بين الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أو قيادة الإخوان المسلمين كممثل للسنة، في مواجهة إيران الشيعية وبعض الدول العربية، يقف العالم حائراً تجاه سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي انتقل بلمح البصر، من رفضه مساواة المرأة بالرجل وهذا بديهي بالنسبة للغرب، إلى التأكيد أن العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي، تمثل هدفاً استراتيجياً لتركيا، ناضلت لتحقيقه طوال الخمسين عاماً الماضية والاعتراف بأن تلك العضوية إن تحققت ستضيف لبلاده الكثير، وبالمقابل فإنها ستعزز من التعددية الثقافية ومناخ التسامح، وهي أمور يقول إن أوروبا تحتاجها، وهي التي تشكل تركيا جزءَ لا يتجزأ منها تاريخياً وجغرافياً وثقافياً.
يزعم أردوغان أن تركيا، خلال فترة المفاوضات الخاصة بانضمامها إلى أوروبا، قامت بالعديد من الإصلاحات في المجالات كافة، وقطعت خطوات جادة في مسار الحريات والديموقراطيات والحقوق الأساسية، وأنها ستواصل بالسرعة نفسها تلك الإصلاحات، ويشدد على أهمية تخطّي العقبات السياسية التي تعترض طريق عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، وإعادة تحفيز وتنشيط الجهود المبذولة من أجل فتح العديد من ملفات التفاوض الخاصة بهذا الشأن، لكنه يتجاهل عن قصد أن المشكلة الكردية ما تزال عالقة بدون حلول منطقية، وأن العالم الأوروبي غير مستعد لقبول تركيا في صفوفه، وهي تمارس تفرقة بين مواطنيها، وتمنع مكونا رئيسا من مكونات الدولة، من ممارسة حقه في استخدام لغته والاعتزاز بثقافته وتقاليده، وتتعامل معه وكأنه في الدرجة الثانية بعد القومية التركية.
رغم اعترافه بحاجة تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فإنه وبعنجهية من يرى نفسه سلطاناً يرث أمجاد آل عثمان، ويستذكر فتوحاتهم لبعض مناطق أوروبا، ينتقد بأسلوب لاذع طريقة تعامل دول الاتحاد الأوروبي مع بلاده، ويشدد أن على الجميع التعامل مع تركيا تحت قيادته بشكل مختلف، وهو يصف القادة الأوروبيين بطواغيت الكبر، ويؤكد أن الجميع مضطرون للتعامل مع تركيا على أنها دولة لها جهد في تشكيل القرن الـ21، بقوتها الاقتصادية وسياستها الخارجية الفعالة، وأنه لا يحق لأي دولة أو شخص أو جهة دولية أن تشير إليها بكل كبر وغطرسة لترسم لنا طريقها، فلا يحق لأي شخص مهما كان أن يؤنب تركيا ويوبخها، وطبيعي أن يتلقى ردودا على هكذا تصريحات من سياسيين غربيين، أشاروا إلى معاناته من مشاكل كثيرة في بلاده، وأنه من الأفضل له أن يحل المشاكل في بلاده، بدلاً من أن يُصدر تعليقات حول سياسات بلاد أخرى.
بين رغبة الأتراك المستمرة منذ نصف قرن بالانضمام إلى أوروبا، لما يعود عليها من منافع، وبين رغبات أردوغان في استعادة أمجاد غابرة لامجال لاستعادتها في عالم اليوم، وهو يغلفها بنزعة للتسلط والتفرد بالحكم، وبما يقود في آخر الأمر، إلى ولادة دكتاتورية بغيضة في زمن اندثار الدكتاتوريات، تتخبط سياسات أنقره تجاه محيطها من جهة، فتشترط لمحاربة إرهاب داعش شن الحرب على النظام السوري، وكأن الشعب السوري منح أردوغان حق الوصاية عليه، لكنها تقف متفرجة على المجزرة التي يرتكبها الدواعش في كوباني لمجرد مناكفة الكرد، ومن جهة أخرى تجاه من ترغب اللحاق بركبهم، فيتعامل رئيسها مع الرؤساء الأوروبيين بفوقية غير مبررة، بينما تعيش البلاد أزمات تتوالد كالفطر، ليس أقلها ما يتم كشفه من ملفات فساد يرعاها السيد الرئيس والذين معه، فيما تستمر الأزمة الكردية وما يتعلق بها من تبعات، غير أن الواضح والمؤكد أن تركيا تسير بخطى ثابتة إلى الدكتاتورية التي يجتهد أردوغان بصناعتها.
تركيا الأوروبية أم العثمانية؟
نشر في: 2 ديسمبر, 2014: 09:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/Almada-logo.png)
جميع التعليقات 2
ابو سجاد
يااستاذ لماذا تلوم الاتراك بالقضية السورية اليس السوريين طلبوا من تركيا دعمهم كما طلب سنة العراق المساعدة هي ايضا فالعلة فينا نحن العرب عندما نتخاصم نذهب الى الغير لنجدتنا فلا تلم الجانب التركي بذلك وهذا تاريخ طويل الم يستنجدوا سنة العراق بالعثمانيين ابان
د عادل على
التناقض الجغرافى التاريخى مرض تركيا المزمن الدى لم يستطع اتانرك علاجه ولا الاسلام الامريكى يتمكن من ايجاد حل له يوافق عليه الترك باكثريه بسيطه----ان وجود قسم صغير جدا من اوروبا الجغرافيه لايجعل تركيا جزء من اوروبا التى لاتحب الاسلام والمسلمين-والد اعداء