اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لماذا أُحب بريطانيا؟

لماذا أُحب بريطانيا؟

نشر في: 20 أكتوبر, 2012: 05:50 م

 هاشم العقابي

قرأت مرة في كتاب، أظنه "الشيعة والحاكمون" للكاتب محمد جواد مغنية، قولا منسوبا للإمام علي مفاده أن وطنك ليس مسقط رأسك، بل الأرض التي أقلتك وكرمتك. كنت ما زلت بالعراق يوم قرأته. ومن حينها صرت أحلم بتلك الأرض. ومنذ الأيام الأولى لوصولي إلى بريطانيا في عام 1983 أحسست بأنني فعلا أمشي على أرض حسبها الإمام علي وطنا. إحساس، لا يقبل الشك، بأنه كان حبا من النوع الذي يولد من أول نظرة. أو ليس قلب العاشق دليله؟
واليوم بعد أن قضيت نصف عمري في بريطانيا، الذي عشت نصفه الآخر في العراق، جلست مع نفسي أسائلها: لماذا أحببت بريطانيا؟ مسكت قلمي وبدأت أعدد الأسباب فوصل العد إلى 25 سببا وما زلت أعد. راجعت الأسباب فتذكرت رسالة من صديق طفولة وصلتني ذات يوم من العراق ردا على رسالة بعثتها له مستفسرا عن أحواله، فأجابني انه بخير ولا ينقصه غير وطن. ياله من نقص يهد الحيل يا صديقي.
لا أريد أن أستعرض جميع تلك الأسباب، التي بعضها عام والآخر خاص. وفي الحب يتداخل العام مع الخاص كما تعلمون. لكني سأمر على بعضها في أمل أن تقع بيد "من يهمه الأمر" فيجد بها ما ينتفع به. فمن الأسباب العامة:
1- إن كل شيء في بريطانيا يجعل حياة الإنسان متكاملة لأن الدولة تكفل توفير الحاجات الأساسية لكل مواطن دون حساب للونه أو عرقه أو معتقده.
2- نظام الرعاية الاجتماعية واحد من بين أرقى النظم في العالم. فالتعليم مجاني وكذلك العلاج وصرف المساعدات المالية للعاطلين عن العمل وتوفير سكن ملائم لكل من يصعب عليه إيجاد سقف يؤويه.
3- بريطانيا لا تحترم حقوق الإنسان فقط، بل تقدسها. وهل هناك ما هو أحب من دولة فيها  الحقوق مكفولة ومقدسة أيضا؟
4- في بريطانيا تجد أن "نعم" تعني نعم، و "لا" تعني لا. والحر تكفيه الإشارة.
أما في  الخاص، فاني أحببتها لأسباب كثيرة من بينها:
1- يوم مات ولدي علي في العام 1986 كان كل من ألتقيه أو احتاجه يشعرني وكأن ابني ابنه. كل من في الشارع الذي أنا فيه شاركني الحزن والدمع بلا رياء أو مجاملة أو كذب وشماتة.
2- في العام 1994 تعرضت لمشكلة في بلد عربي لأسباب طائفية محضة، رغم أني علماني. اتصلت بالسفارة البريطانية فحضر القنصل البريطاني بنفسه على الفور فعاملني بطريقة "في آي بي". اعتذر الطرف الآخر فشكرت القنصل، الذي رد علي بكل صدق: انه واجبي.
3- أشد ما ملأني عشقا لهذا البلد هو العدل الذي فيه. فالسلطة القضائية حقا سيدة السلطات. لقد تعرضت قبل خمسة أعوام لحادثة صرت فيها ضحية لعصابة نصب دولية من المزورين وغسّالي الأموال. كانت الجريمة متقنة باحتراف. لكن، وبعد تحريات عميقة من قبل الشرطة البريطانية، ثبتت براءتي فلذت بالقضاء البريطاني، وأنعم به من قضاء. لقد تمكن القضاء العادل من تشخيص أسباب دوافع الجريمة وحكم على الجاني بان يدفع لي تعويضا مجزيا. ورغم ان الجاني ما زال يتحايل هربا من دفع التعويض لحد الآن، إلا أن القضاء  ما زال يطارده.  كل من عرف تفاصيل القضية واطلع على وثائقها كان رده عليّ: احمد الله انك لست بالعراق. قصة عدل انتظر إسدال الستارة على فصلها الأخير لأخرجها في كتاب موثق.
الحب جميل، لكنه سيصبح أجمل وألذ لو كان الحبيب عادلا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. فاروق الشمري

    ياسيدي لك كل الحق ان تحب بريطانيا....فهناك مقوله للامام علي.. يقول فيها --الغنى في الغربة وطن والفقر في الوطن غربه-- قد يضن البعض ان المقصود في الغنى هو المال ولكن ماذكرته في نقاطك هذه هو الغنى بعينه...ما قيمه المال مع الخوف وعدم الشعور بالامان وفقدان ا

  2. لوسين

    استاذي الفاضل احيانا وانا اتصفح جريدة المدى امر على المقالات ويدفعني الفضول لاقرا سلاما ياعراق لهاشم العقابي اليوم حسدت بريطانيا يااخي ماهذا الحب بل العشق والشغف ببريطانيا كنت اتمنى ان يكون للعراق نقطة واحدة ليس سطرا بل نقطة شبيهة بالصفر اليس هذا اجحافا

  3. Sherzad

    One day in 1966 I was returning from Mosel to Baghdad for a short university holiday. In the train I was talking with my friend Hassan in Kurdish (he is now the head of Kirkuk university) and suddenly two or three passengers behinds us started shouting a

يحدث الآن

طلب 25 مليونا لغلق قضية متهم بالمخدرات.. النزاهة تضبط منتحل صفة بـ"موقع حساس"

أسعار صرف الدولار في العراق

محاولات حكومية لانتشال الصناعة العراقية من الاستيراد.. هل ينجح الدعم المحلي؟

اكتشاف مقابر جماعية جديدة في الأنبار تفضح فظائع داعش بحق الأبرياء

فوائد "مذهلة" لممارسة اليوغا خلال الحمل

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: نائب ونائم !!

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

 علي حسين تهلّ علينا النائبة عالية نصيف كلَّ يوم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والصحف والفضائيات، ويتعاطى العراقيون جرعاتٍ مسكنةً من التصريحات التي يطلقها بعض النواب، حيث يظهرون بالصورة والصوت ليعلوان أن المحاصصة...
علي حسين

كلاكيت: عشرة أعوام على رحيل رينيه

 علاء المفرجي في الذكرى العاشرة لرحيل شاهد عصر الموجة الفرنسية الجديد، التيار الذي شكّل حدثاُ مفصلياً في تاريخ السينما ألان رينيه الفرنسي الذي فرض حضوره القوي في المشهد السينمائي بقوة خلال تسعة عقود...
علاء المفرجي

نحو هندسة للتوافق التنموي

ثامر الهيمص وليكن نظرك في عمارة الارض، ابلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لان ذلك لا يدرك الا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة اخرب البلاد، واهلك العباد ولم يستقم امره الا قليلا. في...
ثامر الهيمص

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

رشيد الخيون أقام ديوان الكوفة بلندن(1993) أسبوعاً عنوانه "التُّراث الحي في حضارة وادي الرّافدين"، ففاجأنا دكتور بعلم الأحياء، معترضاً على إحياء "الأصنام"، وبينها كَوديا. لم نأخذه على محمل الجد، حتى كسرت "طالبان" تمثالي بوذا(مارس2001)،...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram