TOP

جريدة المدى > عام > كارلوس فوينتس:

كارلوس فوينتس:

نشر في: 12 أغسطس, 2015: 12:01 ص

اللغة في العادة تهان بالاستخدام الاجتماعي الدائم لها عبر الحذلقات البلاغية السياسية أو الدينية أو غيرها
مسؤولية الكاتب أن يكتب كتباً بأفضل ما يستطيع، تلك هي مسؤوليته كما أراها ثم تأتي كل الأشياء الأخرى لاحقة لهذه الفعالية
الحياة والحب: نوعية الحب ا

اللغة في العادة تهان بالاستخدام الاجتماعي الدائم لها عبر الحذلقات البلاغية السياسية أو الدينية أو غيرها

مسؤولية الكاتب أن يكتب كتباً بأفضل ما يستطيع، تلك هي مسؤوليته كما أراها ثم تأتي كل الأشياء الأخرى لاحقة لهذه الفعالية

الحياة والحب: نوعية الحب الذي يحوطني ونوعية الحياة التي يحياها الناس جميعهم هما الأكثـر أهمية لي تحت كل الظروف

 

 |   القسم الثاني   |

 

× هل كان ثمة من تعدّه بطلاً بمعاييرك وانت شاب يافع ؟
• إنه ( فرانكلين روزفلت ) حتماً ، فكما تعلمون نشأت في حقبة الأزمة الإقتصادية الكبرى التي ضربت العالم والولايات المتحدة بخاصة عام 1929 ودفعت بالدكتاتورية النازية في ألمانيا ورسّخت فاشية موسوليني في إيطاليا وتوتاليتارية ستالين في الإتحاد السوفييتي آنذاك وأدّت إلى صعود نجم العسكرتاريا اليابانية في مقابل وهن الديمقراطيّات الغربية ، لكن روزفلت بخلاف الاخرين استطاع التعامل مع الازمة الاقتصادية الطاحنة بوسائل ديمقراطية وباللجوء إلى الجهد الجمعي للشعب الأمريكي ذاته وكان هذا درساً عظيما تعلّمته ولم أنسَه أبداً .
× من تراه في شبابك كان مصدر إلهام لك ؟
• والدي كان معلّماً عظيماً لي وهو من علّمني أشياء كثيرة فضلاً عن أنه أسماني "كارلوس" إحياءً لذكرى أخيه الذي مات بعمر 21 سنة . كان والدي مثقفاً وكتب بضع قصائد وعلّمني القراءة في وقت مبّكر من حياتي وأعلى من شأن ميولي الأدبية والفنية رغم انني كنت محظوظاً بمدرّسين ممتازين في مدرستي الثانوية ولاحقاً في جامعة مكسيكو .
× كيف أدركت منذ وقت مبكّر للغاية أنك تنوي ان تكون كاتباً ؟
• ذاك شيء مثل المشي اليومي أو الغناء في الحمّام : إنّه يجتاحك بشكل طبيعي وبلا كثير تفكّر أو مساءلة . كنت معتاداً على الكتابة منذ السابعة من عمري وكنت أعد مجلاتي الخاصة في شقّتنا في واشنطن وكنت اكتب كل شيء بنفسي : الاخبار ، مراجعات الأفلام ومراجعات الكتب ايضاً وكنت أروّج لهذه المجلة بنفسي كذلك !! . كانت الكتابة في المركز من حياتي على امتداد الأعوام على الدوام وربّما كان الدليل على هذا أنني كتبت أكثر من عشرين كتاباً .
× هل تطوّر لديك الميل إلى الكتابة بهدوء وثبات أم كانت ثمة أوقات إلهام مفارقة ومميّزة بذات الوقت ؟
• ميلي الكتابي كان ثابتاً على الدوام ولكن المشهد لم يكن يخلو من لحظات إدراك مفارقة : قراءتي لعمل كافكا المعنون ( المسخ Metamorphosis ) كانت إحدى هذه اللحظات التي لن انساها أبداً إذ بينما كنت أقرأ العمل خاطبت نفسي " أنظر ،،، هذا هو ما تستطيع فعله بواسطة الأدب ، ولو أنك كتبت شيئاً مثل هذا فسيكون غاية ما تتمنّاه في الحياة ولن تبتغي بعده شيئاً آخر".
× هل تراه أمراً مهمأً أن يحافظ كل كاتب على روتين يومي للعمل؟
• لا يختلف الكاتب عن البنّاء او سائق الحافلة : يجب عليه دوماً أن يحافظ على انضباط صارم في العمل . قال أوسكار وايلد مرة "العبقرية تسهم في 10 % من الكتابة بينما يتكفّل الانضباط بالـ 90% الباقية منها" . ينبغي ان يكون للكاتب انضباط صارم في الكتابة لانها ليست بالعمل السهل بل هي عمل شاق يمارسه المرء في وحدانية طاغية . والكاتب - بعكس الاخرين – يقضي معظم وقته وحيداً فهو ليس عضواً في شركة ما وهو لذلك لا يمتّع نفسه إذا ما نظرنا إلى المتعة من وجهة نظر المشاركة الاجتماعية الصاخبة . الكتابة أكثر المهن تعايشاً مع الوحدانية وينبغي ان يكون الكاتب غارقا في عشقها ليتمكن من تحمّل تبعات الوحدانية المفرطة التي تترتّب عليها .
× كيف ترى مسؤولية الكاتب في المجتمع ؟
• مسؤولية الكاتب أن يكتب كتباً بأفضل ما يستطيع ، وأن يجوّد في عمله بالقدر الذي يستطيع : تلك هي مسؤولية الكاتب في المجتمع كما أراها ثم تأتي كل الأشياء الأخرى لاحقة لهذه الفعالية . كانت ثمة أوقات فهمت فيها مسؤولية الكاتب على أساس كونها مسؤولية سياسية : أن يعلن الكاتب مثلاً "أنا مع اليسار" أو "إنني أقف مع الشعب" ثم يكتفي بعدها بكتابة بعض من الكتب التي ربما تكون أسوأ ما كتبه في حياته ، هذه المسألة انتهت إلى الأبد بعد أن سادت طويلأ في معظم بلدان أمريكا اللاتينية . أخبرني ( بابلو نيرودا ) ذات مرة "نحن - كتّاب أمريكا اللاتينية – نتنقّل بأجسادنا ونحن نحمل بلداننا على كواهلنا لأننا نعتبر أنفسنا مسؤولين عن بلداننا التي تنعدم فيها الحرية السياسية وتسود فيها أمية قاتلة بنسبة قد تصل إلى 82% من السكان لذا يكون من واجبنا المحتّم ان نكون صوتاً لمن لا صوت له" . لم يعد هذا الكلام مقبولاً اليوم لأن معظم البلدان الأمريكية اللاتينية هي اليوم ديمقراطيات تمارس فيها انتخابات نظامية وتتنافس فيها الأحزاب السياسية وفيها فسحة كبيرة لحرية تنظيم النقابات ، لذا يكون من الأفضل للكاتب الأمريكي اللاتيني الذي يبتغي المشاركة في الفعاليات السياسية أن يكون نزيهاً كفاية ويقول : "أنا كاتب و أشتغل في السياسة ولكن كوني كاتباً لا يمنحني أية إمتيازات فاحكموا عليّ من خلال أفكاري وأفعالي السياسية فحسب". لكن يوجد أيضا كتّاب يقولون "لا شأن لنا بالسياسة وسنبقى بعيدين عنها وعن كل ما يمتّ لها بصلة لأننا كتّاب وشخصيات أدبية ولا اكثر من هذا" . ولكن حتى مع هذه الحالة فإن الكاتب يعمل بواسطة اللغة والأفكار والذاكرة ، و متى ما عملت مع اللغة تكون قد عملت مع وسيط اجتماعي سواء أحببته أم لم تحبه ، وإن الكتاب الذي يكتبه كاتب بلا قناعة سياسية محددة سيكون له الدور السياسي الذي يعطي قيمة للغة ذاتها . اللغة في العادة تهان بالاستخدام الاجتماعي الدائم لها عبر الحذلقات البلاغية السياسية أو الدينية أو غيرها . الفعل السياسي الأساسي للكتابة يكمن فيما دعاه مالارميه "استعادة نقاء لغة القبيلة" : أن يعيد الكاتب للغة براءتها المضاعة هو ما سيبقى يمثّل المهمة الرسالية الأسمى للكاتب سواء أحبّ هذه الرسالة ام لم يحبّها.
× هل الروائي شخص محرّض على التمرّد بطبيعته ؟
• نعم إذا ما فهمنا التحريض على أساس ان يقول الروائي أشياء لا يرتاح لها معظم الناس فمثلاً أنا أرى أن التقليد الروائي العالمي الأعظم ينبع من الرواية الإنكليزية التي انتجت روائع الاعمال الأدبية وكانت جميع هذه الاعمال بالضد من التقاليد السائدة في المجتمع الإنكليزي. نعيش انا وزوجتي لجزء من السنة في إنكلترا وقد أدركت من طول معايشتي للتقاليد الأدبية هناك ماذا يعني وجود كتّاب محرّضين من طراز : إميلي برونتي و دي . إج . لورنس و فيرجينيا وولف في المجتمع البريطاني المعروف بأنه محافظ للغاية وينساق إلى التقاليد الراسخة .
× ما هي مصادر إلهامك عندما تختار الموضوعات التي تكتب فيها؟
• أعتقد انها تكمن جزئياً في الحلم الممتد الذي يعيشه الكاتب والذي هو نتاج الوعي الباطن الذي يصعب سبر غوره .
× هل ترى في الكتابة حواراً مع ذاتك ؟ حواراً مع مجتمعك ؟
• أراها حواراً مع الثقافة الخاصة للكاتب ومع الحضارة التي ينتمي إليها ومع كل الأشياء التي يعرفها والتي يتذكّرها ، وأرى ان الأشياء التي لا يعرفها الكاتب أكثر أهمية من تلك التي يعرفها عند الكتابة : لان مانعرفه يبدو ماثلاً أمامنا ، أما ما لا نعرفه فسنقوم بفعل تخييلي لنراه امامنا وذلك امتياز إضافي دافع للإبداع عند الكتابة .
× كيف - برأيك – ينبغي للكاتب أن يرتّب حياته لتلائم الكتابة الإبداعية ؟
• ينبغي للكاتب ان يقرأ كثيراً . ينبغي أن يقرأ كثيراً . ينبغي أن يقراً كثيراً . القراءة أساسية للكاتب . ينبغي للكاتب أن يحب القراءة ليصبح كاتباً لأن الكتابة لا تبدأ معك ولا تنبثق من العدم ، فالكاتب ينبغي له ان يعي أنّ كماً هائلاً من التقاليد المتراكمة تكمن وراءه : تقاليد تمتد بعيداً إلى الكتاب المقدس وهومر واساطير الأزتك ، وعلى الكاتب أن يرى نفسه جزءا من حلقة في سلسلة الوجود العجيبة وانه جزء في عملية تشتبك فيها عناصر اللغة والذاكرة والخيال .
× ما الذي تراه الأهم بالنسبة لك؟
• الحياة والحب: نوعية الحب الذي يحوطني ونوعية الحياة التي يحياها الناس جميعهم هما الأكثر أهمية لي تحت كل الظروف .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

بمناسبة مرور ستة عقود على رحيل الشاعر بدر شاكر السياب

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

وجهة نظر.. بوابة عشتار: رمز مفقود يحتاج إلى إحياء

أربع شخصيات من تاريخ العراق.. جديد الباحث واثق الجلبي

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

مقالات ذات صلة

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي
عام

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

د. نادية هناوييؤثر الذكاء الاصطناعي في الأدب بما له من نماذج لغوية حديثة وكبيرة، حققت اختراقًا فاعلا في مجال معالجة اللغة ومحاكاة أنماطها المعقدة وبإمكانيات متنوعة وسمات جعلت تلك النماذج اللغوية قادرة على الاسهام...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram