تعترف الحكومة اليمنية التي تشكلت بعد استيلاء الحوثيين على المفاصل المهمة في الدولة، بعجزها عن دفع رواتب موظفيها، فيما يتهاوى اقتصاد البلاد بشكل متسارع، وتكشف وزيرة الإعلام اليمنية عن غضب السعودية تجاه السلطات الحالية، لكنها تحاول التخفيف من حدته، فتصفه بأنه بمثابة تأنيب الأخ الأكبر للأصغر الذي يعيش في مفترق طرق، ويجب عليه أن يتخذ القرار السليم، ويساعد نفسه قبل أن يساعده الآخرون، وبالطبع فإن الغضب السعودي بما يعنيه من منع أي مساعدة مالية لصنعاء، والتوقف عن دور المانح الكريم، لم يأت من فراغ، وهو ناجم عن اتهام الرياض للرئيس عبدربه منصور هادي، بالتحالف مع الحوثيين وتقديم معلومات تضليلية.
تعتقد صنعاء أن موقف السعودية الأخير هو بمثابة تحذير للسياسيين اليمنيين، وجميع الأطراف الموقعة على اتفاق السلم والشراكة، بأن يأخذوا الاتفاق بجدية ويقوموا بتنفيذه بسرعة، حتى يُعاد الاعتبار للدولة، وتكون في وضع يسمح لمن يريد، وليس فقط للسعودية، بأن يساندها، وتأمل بأن هذه المرحلة ستنتهي بسلام، وأن "الشقيقة الكبرى" لن تتخلى عن اليمن، لأن نجاحه هو نجاح لها، وفيه استقرار للمنطقة، لكن لهجة التفاؤل هذه لم تمنع تدهور الأوضاع، حيث يتظاهر ناشطون ضد الوجود المسلح لجماعة الحوثيين، ورفضاً لدمج عناصرها في صفوف الجيش والأمن.
في الأثناء أثارت زيارة قادة حزب التجمع اليمني للإصلاح "إخوان مسلمين" لزعيم الحوثيين، موجة استياء واسعة بين أنصار الحزب، فاعتبروها خيانة لدماء الضحايا وإذعاناً لمنطق القوة الغاشمة، حتى أن الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، خاطبت قيادة حزبها بالقول "لو أنكم ذهبتم إلى صعدة قبل اجتياح صنعاء، لقلنا إنكم أصحاب حوار ومحترفو سياسة، أما الآن فأنتم مجرد عبيد للقوة الغاشمة"، بينما سارع حزب "المؤتمر الشعبي"، الذي يتزعمه الرئيس السابق علي صالح لانتهاز الفرصة، فبارك اللقاء واصفاً إياه بأنه خطوة في الاتجاه الصحيح، وينتظر مراقبون توقيع اتفاق بين الحوثيين والإخوان لتطبيع العلاقات بين الطرفين.
جنوباً تتزايد دعوات الانفصال، مع تهديد قادة الحراك الجنوبي بالتصعيد، وإغلاق الحدود مع الشمال بشكل نهائي، وشهدت عدن تظاهرات حاشدة بالتزامن مع ذكرى الاستقلال، سقط فيها قتلى وجرحى، ورفع المتظاهرون أعلام دولة الجنوب السابقة، ورددوا شعارات تطالب بالحرية والاستقلال، بينما حذرت صنعاء قادة الحراك الجنوبي، من الجنوح إلى العنف والاعتداء على المصالح الحكومية، وردت صنعاء على لسان عبد الهادي بالتهوين من خطر الحراك الانفصالي، وتأكيده أن الجنوبيين يدركون أن الحل العادل لقضيتهم، يكمن في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وليس في تمزيق الوطن والارتداد عن وحدته.
في حين يقاتل الحوثيون جماعة الإخوان، ويتفلت الجنوبيون للانفصال، ويواصل الرئيس المخلوع مناوراته في كل الاتجاهات، للحفاظ على حالة عدم الاستقرار، تقف الحكومة اليمنية الجديدة بمواجهة ظروف اقتصادية صعبة، وأوضاع سياسية مضطربة، ساعية لاستعادة سلطاتها الأمنية في مختلف مناطق البلاد، وإذا دققنا النظر في فوضى السلاح والولاءات للخارج التي تضرب اليمن، هي نفسها التي تتم اليوم في العراق وسوريا وليبيا ولبنان، يمكننا معرفة مستقبل هذه المنطقة من العالم.
طاسة وضايعة... اليمن نموذجاً
نشر في: 1 ديسمبر, 2014: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/Almada-logo.png)