TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الإخوان والانتخابات في الأردن وفلسطين

الإخوان والانتخابات في الأردن وفلسطين

نشر في: 22 أكتوبر, 2012: 07:34 م

لم يكن مفاجئاً فوز مرشحي حركة فتح بأغلبية لافتة, في الانتخابات المحلية في الضفة الغربية, في ظل مقاطعة الإخوان المسلمين " حماس " لتلك الانتخابات, واتهامهم بأنها انتخابات من طرف واحد, " فتحاوية ", تزيد الإنقسام ولا علاقة لها بالوفاق الوطني, ولاحقاً عدم الاعتراف بشرعيتها, والدعوة لوقفها حماية لوحدة الشعب الفلسطيني, في حين اعتبرت فتح فوزها فيها, استفتاءً شعبياً واسعاً على برنامجها السياسي وأدائها الوطني, ووصفها الرئيس محمود عباس بأنها "يوم من أيام الديمقراطية يسجل للشعب الفلسطيني", معرباً عن أمله في أن تسمح حماس بإجراء الانتخابات في غزة تمهيداً لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في كل الأراضي الفلسطينية.

ومثلما هو حال الإخوان في الأراضي الفلسطينية, كان حالهم في الأردن, وهو رفض الاحتكام للقواعد الشعبية وصناديق الاقتراع, مع اتهام الطرف الآخر بأبشع النعوت, وتحميله مسؤولية تغييب الحالة الديمقراطية, والواضح أن لدى الطرفين ما يدعوهما لرفض الانخراط في عملية انتخابية, تبين حجم كل منهما شعبياً, ومن خلال صناديق الاقتراع في الأردن, بعيداً عن المسيرات التي ليس صدفة انها تنطلق من المساجد بعد صلاة الجمعة, مستغلةً جماهير المؤمنين من غير المعنيين بمسيراتهم, وفي الأراضي الفلسطينية, من خلال العنف الذي تجلى بأبشع صوره في الانقلاب الحمساوي على الشرعية, وما تبع ذلك من قمع سلطوي, مارسته حماس ضد كل صوت معارض.

منذ بداية الحراك الشعبي شرق نهر الأردن, صعد " الإخوان " إلى أعلى أغصان الشجرة, بفعل غوغائية بعض قيادييهم, ولم يعد بمقدورهم النزول, بعد تماديهم في المطالب التي يرون وجوب الوفاء بها, للتكرم بالمشاركة في ورشة الإصلاحات السياسية, التي تقوم بها الدولة استجابة للحراك الشعبي, قيل إنهم ينتظرون انتصار " إخوانهم " في سوريا, وإنهم يستقوون بالحكومة الاخوانية في مصر, وإنهم يعتبرون الربيع العربي ربيعاً لتنظيمهم, غير أن الدولة الأردنية مارست واجبها في الحفاظ على عملية إصلاحية متدرجة, كان مأمولاً أن يكون الاخوان في أدق تفاصيلها, لكنهم واظبوا على الرفض العدمي, ليجدوا أنفسهم خارج إطار القدرة على المشاركة في صنع القرار, إلا إن اعتبروا أن مسيراتهم الأسبوعية قادرة على لي ذراع الدولة, لتلبي مطلبهم, وهو كما ينبغي القول " السلطة كاملة بكل مفاصلها ".

منذ تأسست حركة حماس غربي نهر الأردن, وعينها على قيادة الشعب الفلسطيني, من خلال مناكفة فتح ومنظمة التحرير, وبعد أوسلو الذي رفضته بكلام مجاني, وقبلته عملياً وشاركت في قطف نتائجه, وهي تسعى للوصول إلى كامل السلطة في الأراضي الفلسطينية حتى أنها أدخلت " الانقلاب " إلى القاموس السياسي في دولة لم تتشكل بعد, ومارسته عملياً في غزة, منشئة إمارة إسلاموية, يعتبر أكثر قادتها تشدداً ان المقاومة " مجرد فكرة ", بعد أن كان يطالب بإعلان الحرب على إسرائيل, إن جرحت قدم فتاة في رفح, واليوم ترفض تلك الحركة المشاركة في الانتخابات المحلية أو النيابية أو الرئاسية, حفاظاً على " سلطتها " في قطاع غزة, وعلى حضورها الإقليمي, حتى لو اضطرت لنقل البندقية من كتف الممانعة السوري الإيراني, إلى الكتف المصري الأردني بعلاقاته الدبلوماسية  الكاملة مع إسرائيل.

نستطيع أن نتفهم مواقف الإخوان في فلسطين والأردن, لو كانوا يمارسون السياسة بشكل مكشوف, ودون تغليف مواقفهم بالتمسح بالدين, في محاولة لاستغفال البسطاء من المتدينين بفطرتهم, ودون الوصول إلى حد تخوين الآخر, الذي يصر حتى اللحظة على اعتبارهم مكوناً أساسياً في الحياة السياسية, لكن المؤكد أن تعنتهم سيدفعهم إلى خارج دائرة الفعل, حتى لو توهموا أن الشارع قادر على إدارة الدولة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: جنرالات الطائفية

العمود الثامن: هلوسات مرشح خسران!!

العمود الثامن: رجاء اقرأوا التدوينة

العمود الثامن: لماذا لا نثق بهم؟

الصراع على البحر الأحمر من بوابة اليمن "السعيد" 

العمود الثامن: رئيستهم ورئيسنا !!

 علي حسين أعذروا جهلي فأنا لا اعرف ما هي المسؤوليات التي يقوم بها رئيس الجمهورية في بلاد الرافدين ،فهو يظهر أياماً ، ويختفي دهوراً ، كما لو كان مجرد شبح يعيش في منطقة...
علي حسين

باليت المدى: رذاذ نافورة على تمثال برونزي

 ستار كاووش إنتصفَ النهار عند وصولي شارع برنس يوجين في مدينة فيينا، قادماً من الحي الذي خلف محطة القطار، فأكملتُ طريقي في هذا الشارع الطويل محاذياً سياجاً مبنياً بحجارة حمراء، تطل من خلفه...
ستار كاووش

كيف يمكنناالاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

محمد الربيعي* (الحلقة 12)التجربة السويديةفي عالم يتطلب الابداع والتفكير النقدي لمواجهة تحديات لم نعهدها من قبل، هل ما زلنا نعلم ابناءنا بالطرق التقليدية التي تعتمد على الحفظ والتلقين؟ بينما يتسارع العالم من حولنا، تزداد...
د. محمد الربيعي

من المسألة الصهيونية إلى التحدي الفلسطيني: ماهي الوسيلة نحو الانعتاق الذاتي وبناء الذات

محمد صبّاح (1-2)في نهاية القرن التاسع عشر، كانت أوروبا تمر بتحولات فكرية واجتماعية عميقة، حيث نشأت أفكار جديدة تتعلق بالهوية القومية والعرقية، وعلاقتها بالدولة. في هذا السياق، ووسط الأزمات التي كان يعيشها اليهود في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram