اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > حقي الشبلي ودوره في تجذير الفن العراقي

حقي الشبلي ودوره في تجذير الفن العراقي

نشر في: 9 ديسمبر, 2009: 04:13 م

لطيف حسن حقي الشبلي ودوره في تجذير المسرح كان غير مرحب بهما للمسرح المعاصر ، من قبل المجتمع العراقي في اواخرالقرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ، وبعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة 1920 ، وتنصيب فيصل الاول ملكا عليها ، نزع المسرح عنه رداءة الكنسي الذي كان غالبا تقريبا على معظم النتاجات الفنية المتفرقة للمدارس المسيحية في الموصل وبغداد .
بداء المسرح الوافد مسيرته الشاقة في مد جذوره في التربة الثقافية العراقية البور ، كانت التقاليد والعادات القبلية والبدوية تقاوم بضراوة رياح التمدن الغربي ، و كل جديد في الحياة الذي هب عليها فجأة من كل جانب وصوب ، واشتدت وتيرته بعد التحرر من الحكم العثماني . دخل الغرامافون لأول مرة الى البيوت ليسمع النساء الخُدرالانغام والطرب ، وبنيت دور للسينما التي بثت السحر في الحيطان البيض ، فترى عليها بشرا وخيولا حية وقطارات تتحرك كما في الطبيعة ، واخذت العوائل تزور دور السينما في ايام محددة من ايام الاسبوع ، لتتمع وتشاهد في جو عائلي افلام شارلي شابلن وبدرلاما الصامتة ، و قصص الحب العذري ومشاهد الغزل والغرام ، التي كانت بطبيعة الحال محتشمة جدا بمقاييس زماننا هذا ، ويستمرافراد الاسرة لفترة طويلة يروون قصة الفيلم واحداثه لمعارفهم من الذين فاتتهم مشاهدته ، الى جانب مشاهدتهم للنشرة الاخبارية السينمائية التي كانت تقدم في بداية كل عرض ، ومتابعتهم من خلالها لمايجري من احداث في العالم . ارتفعت عاليا من كل مكان كلمة حرام ، من الجوامع والتكايا ، وخرجت فتاوى التحريم الكثيرة ، وأعتبروا ان كل هذا القادم من بدع الكفار في الغرب ، هو رجز من عمل الشيطان ونوع من مكائد ابليس لنشر الفساد في الامة الاسلامية ، مخالف لسنة الله وشروط التمسك بالدين الحنيف واداء فرائضه، وحذروا المؤمنين من الولوغ في لهوهذه الدنيا الفانية والانغماس في ملذاتها ومنكراتها، وانتشرت الرؤى التي تفسر ان مايحدث هو من علامات قدوم الساعة التي سيظهر فيها الاعور الدجال ، لتقوم القيامة ، وسيأتي بعدها يوم الحساب على مااقترفوه من خطايا في دنياهم ، ولن ينجو منهم من عذاب جهنم ويفوز بطيبات الجنة ، الا القليل الذي سار على الصراط المستقيم . وقد تعثر ت حركة النشاط المسرحي في العراق في الفترة مابين ( 1914 - 1918 ) عندما قامت وانتهت الحرب العالمية الاولى ، اذ منعت كافة العروض والنشاطات الجماهيرية ، الا ماكانت تقدمه المدارس المسيحية التي كانت تتمتع بأستقلالية خاصة وبعد الحرب ، في العشرينيات من القرن الماضي تشكلت النوادي الاجتماعية والثقافية ، كواجهات لحركات سياسية في الاساس لاسيما في الموصل ، حيث تشكل في عام 1921 ( النادي الادبي) الذي لعب دورا مهما في تأسيس الحركة المسرحية في العراق من خلال لجنته المسرحية . في نفس الفترة تشكل في بغداد عدد من الفرق التمثيلية ، كفرقة الحزب الوطني عام 1921 التي كانت تضم احمد الراوي وعبدالرحمن خضر . في هذه الاجواء ولد مايعتبر اب المسرح العراقي الحديث حقي الشبلي (1913 - 1985 ) ، والذي مسه جن المسرح منذ الطفولة بعدما مثل لاول مرة في فرقة جورج ابيض المصرية اثناء زيارتها العراق عام 1926. حقي الشبلي (1913 -1985 ) صعد على خشبة المسرح وهو في عمر ال12سنه ، حدث هذا بالمصادفة بعد ان اختاره جورج ابيض ضمن كومبارس مسرحية ( الملك اوديب ) التي قدمت على مسرح سينما الوطني (1) . تعلق الشبلي في المسرح بعد ذلك الى حد الهوس ، وساهم في كل النشاطات المسرحية اللاحقة التي كانت تقوم بها مدرسته ( ثانوية التفيض) ، وبرز في المسرحيات التي قدمتها وهي ( صلاح الدين الايوبي ) و ( فتح الاندلس) و ( في سبيل التاج ) و( هارون الرشيد ) ، وكان يشرف على هذه النشاطات آنذاك سيد حسين الصافي ، والمقريء محمود عبدالوهاب ، والحاج رؤوف الكرخي ، والدكتور سامي شوكت ، والدكتور فائق شاكر ، وعبدالوهاب العاني .. وآخرون (2) . عمل هذا الرعيل المربي والمتنور على غرس نبتة المسرح في نفوس طلبتهم الصغار ، تأثرا ومسايرة للنهضة الفكرية والثقافية التي كانت قائمة في مصر وبلاد الشام ‘ وكان من بين ابرز هؤلاء الطلاب الفتية حقي الشبلي ، الذي اقدم فيما بعدعلى اقناع عدد من رفاقه من الذين برزوا في هذه النشاطات على تشكيل ( الفرقة التمثيلية الوطنية ) ، وتقدموا في نيسان 1927 بطلب الاجازه الى الجهات المختصه . جاء في عريضة حقي الشبلي الموجهة الى وزارة الداخلية مايلي (( نحن الموقعين ادناه ، نخبة من الشبيبة العراقية ، قد اتفقنا على تشكيل فرقة تمثيلية تدعى ( الفرقة التمثيلية الوطنية ) وغايتها تعضيد المنافع الخيرة ورقي هذا الفن الجميل في العراق ، فالمرجو من معاليكم ان تتلطفوا علينا وتجيزوا لناتشكيلها ، وتعاضدونا على رقي هذا الفن الخيري النافع ، وسنستمر بعونه تعالى على هذا المشروع بصورة دائمة ، على اننا شكلنا في العراق فرقة تمثيلية حقيقية تعرض للشعب العراقي الكريم اجمل الروايات الاخلاقية والادبية والتي تبث فيهم روح الاخلاص )) (3). وفي النظام الداخلي للفرقة المرفق مع الطلب ، يعلن في المادة السادسة منها براءة الفرقة من أي نشاط سياسي(4). وبهذا حدد الشبلي نهج الفرقة اللاحق في طلب التأسيس ، والذي بقي وفيا له حتى مماته ، وهو بناء مسرح فني خالص ينأى تماما عن

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

"تقدم": خلو منصب رئيس البرلمان "عرقل" المضي بقانون العفو العام 

مقالات ذات صلة

غير مصنف

"تقدم": خلو منصب رئيس البرلمان "عرقل" المضي بقانون العفو العام 

خاص/ المدى رأى يحيى المحمدي، المتحدث باسم حزب تقدم، الذي يترأسه محمد الحلبوسي، اليوم الثلاثاء، أن غياب رئيس مجلس النواب احد الأسباب التي أدت الى تعطيل قانون العفو العام. وقال المحمدي، في حديث لـ(المدى):...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram