دون استثناء.”
وأوضح المتحدث باسم الوزارة ان “المنح الشهرية من فئتين، فئة الـ 100 ألف دينار لطلبة الدراسات الجامعية الأولية وطلبة الكليات التقنية (البكالوريوس)، والمعاهد الفنية (الدبلوم الفني)، فيما الفئة الثانية هي الـ 150 الف دينار شهريا بين طلبة الدراسات العليا الدكتوراه والماجستير والدبلوم العالي أو ما يعادلها.”
وتابع “سيتم إيقاف صرف المنحة للطالب الذي يؤجل السنة الدراسية، والراسب للسنة المكررة فقط، والذي تبلغ نسبة غياباته الحد المسموح به”، مشيرا إلى أنه “سيتم تشكيل لجنة مشتركة من وزارة التعليم العالي ووزارة المالية، لتسهيل تنفيذ أحكام القانون ووضع الضوابط“.
في غضون ذلك، أشاد عدد من الطلبة بهذه القانون. وذكر الطالب احمد حسن في كلية العلوم جامعة بغداد، أن “قانون منحة الطالب من القوانين المهمة التي تعيننا على مواصلة دراستنا، على الرغم من أن مبلغ 100 ألف دينار قليل، إلا أنه سيوفر لنا الحد الأدنى من أجور النقل، كما سيشجع الطلبة على عدم تركهم دراستهم ومواصلتها”، لافتا إلى أن “كثيرا من الطلاب اليوم يتركون مقاعد الدراسة بسبب الظروف المعيشية الصعبة، وعدم قدرة الأهل على توفير أجور النقل كأبسط مطلب، ولا سيما أن هناك عوائل لديها أكثر من طالب، ولكن نأمل أن يطبق القانون بأسرع وقت، وان لا يلاقي أي تلكؤ، فالمشكلة دائما تظهر في التطبيق.”
من جانبها، أبدت الطالبة لمياء عبد القادر (طالبة ماجستير)، مخاوفها من عدم انتظام توزيع هذه المبالغ، إذ ذكرت أن “طلبة الماجستير كانوا يستلمون منحة مقدارها 50 ألف دينار كل شهر، والمشكلة لا تكمن في أن الـ 50 ألف غير كافية، بل المشكلة كانت في عدم توزيع هذا المبلغ بانتظام، فتمر 4 أشهر أو 5 ثم نتسلم وهكذا، فهناك تلكؤ حتى أن الطالب لا يعتمد عليها في أي شيء، لأنه لا يعرف متى يتسلمها، ونكمل الدراسة ونتخرج ونحن لا نعرف عدد الشهور التي تسلمنا فيها وكم هو المتبقي”، مستدركة بأن “القانون من القوانين المهمة، ونحن كطلبة فرحنا بالتصويت عليه؛ لكن نأمل بالتطبيق على أرض الواقع.”

تعليقات الزوار

  • سيدسعيد الطباطبائي

    والله تعبنه بس الحجي صار سنين يحجون بلمنح طلاب الجامعين اريد الفعل

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top