لم اكن ارغب في كتابة هذه السطور، ولكنني مثل غيري من الكُتاب، نجد انفسنا مجبرين لأن نقول وبصراحة : هل يتحمل الائتلاف الوطني مسؤولية اربع سنوات عجاف جديدة؟
اليوم يواجه الائتلاف امتحانا حقيقيا وجادا، وهو ما يتطلب من قادته التحلي بأقصى قدر من الإحساس بالمسؤولية، السياسية والأخلاقية، لإبطال مفعول اللغم الذي زرعه المالكي تحت أقدام الجميع، ويخطئ الائتلاف كثيرا إذا اعتقد ان الخلاف مع المالكي هو خلاف مع الشيعة، وان المطالبة بتغيير رئيس مجلس الوزراء، هو محاولة لاقصاء الائتلاف الوطني، او انه انتقاص من شعبيته، ولهذا اعتقد ان هناك فرصة حقيقية اخيرة ليتصرف الائتلاف بروح المسؤولية الوطنية، فيما يتعلق بمطالب الاطراف الاخرى بالعملية السياسية، خصوصا أن الحلول لا تتطلب أكثر من احترام التعهدات التي وقع عليها المالكي نفسه عام 2010 وبالتأكيد لو ان هذا الامر تم بالوجه الصحيح سينقل الكرة إلى ملعب الاطراف الاخرى التي عليها ايضا ان تدرك جيدا أن الأوضاع في البلاد لا تتحمل شحناً طائفياً ولا مغامرات سياسية على حساب امن الناس واستقرارهم.
اعرف وكما يعرف السادة قادة الائتلاف الوطني ان السيد المالكي لم يستوعب بعد، فكرة أن التغيير الذي حصل عام 2003، يعني في المقام الأول التخلي عن عقل احتكار السلطة، وان العملية السياسية لم تعد تحتمل جدالا من نوع: هل تحبني أم تكرهني؟ وهل أنت مع الشيعة أم تدافع عن السنة، اعتقد ان السؤال اليوم هو في كيفية صناعة نظام ديمقراطي بعد عقود من السلطة المطلقة؟ وهكذا سؤال يتطلب من قادة الائتلاف الوطني ان يضمنوا للعراقيين جميعا بلا استثناء، مبادئ العدل والمساواة، وان يدركوا ان الحكم لا يعني الحصول على الامتيازات، واستعراض العضلات، وممارسة لعبة الشحن الطائفي.
في هذه اللحظات العصيبة يحتاج العراقيون إلى سياسيين شجعان لا يمارسون لعبة قذف التهم بينهم، ولا تعليق المشاكل على شماعات وهمية.. هذه مسؤوليات لا تحتاج إلى دفاع عن المخطئ لتقويته أو لحمايته ، فالامر في النهاية يتحول الى لعب بالنار. والخطأ يولد خطأً اكبر، على الائتلاف الوطني ان لا يتصور انه يجلس في مقاعد المتفرجين، انه جزء أساس فيما يجري، ، وعليه ان يقف موقفا ثابتا ضد كل من يريد ان يحرق العراق او ان يذهب به الى خيار التقسيم، فأهم من ان يفوز فلان في هذا الصراع، هو ان نطمئن على العراق وعلى مستقبله وعلى مصيره، واهم من ان يطمئن البعض على استمراره المالكي في ولاية ثالثة ورابعة، هو ان نطمئن جميعا على امن البلد واستقراره ومستقبله.
على قادة الائتلاف ان لا يواصلوا لعبة الاستمتاع بروايات المالكي فقط.. فمهمتهم اليوم ان يقرأوا الأحداث كما هي مرسومة بعيون جميع العراقيين سنة وشيعة، عربا وكرداً، مسلمين ومسيحيين، صابئة وايزيديين.. على الائتلاف ان يدرك ان مسؤوليته الحقيقية أن يكون ائتلافاً لكل العراقيين وليس ناطقاً باسم المالكي، والشجاعة تقتضي مواجهة الجميع بالحقائق لا التخفي تحت أغطية عاطفية أو ملابس طائفية سرعان ما نكتشف انها منتهية الصلاحية.
اليوم علينا ان نعمل جميعا على تفكيك بنية الكيانات الطائفية التي قادتنا إلى ان نعيش في كارثة متواصلة، والتي أجهضت كل آمالنا وأحلامنا بدولة مؤسسات.
في انتخابات 2005 وبعدها انتخابات 2010 التي جرى تخطيطها وتصميمها طائفياً، اكتشف الناس ولو متأخرين أن سياسيي الطوائف لم يقدموا خلال هذه السنوات الماضية سوى أداء كاريكاتيري مضحك، وأن مرشحيهم كانوا يُخبّئون دول الجوار تحت ثيابهم، وظلوا حتى هذه اللحظة شركاء في تدمير الوطنية العراقية.
لا حدود في جمهوريات الطوائف والمذاهب، لأي شيء سوى المصالح الضيقة، وهذه تصورات واهمة.. لأن المصالح العليا هي المواطن العراقي الذي يجب أن يشعر بالأمان والكرامة والحرية والعدالة قبل الائتلافات والتحزبات الطائفية.
المواطن هو الأمن والمستقبل في الدول الديمقراطية.. حيث لا يتعلم الشعب الديمقراطية ولا الوطنية من تجمعات طائفية ، وخطب وأناشيد عن نصرة " المذهب " وهتافات "أخذنا وياك للموت."
إذا لم يدرك قادة الائتلاف في هذه اللحظة أن مصلحة البلاد ليست فى كيان طائفي أو فى تمكين اشخاص معينين من التحكم بشؤون العباد .. فإن " ايامنا السود " لن تنتهى ابدا .
الى التحالف الوطني.. الدولة ليست غنيمة
[post-views]
نشر في: 12 مايو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
علي العراقي
احسنتوالله يااستاذ الان نحتاج مثل هذا الخطاب وياليت يسمعون وهم اميون يكل شبء الا الطائفية تشدهم وشيطانهم ي ازهم ازا
عابر سبيل
كل الاحترام لاستاذ الكاتب واريد ان اسأله ماذا تعني الاغلبية في النظم الديمقراطية ؟ هل حكومة الشراكة ( كما معمول به في العراق ) تعني ان تشاركني في المناصب والمكاسب وتعمل على هدم ما تم بناءه كما هو الحال الان .. بعض الاطراف ان تعطيه يريد المزيد وان تحاسبه ي