في العراق إرث من الرواية رغم التجارب الصعبة التي مر بها الروائي العراقي ،وإن الرواية الجديدة ستأخذ أبعادها لأنها تمكنت من استثمار كل أساليب الرواية الحديثة وما بعد الحداثة ، لأن الروائي العراقي ينقب ليخرج خزينه من المخيلة إلى الواقع باستق
في العراق إرث من الرواية رغم التجارب الصعبة التي مر بها الروائي العراقي ،وإن الرواية الجديدة ستأخذ أبعادها لأنها تمكنت من استثمار كل أساليب الرواية الحديثة وما بعد الحداثة ، لأن الروائي العراقي ينقب ليخرج خزينه من المخيلة إلى الواقع باستقلالية كبيرة.
هذا ما بدأ به الناقد العراقي ورئيس اتحاد الأدباء والكتّاب في العراق فاضل ثامر حديثه في الأمسية التي أقامها له اتحاد أدباء النجف للحديث عن (أحداث ما بعد 2003 في الرواية العراقية) التي قدمها رئيس اتحاد أدباء النجف الشاعر فارس حرام بادئاً قوله إن الأمسية اليوم تضيف ناقدا كبيرا ورجلا مثقفا يقف على رأس القيادة في مؤسسة اتحاد الأدباء في العراق وهي من المؤسسات التي تميزت بعد عام 2003..وأضاف :إن فاضل ثامر غني عن التعريف لكنه اليوم يقدم رؤيته عن الفن الروائي لما بعد عام 2003 التي شهدت تغيير النظام والتي حصلت فيها تغييرات كبيرة وتجاوزت الحلم الذي كان مقررا أن يكون إلى مرحلة فيها مصاعب وإرهاب حتى أن الأعداء تكالبوا على العراق،وهو ما انعكس على السردية العراقية وظهرت أعمال نالت جوائز عربية ،لذا فإننا اليوم نقف على انعكاس هذه الأحداث على النص الأدبي والسردي الروائي.
الناقد فاضل ثامر بدأ حديثه عن تاريخ الرواية العراقية وأثرها في الرواية العربية في زمن بدايتها عند مطلع القرن العشرين .وقال إن لدينا إرثاً في الرواية كما في الدول العربية وقدمنا نصوصا وأسماء وكشفا جديا للرواية الحديثة خاصة في الستينات من القرن الماضي..ويشير إلى أن الرواية العراقية في العقدين السبعيني والثمانيني تعرضت إلى الهيمنة من الحزب الواحد وفرض التعبوية رغم ان الكثير من النصوص فيها معاناة الفرد العراقي والاتجاه في بعضها إلى القناع والرمز تهربا من سلطة الحزب..ويشير الى ان التجربة كانت صعبة بعد سقوط النظام لأنها شهدت احتلالا أجنبيا للعراق مما سبب إشكالية سايكولوجية وأخلاقية واجتماعية وحصلت صدمة هائلة أربكت الوعي الروائي الذي لم يستطع الاستجابة السريعة للواقع .منوها الى ان الشعر استطاع ان يرد ويستجيب للوضع السياسي الجديد وأن يتفاعل .إلا ان العمل الروائي عمل معقد لا يمكن ان يعتمد على نفس الأساليب السردية السابقة في الواقعية الحديثة أو المناهج الكلاسيكية ،بل إن الروائي أحس بأنه بحاجة الى أساليب جديدة ،لذا ظهرت روايات تعتمد على الوثائق والعنف في الواقع الدموي وهو ما يعني الحاجة الى انتهاج أسلوب لمواجهة الحالة الجديدة من التعبير في المجتمع والذهنية .ويشير الى ان الروائي لا ينقل الواقع بل إنه ينقب في خزينه لإنتاج رؤى جديدة ويقدمه برؤية جديدة هي رؤية متخيلة وافتراضية تقترب من الواقع وتسبر أغواره ليسير بموازاة الواقع وباستقلال عنه بدرجة كبيرة .,ويواصل ثامر حديثه :ان الروائي العراقي بدأ يمسك بناصية الوعي ليعبّر عن المرحلة الدقيقة بأساليب وآليات جديدة لم تكن معتمدة ،وظهرت أعمال متميزة ومتطورة لروائيين عراقيين. ويشير ثامر إلى ان الحرب مؤثرة على النفسية العراقية وأن سقوط النظام المباد كان الناتج العرضي للاحتلال ،لكنه أدى الى تدمير الكثير من الأشياء،ورغم ذلك فإن المثقف العراقي لم ينزلق إلى ما يراد ان يحصل فقام برفض فكري وثقافي وسياسي للواقع الجديد..
الأمسية شهدت العديد من المداخلات بدأها الكاتب عارف الماضي بسؤال مفاده: هل تعتقد ان الرواية العراقية لها محاولات جادة للمساهمة في كبح الثقافات الطائفية والتخندق المذهبي والأيديولوجي والسلوكيات الغريبة التي مع الأسف انتشرت؟ هل تمكن في كتاباته الروائية التي صدرت ما بعد عام 2003 ان يكون محايدا للفن الروائي؟
الدكتور غازي زاهد أستاذ الادب والنقد في آداب جامعة الكوفة أكد ان الروائي العراقي في زمن ما قبل عام 2003 حاول الخروج عن رمزية الحزب من خلال استخدام الرمزية والقناع لأنه امام سلطة قوية وغاشمة قد تودي بحياة الروائي إذا ما أراد ان يتحدث عن أمر واقعي. ويسأل :الآن وبعد ان سقط النظام فإن الاديب العرقي والروائي العراقي تحديداً وجد نفسه في تناقض بين كل الاشياء والمسميات..فأين يقف هو الآن في أي مكان من احد المتناقضات التي قد تفرض عليه اختيار الأسلوب أو الفكرة؟
فيما تساءل الدكتور عقيل الخاقاني عميد كلية الآداب : هل يمكن ان ننتهي او نستخلص خصائص الرواية الجديدة ،وما هو الاختلاف عن الروايات الاخرى منذ بواكير الرواية الاولى وهي الخصائص الفنية والفكرية التي تميّز الرواية العراقية ما بعد عام 2003؟
وتداخل الروائي والأديب علي لفته سعيد بقوله :إن المحاضرة تحمل الكثير من الحسنات وتحمل الكثير من الفرح ،لكنها ايضا تحمل الكثير من الشجون..وأضاف : ما يهمنا ان نطرح الأسئلة وأولها:هل الدراسة شملت جميع الروايات العراقية التي صدرت بعد عام 2003 أو التي لها شأن بما حصل بعد هذا التأريخ؟ وأيضا هل يعني ان الرواية بعد عام 2003 كانت كإنتاج في مسح المحاضر أم كواقع تاريخي ، بمعنى ما صدر من روايات بعد هذا التاريخ ، وهل ما صدر بعد هذا التاريخ ولم تأخذ جانب الاحتلال مثلا هي دخلت في المسح ،لأن المحاضرة هي عنوان كتاب وليس محاضرة في اتحاد أدباء كأمسية..وأشار الى ان المحاضر تطرق الى بعض الروايات وراح ( يسولفها ) هل الرواية هي التي تمتلك حكاية أم هي من تمتلك مقومات البناء الرواسي السردي ،لأن بعض ما ذكر يحمل الكثير من الهنات في البناء..
أما الدكتور قاسم حسين صالح أستاذ في علم النفس فقال : ان لهتلر قول: أستطيع ان أقود جميع جيوش العالم لكني لا أستطيع ان أقود فصيلا من المثقفين! وأضاف ان المثقف الحقيقي هو المثقف القريب من الحقيقة لا قريبا من السلطة..وعبّر الدكتور صالح عن مخاوفه من غياب الاهتمام بالأدب وبالسرد خصوصا من الشباب وإن الجيل الحالي ربما يكون في الطريق الى ان يكون هو الجيل الأخير ،لأن الندوات والمحاضرات والأماسي تشهد غياب التواجد منهم ،وهو ما يعني الإفراغ الثقافي من الاهتمام بين شريحة الشباب وخاصة النساء.
الأستاذ الدكتور عبد الأمير زاهد رئيس مركز دراسات الكوفة في جامعة الكوفة دعا أيضا إلى دراسة المنجز السردي لما قبل هذا التاريخ ،لأنه ايضا منجز زاخر ،ولكنه أشكل على عدم وجود روايات تحاكي الانتفاضة الشعبانية ،وخاصة من كتّاب محافظة النجف التي فيها قصص وبطولات ربما تكون أكثر فنية في الموضوعة والفكرة ،لأن ما حصل كان كبيراً جداً.