TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نداء طالباني.. نسمع لكنهم لا يسمعون!

نداء طالباني.. نسمع لكنهم لا يسمعون!

نشر في: 22 أكتوبر, 2012: 05:50 م

ليست هي المرّة الاولى التي يوجه فيها رئيس الجمهورية جلال طالباني نداءً بضرورة التهدئة وايقاف الحملات الإعلامية المتشنجة دعماً لحوار قائم أو محتمل.. نداء الرئيس الجديد خص به هذه المرّة وسائل الاعلام قائلا "آمل من جميع وسائل اعلامنا الوطني الحر والمسؤول أن تكون ساندة وداعمة لتعزيز هذه الأجواء الإيجابية ورفدها بكل ما يعزز لغة الحوار والتصالح والتقدم في العمل المشترك في بناء الدولة ومؤسساتها وتقديم أفضل الخدمات المطلوبة للشعب الذي يستحق الكثير.
إن ثقتنا أكيدة في الشعور العالي بالمسؤولية الذي تتحلى به معظم وسائل اعلامنا..وهذا ما يشجع دائما على دعوتها إلى أن تكون طرفا ايجابيا في مسار الحوار الوطني وتعمل على ان تكون جانبا فاعلا في إعلاء لغة الحوار والمحبة وتفادي كل ما يدعو الى التشنج وتوتير الأجواء.
لقد كانت وسائل الاعلام الوطنية والمسؤولة سندا داعما لأي شكل من أشكال الحوار بين اطراف العملية السياسية، واستجابت على مرّ أزمنة الازمات، وهي كثيرة ومتواصلة لكل الدعوات الصادرة من الاصوات الوطنية الحقيقية التي تحمل وزر هموم البلاد والعباد للمساهمة الفاعلة في انجاح اي شكل جاد من اشكال الحوار الوطني للخروج من نفق الازمة الحالية، وما النبرة الحادة والعالية والانتقادات القوية التي تصدر من وسائل الإعلام الوطنية إلا احساساً بعمق الازمة ومخاطر تطورها وامتدادها من الطاولات والمناوشات الاعلامية الى الشارع، وهو ما حدث في أكثر من "مناسبة" وبرغم ذلك ينشغل سياسيونا في البحث عن "ثغرات "واردة ومحتملة في ظل فوضى البلاد لرفع الدعاوى القضائية على الاعلاميين والمطالبة بتعويضات لا تقدر عليها إلا الحكومات لأجل إلجام الأصوات الاعلامية الوطنية الحريصة والمخلصة والمسؤولة معا واذا تعذرعليها ذلك فان شرذمة من القتلة جاهزة لإشهار الكواتم واسكات الصوت والروح معا، والأدلة كثيرة القريبة منها والبعيدة فضلا عن التهديدات التي أصبحت  سلوكا تقليدا "واخلاقيا "لبعض ساسة الصدفة لدينا ومافيات الطوائف.
مام جلال.. نقول بكل صراحة ووضوح ان آذاننا تسمع نداءات المسؤولية وتتجاوب معها لإنقاذ البلاد من مستنقع المهاترات ومخاوف الانفلاتات.. لكن المشكلة الحقيقية في ساستنا الذين لا يسمعون إلا أصواتهم ولا يتعاملون الا مع افكارهم فيما المختلف معهم بما في ذلك الاعلاميون، هم جزء من المؤامرة الكونية ضدهم،هذا المختلف هو العميل والحامل لأجندة من خارج الحدود، لذلك يتسابقون في الفضائيات على نشر غسيلهم أمامنا ويتراشقون الاتهامات التي تحفز الشارع على الاستجابات المقبلة في تصوراتهم، انهم عِلـَّة التصعيد ومهارتهم الوحيدة هي خلق الازمات والأعداء معا، مهارتهم في التلاعب بالالفاظ والجمل لخلط الالوان والاوراق فيتعذر على المواطن المسكين ان يفرز الألوان ويقرأ الاوراق ويرتبها!
نعترف ان بعض الفضائيات ووسائل الاعلام الاخرى أججت وصعّدت من سخونة الأزمات وورطت سياسيين باقوال ما كانوا يريدون قولها، لكن الحقيقة في هذا المقطع هي ان وسائل الاعلام هذه في مجملها تعود اليهم، يمولونها ويرسمون خططها ويهندسون ويطلقون خطاباتها، فتتعثر الخطوات وتتشنج المواقف، ومن خلالها يهددون الجميع بعودة العنف والعودة الى المربع الاول، وهي الصيغة التي حفظوها عن ظهر قلب فيروجونها بمناسبة ومن دونها، كم هرماً في السلطة والبرلمان وفي قيادات الكتل السياسية المنخرطة في العملية السياسية قالوا بملء أفواههم، اذا لم تتحقق القضية الفلانية وغيرها فان العنف سيعود الى الشارع مستهترين بمشاعر الناس لاقين الرعب من القادم حتى في غرف نومهم..والنتيجة هي معاناة المواطنين وامتيازات السياسيين واستمرار الازمة التي تقيـَّد حتى الآن ضد مجهول!!
نداؤك هو نداؤنا الداخلي الذي نتحرك على ضوئه وهو هادينا من قرارة أنفسنا لان الازمة أزمتنا ونحن من دفع بعض فاتورتها المرتفعة الكلفة بالشهداء الذين تساقطوا بالمئات على مذابح هذه الازمات وتبعاتها وذيولها وتصفياتها!
نحن نسمع سيادة الرئيس نداءك ونداءنا.. لكنهم يا للحسرة لا يسمعون!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمود الثامن: جائزة الجوائز

عندما يجفُّ دجلة!

الأقليات وإعادة بناء الشرعية السياسية في العراق: من المحاصصة إلى العدالة التعددية

كلاكيت: المدينة والسينما حين يصبح الإسفلت بطلًا

مأزق المكوَّن المسيحي في العراق: قراءة في محنة الوجود والذاكرة

العمود الثامن: جائزة الجوائز

 علي حسين منذ أن إطلقها الراحل سلطان بن علي العويس في نهاية عام 1987 ، حافظت "جائزة العويس" على التقدير والاحترام الذي كان يحظى به اسم مؤسسها الراحل ، والأثر الكبير الذي تركه...
علي حسين

كلاكيت: المدينة والسينما حين يصبح الإسفلت بطلًا

 علاء المفرجي – 2 – المكان في الافلام العربية كان له حضورا مكانيا ورمزيا واضحا، لكنه ايضا لم يكن هذا الحضور يتعلق بالمكان كجغرافية، أو ثقافة، او تأثير. فالقاهرة في أفلام يوسف شاهين...
علاء المفرجي

الأقليات وإعادة بناء الشرعية السياسية في العراق: من المحاصصة إلى العدالة التعددية

سعد سلّوم تُظهر القراءة في التحوّلات الأخيرة التي شهدها النظام الانتخابي بعد تعديل قانون الانتخابات عام 2023 أنّ العملية السياسية عادت إلى بنيتها التقليدية القائمة على ترسيخ القواعد الطائفية والمناطقية. وقد تكرّس هذا الاتجاه...
سعد سلّوم

عندما يجفُّ دجلة!

رشيد الخيون لو قُيِّضَ للأنهار كتابة يومياتها، لكان دجلة أكثرها أحداثاً، فكم حضارة، سادت ثم بادت، نشأت على شاطئيه، وغمرها ماؤه، مِن أول جريانه وحتَّى جفافه، هكذا تناقلت الأخبار، أنَّ المنبع حُجب بالسُّدود العملاقة...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram