حسناً كان تفكيركم الهادف الى تعزيز الهوية السلمية الذاتية لمنطقة الكرادة الشرقية أولاً ، من ثم تكرار قراركم بإضافة مناطق الكاظمية والاعظمية والمنصور بجعلها جميعاً )منزوعة السلاح( للحد من غرائز العنف الموجودة لدى بعض (الأفراد) أو (الجهات) مما يعكر صفو
حسناً كان تفكيركم الهادف الى تعزيز الهوية السلمية الذاتية لمنطقة الكرادة الشرقية أولاً ، من ثم تكرار قراركم بإضافة مناطق الكاظمية والاعظمية والمنصور بجعلها جميعاً )منزوعة السلاح( للحد من غرائز العنف الموجودة لدى بعض (الأفراد) أو (الجهات) مما يعكر صفو الامن والسلم الاجتماعي .
ما صدر عنكم أيها السيد الرئيس يعتبر خطاباً توجيهياً أو أمراً واجب التنفيذ، مما يوجب على الجهات المعنية ، في مقدمتها وزارتا الدفاع والداخلية، تحديد الآليات الضرورية لوضع خطابكم أو قراركم موضع التنفيذ الفعلي، بقصد تفكيك واقع التسليح، خارج نطاق الدولة، الموجود في الكرادة الشرقية وفي كل انحاء العاصمة بغداد.
اسمحوا لي، سيادة الرئيس، بإثارة الانتباه إلى أن هذا (القرار) أو (الخطاب) سيكون بلا معنى إذا حُجب عن التطبيق الفعلي، واسمحوا لي بالقول إن التحكم بهذا القرار ،وتفاصيله ، وعلاقاته، أمر في غاية الصعوبة، خاصة وأن وزارة الداخلية كانت قد قررت منح (اجازات التسليح) للمواطن البغدادي قبل اسبوعين فقط من صدور قراركم حول (نزع السلاح).
في واقع الحال ،ربما من دون قصد، صارت المؤسسة العسكرية ببغداد أمام قرارين: قراركم بنزع السلاح ،وقرار وزارة الداخلية بإجازة تسليح المواطنين!
من نتائج الاختلاف بين اهداف القرارين يجعل احتمال انفلات آليات ضبط السلاح شيئاً واقعياً. فإما يُفقِد هوية قراركم في أن يكون وسيلة لتجاوز سلطة القانون والدولة، وإما يكون قرار الداخلية وسيلة للحماية الذاتية للمواطنين ضد العنف والارهاب.
لا بد من الاشارة، أيها السيد الرئيس ، إلى أن مفهوم (نزع السلاح) ليس شيئاً طقسياً ،بل هو ناتج حالة من حالات ايقاف (تسليح الدول) بموجب قرارات مؤتمر لاهاي عام 1899 الذي حرّم على الدول زيادة قوتها العسكرية في وقت السلم ،حتى أصبح هذا الهدف موضع الاهتمام في منظمة الامم المتحدة في العالم المعاصر ،وصولا إلى المفاوضات الدولية المضطربة حالياً مع ايران حول مساعيها النووية.
لقد برز مفهوم (نزع السلاح) أولاً على التكنولوجيا العسكرية النووية ، ثم انتشر هذا المفهوم على ابقاء القارة القطبية، ومنطقة الفضاء الخارجي ،وامريكا اللاتينية ،ومنطقة قاع البحار، وارض البحار، جميعها تكون منزوعة السلاح . كما ان عمليات نزع السلاح عن مناطق معينة هو مفهوم ومدلول ينبغي ان يتم بين طرفين، بين دولتين، أو بين مجموعتين، كي يتم الاتفاق بينهما على اقامة منطقة ذات حدود معينة ،خالية من السلاح بموجب اتفاق او معاهدة تحت الرعاية الدولية.
لذلك توجد حاجة فعلية في ان يتفضل سيادتكم بتقديم تفسير نظيراً لقراركم حول نزع السلاح في الكرادة ليكون وجوده في ميدان التطبيق الفعلي واضحاً بترتيبات واجراءات ضرورية تتكيّف مع اجراءات الأجهزة الامنية كافة، بالارتباط مع خططها وسلوكياتها في مكافحة الخلايا الارهابية وجماعات الجريمة المنظمة وغيرها من عناصر تمارس العنف في السرقات وفي اغتصاب النساء وخطف الاطفال وغير ذلك من فعاليات الارهاب المهووسة بالسلاح والعنف.
الامل معقود عليكم يا سيادة الرئيس في انفتاح خطابكم ليكون تفسيراً واضحاً في إجراءات ضرورية يكون قبولها واعياً ومصادقتها مقبولة من الجماهير ومن مجالس بلديات المناطق والاجهزة الامنية فيها او حولها ،كي لا تكون هناك تفسيرات متنوعة لمفهوم (نزع السلاح) وكي لا يفقد قراركم معناه وهدفه وكي يكون اجراؤكم وقراركم وخطابكم اصلاحياً، لنشر ثقافة السلم والمحبة بين الناس في مناطق بغداد كلها ، بالتفاعل مع أي اجراء اصلاحي آخر ، كي تحظى ايقاعاتها الواضحة المفهومة تسانداً فعلياً من الجماهير الشعبية.
لا ادري هل وجد قراركم، ايها السيد الرئيس، صداه الحقيقي في الكرادة الشرقية او في ارجاء العاصمة كافة منذ صدوره حتى الآن.. هل قام احد او جهة او منظمة او مكتب بنزع سلاحه من بيته او حزبه او مكتبه..؟ لا بد ان حادثة اغتيال الشيخ قاسم سويدان الجنابي وابنه واختطاف النائب زيد الجنابي قد شغلتكم كثيرا وسيطرت على تفكيركم ،لأنها انهت عمليا المفهوم العسكري والنفسي لقضية (نزع السلاح) .
كما تعرفون يا سيادة الرئيس أن الانتقال من (حالة التسلح) الى (حالة نزع السلاح) يستلزم تقويماً اجتماعياً – عسكرياً شاملاً، ويحتاج الى احترام ثقافة السلم .. يحتاج الى استجابة مكتسبة لكل الدعوات الاصلاحية، فهل اعاد المسلحون في الكرادة الشرقية أو في غيرها من المناطق النظر الفعلي لترويض سلاحهم ومنع سلوك العنف وإعادة الصلة بين العقل الوطني والسلاح الوطني ليكونا موجهين نحو الارهابيين والخارجين على القانون فحسب..؟
أتوقع منكم يا سيادة الرئيس ان تستعيدوا مسؤولية نزع السلاح بصورة تعيدون فيها تفاصيل ضرورية ليكون قراركم فاعلا لمحصلة افكاركم الاصلاحية وما تعنيه من رغبات وأهداف وحاجات ، ومن دون ذلك فإن فكرتكم الجيدة ستظل جيدة من دون تطبيق مع الأسف .
في الختام إليكم مني السلام أيها السيد الرئيس.