بعد ان كانت القراءة جزءا لا يتجزأ من المجتمع العراقي وأصبحت متجذرة فيه، إضافة إلى انه أول بلد اخترع الكتابة، لكن في هذه الأيام تراجعت فكرة تحدي أفضل عشرة كتب ، أمام فكرة تحدي دلو الماء المثلج، فانحسرت الفكرة الأولى بين نخبة محدودة وبين شباب معدودين،
بعد ان كانت القراءة جزءا لا يتجزأ من المجتمع العراقي وأصبحت متجذرة فيه، إضافة إلى انه أول بلد اخترع الكتابة، لكن في هذه الأيام تراجعت فكرة تحدي أفضل عشرة كتب ، أمام فكرة تحدي دلو الماء المثلج، فانحسرت الفكرة الأولى بين نخبة محدودة وبين شباب معدودين، عكس ما هي عليه فكرة الماء المثلج.
أصبحت المعرفة خطرا حقيقيا في زمن التغريدة
يرى الكاتب والشاعر علي رياض "أصبح عدد كبير من الشباب أسرى لمواقع التواصل الاجتماعي في ظل ثورة الاتصالات التكنولوجية الكبرى، فهم ابتعدوا عن الواقع كثيرا نتيجة لحياتهم الافتراضية"، ويكمل إن "تحدي دلو الثلج كان رسالة إنسانية راقية تحمل قدرا كبيرا من المتعة يوازيه القدر الإنساني في هذه المبادرة، وقد حققت نتائج مهمة بجمع مبالغ ضخمة للمنظمة التي أطلقت الحملة، لكن شيوعها كان مفرغا من محتواه في العراق وبعض دول الشرق الأوسط الأخرى، لأن عمل المنظمة لا يصل لهذه المناطق والمشاركون بالتحدي في دول الشرق الأوسط لم يفكروا بالتبرع أصلاً، بل كانت غايتهم مقتصرة على المتعة التي لم يجدوها بتحدي الكتب".
وتابع رياض متأسفاً إن "نسبة كبيرة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي لم يكملوا عشرة كتب في حياتهم، ما يسبب لهم إحراجاً في حال دخولهم منافسة تحدي الكتب فالمعرفة أصبحت خطرا حقيقيا في زمن التغريدة"، معتبراً إن "تحدي الكتب فرصة للتعرف على الكتب المهمة التي أثرت بأصدقائي أو حتى المشاركين الذي لم اعرفهم عن طريق اتباع الوسم (الهاشتاك)، الذي قامت عليه الحملة، فملأت جعبتي بعناوين جديدة".
وبخصوص الكُتّاب الذين تأثر بهم قال "كانت بدايتي مع القراءة شعرية، مع الشاعرين سعدي يوسف وسركون بولص، ولكن أهم ما قرأته في حياتي هي مؤلفات ألبير كامو الأدبية التي خلطت الفلسفة بالأدب في اطار جمالي ساحر"، وعن آخر كتاب قرأه أفاد "آخر كتاب قرأته هي رواية "أورا" للمكسيكي كارلوس فوينتس وهناك بعض الكتب الآن على رفّي تنتظر القراءة".
نفكر بتحدٍ أعمق قليلاً
وتقول الناشطة المدنية رقية فوزي "من المؤكد يوجد فرق بين تحدي الماء المثلج من اجل جمع التبرعات لمكافحة مرض التصلب العضلي الجانبي وهي حملة تم الترويج لها بوسائل الإعلام العالمية وتحدي أفضل عشرة كتب أثرت في حياتك، والذي تم اخذ فكرته من الاول مع بعض التحوير عليه بما يناسب مجتمعنا حيث الأوضاع السيئة التي نمر بها وانعكست سلباً على واقع القراءة ، لذلك نشر التحدي بعض الشباب المهتم بالقراءة على مواقع التواصل الاجتماعي فقط للتشجيع على القراءة، ومعرفة عناوين الكتب التي أثرت في حياة أصدقائي".
أما عن قراءاتها الحالية فأفادت "في الوقت الحالي اقرأ كتاب "لاهوت السياسة" للدكتور رشيد الخيون، ومن الكُتّاب الذين أثروا في حياتي، نزار قباني وأحلام مستغانمي ، ثم بعد ذلك قرأت كتب علي الوردي ثم بعد ذلك اتجهت لنوال السعداوي، وهم اكثر كتّاب غيروا تفكيري ، والان أصبحت اهتماماتي علمية لذلك احب كثيراً مشاهدة الافلام الوثائقية العلمية".
استطعت التعرف على ميول الأصدقاء
هذا ما استفادت منه الشاعرة آية منصور وتبين: "كان أمر تحدي الكتب عبر الفيس بوك رائعا، اذ لا يزال قائما حتى اللحظة حيث تعج صفحتي الشخصية بمئات العناوين والأسماء، وكما ان الكتاب مرآة لفكر القارئ، فاستطعت التعرف على ميول العديد من الأصدقاء، ومحاولة الاستفادة من العناوين التي لم يحالفني الحظ لقراءتها مسبقا، لعلها تترك اثراً كما تركت لأصدقائي".
وتعتقد منصور إن "المسألة قد تكون مخيبة للآمال، ونحن نرى عشرات المتوافدين لنيل تحد للماء، مجاراة وتأثراً بالمشاهير لا غير، حتى إن البعض منهم يجهل سبب قيام هذا التحدي، فقط لكونه شاهد نجمه المفضل يفعل هذا الأمر وقد اصبح تقليديا بشكل كبير، لذلك فان تحدي الكتب كان حصراً لدائرة المهتمين بالقراءة لأجل الكتاب لا الكاتب وان كان من المشاهير وهذا ما يميزه عن تحدي الثلج الذي كان عشوائيا، ورغم ذلك انا ارى ما حصل تحديا حقيقيا وان مارسته شريحة معينة، لأنه ورغم قلة المتبارين للكتاب، الا انهم كانوا أوفياء للكتاب فقط".
وبخصوص افضل الكتب التي قرأتها وآخر كتاب تقرأه والكُتّاب الذين اثروا في حياتها، قالت "كل كتاب هو رائع، لطالما تمكن شخص ما من الإمساك به وأيقظ شعلة المتابعة والمطالعة لذهنه، لذلك انا اشعر بامتنان لكل كتاب قرأته، وحاولت اقتناص معلومة، تجربة او حياة منه، وانا أقوم الآن بقراءة "قواعد العشق الأربعون" لأليف شفاق، حيث كانت احدى الروايات المشاركة بقوة في تحدي الكتاب، وهذي هي احدى فوائد التحدي، اذ أثارت فضولي لمعرفة سبب تهافت الأصدقاء على قراءتها وتأثيرها عليهم بهذا الشكل، كل كاتب قام بمشاركتي لأفكاره، من خلال بضعة حروف تجمعت على شكل كتاب، انحني له، قرأت لكثيرين، لكن سنان انطون اكثر من كان يستطيع التلاعب بكمية الدمع الفار من عيني".
نحن جيلٌ ﻻ يقرأ
وترى الشاعرة شمم بيرم إن "فكرة تحدي الماء المثلج أخذت صدى أوسع من فكرة تحدي افضل عشرة كتب لأننا جيل لا يقرأ، فلو قمنا بأخذ عشرة أشخاص وقمنا بعمل استبيان حول القراءة سنجد إن اربعة أشخاص فقط هم من يقرأون بينما الستة الآخرون منهم يستخدمون اﻻنترنت بشكل يومي ومتواصل ومتابعه حثيثة ما يؤدي الى انتشار ظاهره الثلج مقارنه بقراءه الكتب"، وعن اهمال بعض الشباب لهذه الفكرة ولعملية التحدي تقول بيرم "المواطن العراقي ليس هو الوحيد المتهم بإهماله للقراءة فإن نمو شبكه المعلومات الهائل ادى الى جذب اﻻشخاص لأخذ المعلومة بطريقة اسرع وابسط من خلال المواقع اﻻجتماعية والمواقع الاخرى حيث باتوا يعتبرون ان الكتاب اصبح وسيله ايصال بطيئة ومكلفه في حين ان الشبكه العنكبوتية تقوم بإيصال ذات المعلومة بزمن اقصر و بطريقة مجانية.
وعن افضل الكتب التي أثرت في حياتها قالت شمم بيرم "لكل كتاب بصمه في النفس حتى ابسط الكتب، حاليا انا اقرأ كتاب "لقيطة اسطنبول" لـ "اليف شافاق"، اما عن الكتّاب الذين اهتم برصد جميع مؤلفاتهم فهناك الكثير ولكن ابرزهم جين ساسون واحلام مستغانمي".
فرصة مناسبة لمعرفة التحولات الفكرية للشباب
وتعتقد الإعلامية نور القيسي إن "هذه التحديات هي أفكار جميلة يساهم بها الجميع ففكرة تحدي دلو الماء المثلج أخذت صدى واسعا اكثر من تحدي الكتب بسبب قدرة صاحب الفكرة على تسويق فكرته، وهو للاسف ما نفتقر له في العالم العربي وفي العراق بشكل خاص"، وتقول إننا "نفتقر لتسويق أفكارنا وإبداعاتنا ونفتقر لصناعة النجوم ودعمهم بل اننا نادرا ما نحتفي بمبدع وحتى ان احتفلنا يكون احتفالا خجولا ومملا أحيانا كثيرة ومحصور ضمن نفس الأوجه".
وتفيد القيسي "بالنسبة لتحدي افضل عشرة كتب وجدت فيه فرصة مناسبه لمعرفة التحولات الفكرية التي طرأت على الآخر، والاهم من ذلك هو مشاركة الاخرين تجاربنا الشخصية الأكثر أهمية والتي مازالت هي المؤثر الذي يحركنا.
وبخصوص الكتب التي تأثرت بها قالت "الأمير الصغير لاكزوبري، وحفيدة السيد لين فيليب كلوديل، وموسوعة الجنس عند العرب، وانيشتاين في بغداد، و أزهار الشر لبودلير، ومذكرات ايفالونوفا لايزابيل اللندي، وملحمة كلكامش، عشتار ومأساة تموز، والأسطورة والتراث، وطواسين الحلاج وديوان ابن الفارض، والمجموعة الشعرية الكاملة للسياب، والجسد والمجتمع رجاء بن سلامة"، أما آخر كتاب قرأته فهو رواية برهان العسل للكاتبة السورية النعيمي وحاليا اقرأ أصابع لوليتا لواسيني الاعرج".
مناهجنا التعليمية قاصرة وذات نشأة تقليدية
وتفيد الناشطة المدنية ورئيسة منظمة أمل هناء أدور، "بخصوص فكرة تحدي الماء المثلج بأن الشباب يبحثون عن مجال للتنفيس الجماعي وليس الفردي عن طريق قراءة كتاب وهذه عملية تشويق فهم يتطلعون للإثارة اكثر مما يتطلعون الى المعرفة العلمية"، وتشير "هذه ظاهرة أصبحت على مستوى العالم وليس على نطاق محدود بسبب التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي والتقليد وأصبحت منافسات وقلة من الشباب من يقرأ الكتب، وهذه مبررة في مجتمعات استهلاكية تتطلع لأضواء الإثارة والإعلان".
وتعتقد أدور ان "التطور التكنولوجي في مجال النت والمعلوماتية سيكون له اثر ايجابي على مستقبل العراق فسابقاً كانت الكتب نادرة جداً ومن الصعوبة الحصول عليها، اما اليوم فهي متوفرة في النت ويستطيع اي شخص ان يحصل عليها بسهولة، وهذا ما سيكون له مفعول جيد على الأجيال القادمة ولكن كل هذا بحاجة الى وقت يصل ما لا يقل عن عشرين سنة".
من الكتّاب والمفكرين الذين أثروا بي هم "غائب طعمة فرمان، طه حسين، نجيب محفوظ، وفي زماننا ازدهرت الروايات الروسية لديستويفسكي وغوركي وتولستوي وبلفاك والفرنسي فيكتور هيغو، وتطورت الى مسائل فلسفية اخرى من ماركس وانجلز فكنا مهتمون بهذه الكتب"، وعن اكثر عشرة كتب أثرت في حياتها هي "اصل العائلة لأنجلز، وكل شيء هادئ في الجبهة الغريبة، وثلاثية نجيب محفوظ، والنخلة والجيران، ورواية الأم، والحرب والسلم، والدون الهادئ، والجريمة والعقاب، والأحمر والأسود، وبين مدينتين، والبؤساء"، واخر كتاب قرأته هو "موعد مع الموت، لعلي الشوك، والذي يؤرخ به حياة الشهيد كامل شياع".
اغلب المهتمين بالدراسة لا يهتمون للمعرفة
اما من الناحية الانثروبولوجية فيقول علاء حميد الباحث في مجال الانثروبولوجي إن "فكرة تحدي دلو الماء المثلج يحمل صورة سهلة واستهلاكها سريع عكس فكرة تحدي الكتاب فهذه الفكرة تحتاج الى قراءة وفكر وذهن وتركيز، فالمسألة بين الفكرتين هي بالخطوات والتأثير وفيها تقليد وليست نابعة من مجتمعنا اما تحدي الكتب فهي نابعة من مجتمع مارس القراءة لعدة قرون".
وزاد ان "جانب المعرفة لا يستطيع احد ان يتبناه، فالمجتمع العراقي الآن تغير عما كان عليه في السابق، فلو كان التحدي في سبعينات القرن الماضي لكان الأمر مختلفا بين الشباب، الوضع المعرفي الان مرتبط بمتغيرين الاول هو التكنولوجيا والخطوات القصيرة والسهلة للحصول على المعرفة اكثر اختصاراً لوجود النت الان، اما المتغير الاخر فالقضية يعتبرها اقتصادية فهي غير ملموسة بالنسبة له، والمفارقة ان اغلب المهتمين بالدراسة تجدهم لا يهتمون للمعرفة التي يحصلوها من الشهادة التي يحصل عليها بعد دراسة اربع سنوات"، مكملاً إن "هذا هو النكوص الاجتماعي وسببه سياسي بالدرجة الاولى، فالاستبداد يدفع الإنسان للبحث عن اقصر الطرق للحصول على حاجاته ويحدث جراء ذلك نوع من المصالح والمنفعة الخاصة".
ويشير "في النصف الثاني من القرن العشرين كان العراق منتجا للمعرفة بشكل كبير وحتى في مجالات اخرى غير المعرفة فمثلاً منتجه الصناعي كان يصل الى حد 12 بالمئة، اما الان فهو صفر!، وابسط الاشياء التي لم ينتبه اليها اغلب المهتمين ان نمط الشعر الشعبي كان جيدا تماماً ويختلف وظاهرة عزيز علي في المنولوج لا تظهر اليوم فهذه العوامل اثرت في المعرفة".
ويذكر إن افضل عشرة كتب قرأها في حياته هي "التراث والأسطورة، وكتاب عن حيات الرومي لباحث اميركي، وكتاب لماسينيون عن الحلاج، وكتاب حنا بطاطو عن العراق بثلاثة اجزاء، وكتاب تاريخ القرآن، ومهزلة العقل البشري"، ومن الكُتّاب الذين أثروا في حياتي هما "كيفورد جير وفؤاد زكريا والوردي اثر في فترة من حياتي"، واخر كتاب اقرأه هو "كما رآها العرب باعينهم للكاتب امين معلوف".
بيئة العراق المتقلبة ساهمت بتدمير البنية الثقافية
ويقول علي صباح طالب الماجستير كلية الادارة والاقتصاد جامعة بغداد "هناك عدة اسباب لاهتمام المواطن العراقي بفكرة تحدي الماء المثلج دون فكرة تحدي الكتب، فمن خلال دراستنا لسايكولوجية المجتمع العربي او الشرقي فهو تقليدي ويحب ان يقلد الآخر فيعتقد المواطن انه يستطيع ان يمثل الاخر، وتوجد شعوب في اميركا وأوروبا لم تهتم بها لانها منتجة وليست مقلدة، فالدول العربية هي مقلدة حتى في الفكر وليس في المظاهر فقط".
ويشير إلى إن "العراق كانت توجد فيه منظمات ساهمت في تطوير المنظومة الثقافية الفكرية ومنها الحركات اليسارية وهذه الحركات لا يمكن أن تنشأ ما لم تكن لها ثقافة، فتنجب الحركات المعارضة لها حركة ثقافية لتنافس هذه الحركات اليسارية، فحدث صراع ثقافي تنافسي ايجابي لمصلحة المعرفة، ولكن بعد غياب المعسكر الاشتراكي اليساري سيطرت العولمة على العالم وتعمدت أن تجرد الانسان من الثقافة لتسيطر عليه في ميادين اخرى، وركزت على تحويل العقل من العقل المعرفي الى الالكتروني لان العقل الالكتروني من السهولة السيطرة عليه عكس المعرفي لذلك يحدث تمرد".
وبخصوص غياب التراكم الثقافي في المجتمع قال إن "بيئة العراق بيئة متقلبة جداً فكل تقلب يعيد العراق الى الوراء، فبيئة السبعينات كانت فيها صراعات فكرية ثقافية متمثلة باحزاب يمينية ويسارية واسلامية ولكن بعد ان دخل العراق في دكتاتورية مقيتة ودخل في حرب مع الجارة ايران وتلا ذلك الحصار الاقتصادي وهدم البنى التحتية، فكل هذا ادى الى هدم البنى الثقافية، فالجيل الجديد يتعلم من الأجيال التي سبقته بأن المال هو الأساس ولا وجود للثقافة وتوجهه نحو الحصول على وظيفة، ففي ظل الاستبداد يتحول العقل من التثقيفي الى الادراكي (المحتجز).
وعن افضل عشرة كتب قرأها هي "رأس المال، ومسالة الدين، وهكذا تكلم زرادشت، وفتنة السلطة عواطف عربي شنقاور، والديانة الزرادشتية، و وهم الإله، ومدارات صوفية للمفكر هادي العلوي، واخر كتاب اقرأه هو استقليس الدراما الاغريقية"، ويقسم علي صباح الكتّاب الذين تأثر بهم الى ثلاث مراحل "تتمثل الاولى بالفلسفية مثل افلاطون وارسطو وسقراط، والوسطى بالرازي وابن سينا والحلاج، والاخيرة تتمثل بماركس وانجلز ولينين وهيغل، اما من الكتاب العراقيين الذين اثروا به فهم، المؤرخ عبد الرزاق الحسني والمفكر هادي العلوي، وعند العرب عباس محمود العقاد ومهدي العامل وحسين مروة".
تحدي الكتب .. خصوصية عراقية متجذرة
من جانبه افاد الكاتب والاكاديمي سعد سلوم إن "المنافسة بخصوص هذه الفكرة اخذت صدى داخل دائرة المثقفين وهي تفاعل متسلسل وفكرة موجه من شخص الى عدة اشخاص محددين وهي غير مطروحة بشكل عام"، وإن "تحدي الثلج دعوة عالمية، اما تحدي الكتب فأراها خصوصية عراقية، ونابعة من ظاهرة القراءة المحدودة وهي محاولة لاستعادة تقاليد سابقة وتقاليد لقراءة متجذرة وبدأت تتسع و تصغر وتكبر تدريجياً".
وأضاف أنا "اعتقد ان استمرارها مهم وكيف نستطيع ان نمرر التحدي للاخرين، ويرى ان "المستجيبين لهذا التحدي هم من يمثل الجسم الليبرالي للثقافة العراقية الذين اغلبهم منتجون وليسوا مستهلكين فهم يؤثرون على الراي العام ويظهرون في الفضائيات ويؤلفون".
وعن غلاء الكتب بالنسبة للمواطن المثقف ذي الدخل المحدود قال سلوم "انا ارى ان الجمهورمن القراء لا يحتاج الى دور نشر لان اغلب الكتب متوفرة في النت فالناشر الان هو حلقة زائدة لدى القارئ، فاليوم الخيارات متاحة ولا يوجد عنوان مستحيل ان نحصل عليه والقارئ يحتاج للمزاج والوقت وصفاء الذهن"، مستطرداً بالقول "ممن اثروا بي من الكُتّاب هم من وجهوا قراءتي للافضل فالكتب التي قرأتها هي التي كانت تتماشى مع مزاجنا النفسي ففي التسعينات كنا نقرأ الكتب الوجودية لسارتر وكولن ولسن والبيركامي لان المزاج النفسي كان يتلاءم معها لانها تمثل إحباط الانسان الاوروبي بعد الحرب العالمية الثانية ونحن كنا نعيش نفس الإحباط ومماثل، خاصة كتاب اللامنتمي لكولن ولسن وهو كتاب يمثل مدخلا لقراءة الأدب الغربي الحديث فهو يشرح الكتب التي تأثر بها كولن ولسن ومعظمها قدمها بطريقة جذابة من خلالها دخلت الى الأدب الغربي وتذوقت اعمال ديستويفسكي ومارسل بروست والبير كامي وسارتر واخرون"، اما الكاتب الاخر فهو صاحب كتاب قصة الفلسفة وولد يوروت كان هذا الكُتاب مهم موجه للقارئ العام ولكن طريقة كتابه الجذر التي جعلتني اهتم بالفلسفة".
ويضيف سلوم إن "أعمال عالم اللاهوت البروتستانتي بولتلش هي الكتب التي جعلتني اهتم باللاهوت، اضافة الى ديستويفسكي الذي جعلني اهتم بقضية الايمان المسيحي وكانت تؤثر على شخصيتي من الناحية الدينية، وكتاب صدام الحضارات انتونكتن وجهني لمعرفة اهمية الدين بالعلاقات الدولية والحياة اليومية، وكتاب الهوية القاتلة لأمين معلوف الذي استطاع ان يدفعني لاهمية التفكير في اهمية مسائل الهوية، واخيراً كتاب صحوة الشيعة لولي نصر جعلني اهتم بالمسألة الشيعية كعامل مهم او كرقم للمعادلة الاقليمية"، اما اخر كتاب قرأته فهو كنزاربا .