TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الحرب ضد داعش عالمية وطويلة

الحرب ضد داعش عالمية وطويلة

نشر في: 7 ديسمبر, 2014: 09:01 م

يتفق الجميع ويؤكدون، وآخرهم العاهل الأردني عبد الله الثاني، أن الضربات الجوية ضد تنظيم وعناصر داعش مهمة جداً، ويتعامل الكل مع هذا التنظيم الإرهابي، على اعتبار اختلاف وضعه بين سوريا والعراق، حيث يتم التعاطي معه من خلال الحكومة العراقية وبالتعاون معها، وتتم ملاحقته جواً في سوريا بمعزل عن نظامها باعتباره غير شرعي، وعوضاً عن ذلك يتم التعامل مع عدد لا يحصى من التنظيمات العسكرية التي نشأت لمحاربة النظام، فوجدت نفسها بين فكي كماشة النظام وداعش والذين معها في آن معاً، ومع أن الحكومة السورية تعلن أنها تخوض الحرب ضد التنظيمات المتأسلمة، بغض النظر عن تسمياتها، فإنها لا تحظى بأي تعاطف دولي كالذي يقدم لنظيرتها في بغداد، وكلاهما تتكفلان بشن حرب برية، يتفق الجميع أنه بدونها يستحيل القضاء على الدواعش ومن هم على شاكلتهم.
تتزايد الدعوات في المنطقة لتقديم الدعم للكرد في إقليمهم العراقي وللعشائر السنية في غرب العراق، لأنهم يخوضون الحرب الحقيقية على الأرض، لتمكين الطرفين من التصدي لداعش بفاعلية، بعد ثبوت أن الفساد الذي تغلغل في جسد الجيش العراقي يمنعه من التصدي لهذه المهمة، وإذا كان العرب تقاعسوا عن نجدة أهل الأنبار وصلاح الدين، فإن إيران سارعت لنجدة الكرد وساهمت في معاركهم لوقف تقدم الدواعش، ومنعهم من توسيع حدود دولة الخلافة والاستيلاء على مزيد من الأراضي، وأكثر من ذلك إسنادهم في الهجمات التي حرروا فيها مناطق سقطت بيد الارهاب، غير أن المهم إدراك وجوب الدمج بين العراق وسوريا بشكل ما، والتعامل مع الموضوع باعتباره واحداً، حيث يستحيل حل المشكلة نهائيا دون حسمها في الساحتين معاً، وبدون تقاعس يسمح لهذا التنظيم تثبيت قواعده على الأرض، واستقدام مؤيدين يقاتلون في صفوفه من شتى بقاع الأرض.
ومع ذلك فإنه بمعارك برية أو بدونها، ستطول الحرب ضد التنظيمات المتطرفة، وستأخذ أشكالا مختلفة، إذ يترتب على الجميع بعد الحسم العسكري الانتباه إلى المسألة الأمنية، وبعدها القضية الفكرية العقائدية وهي الأخطر، وبحيث يتوجب على القيادات الإسلامية مواجهة هذا الواقع، والتأكيد على أن هؤلاء المتطرفين لا علاقة لهم بالإسلام، وأن الحرب لم تكن بين مسلمين متطرفين وآخرين معتدلين، فالمتطرفون بعيدون عن الإسلام وتسامحه ووسطيته واعتداله، خصوصاً وهم يبيحون باسمه إعدام الناس وصلبهم، وقطع الرؤوس واغتصاب النساء، وتكفير الآخرين بمن فيهم مسلمون متدينون ينتمون لطوائف أخرى تؤمن بالله الواحد، وتشهد أن محمداً رسوله وأن قرآنه مقدس لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
لفهم الحرب ضد الإرهاب تمهيداً للانتصار عليه ودحره، لابد من الربط بين ما يجري في الشام والعراق حيث أعلنت دولة الخلافة، وما يجري في مصر من إرهاب يستهدف الدولة المصرية وجيشها، وما يجري في ليبيا من حرب مستعرة بين المتأسلمين والشعب الليبي، وصولاً إلى اليمن وبوكو حرام وأفغانستان والشيشان، حيث يرفع الجميع راية التوحيد للقفز إلى السلطة والاستئثار بها، وبديهي أن التعاون والتواصل قائم بين هذه الجهات جميعاً، بعد أن تشبعت بفكر أسامه بن لادن والقاعدة، وإن شاب ذلك بعض الاختلافات حول الأولويات، فالهدف واحد والحرب بين فسطاطين، والكفار كثيرون ولا يمكن التعاطي معهم بغير حد السيف.
العلمانيون وهم مستهدفون طبعاً، مطالبون بعدم الاكتفاء بالتفرج، وعلى عاتقهم تقع عملية التنوير، والتأكيد أن الديانات أكبر وأرحب مدى من انغلاق الدواعش على الفكر الإرهابي المتطرف، لأن الحرب ضد هذا الوباء تحتاج لتضافر كل الجهود، وهي ليست أقل من حرب عالمية ثالثة سيطول أمدها للأجيال القادمة، وبمعنى أنها حرب ضد المستقبل، كما هي ضد الواقع الراهن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ثلاثة منتخبات تحجز مقاعدها مبكراً في ربع نهائي كأس العرب 2025

القضاء يحسم 853 طعناً على نتائج الانتخابات

الداخلية: العراق بنى منظومة متطورة لمكافحة المخدرات

التخطيط تتجه لتوسيع الرقابة النوعية لتشمل الصادرات والواردات عالية المخاطر

قبول 1832 طالباً في المنح المجانية لكليات المجموعة الطبية

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

 علي حسين أبحث في الأخبار ومجادلات الساسة عن موضوع لعدد اليوم ، وربما عن فكرة أقنع بها القارئ المحاصر بقطع الطرق والأرزاق، وبالعيش في مدن مثل حقول الألغام، شعارها التمييز، ومنهجها الإقصاء، ودليلها...
علي حسين

قناديل: حين استيقظ العراقي ولم يجد العالم

 لطفية الدليمي لعلّ بعض القرّاء مازالوا يذكرون أحد فصول كتاب اللغة الإنكليزية للصف السادس الإعدادي. تناول الفصل إيجازاً لقصّة كتبها (إج. جي. ويلز) في سبعينات القرن الماضي، عنوانها (النائم يستيقظ The Sleeper Awakes)....
لطفية الدليمي

قناطر: أنقذوا الثقافة من الأدعياء

طالب عبد العزيز منذ قرابة عقد من الزمن وأتحاد الادباء في البصرة يعاني من أزمة في اختيار مجلس إدارته، وهو بعلة لا يبدو التعافي منها قريباً، بسبب الاقتتال على المقاعد الخمسة الأولى التي تمثله....
طالب عبد العزيز

الانتخابات العراقية عام 2025: التحديات الداخلية في ظل ضغوط دولية متزايدة ..

كارول ماسالسكي ترجمة : عدوية الهلالي في يوم الثلاثاء، 11 تشرين الثاني 2025، أجرى العراق سادس انتخابات برلمانية ديمقراطية منذ سقوط صدام حسين عام 2003. وقد حققت القائمة الشيعية «ائتلاف الإعمار والتنمية»، بقيادة رئيس...
كارول ماسالسكي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram