TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تأميم ساحة التحرير

تأميم ساحة التحرير

نشر في: 15 أغسطس, 2015: 09:01 م

الحرب ضد التيار المدني تأخذ هذه الايام أشكالا والوانا جديدة ، ربما تتجاوز في الاسابيع المقبلة تلك الأساليب التى اتبعها مقربي "مختار العصر" الذين كان لهم الفضل في اختراع نظرية "الباصات" التي كانت تنقل متظاهري الحكومة الذين كانت مهمتهم محاصرة المتظاهرين الشباب وتمزيق أجسادهم بالسكاكين والشفرات وتأليب المجتمع ضدهم .
يثير كل هذا العنف والكره للتيار المدني سؤالا مهما : لماذا يخافون من شباب التظاهرات ؟ ومن هؤلاء الخائفون إلى حد تشغيل ماكينة التخوين والشتائم ضدهم بكل طاقتها، فعندما يقول مفتي اهل السنة في خطبته انه ضد شعارات العلمانيين، وعندما يشكك رجل دين مثل صدر الدين القبانجي بالدعوات إلى التظاهر ويحذرا من المشاركة فيها لانها حسب قناعاته جاءت في وقت غير مناسب، فهذا تحريض وطعن في شعارات لم تدع للطائفية ، ولم تحرض ضد الوطن، وانما كان هدفها وغايتها كشف الفاسدين ومحاسبة المفسدين .
فيما آخرون كانوا ينظرون بريبة ساخرة لدعوة الشباب للتظاهر ويعتبروها واحدة من تلك التقاليع الغربية التي ستؤثر على قدسية مجتمعنا الاسلامي ، حسب ما اخبرنا به رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي متسائلا : "من يقف خلف هذه الاصوات التي تهاجم التيار الديني الذي حفظ العراق من السقوط ان وجود أصوات كهذه لا يمكن تواجدها بشكل طبيعي في العراق إلا بفعل دعم اجنبي وجيش إعلامي فاسد"
آخرون كانوا يتحدثون باعتبارهم آباء التغيير ومعلمي الجهاد ضد الظلم والفساد، ولهذا اخذوا ينهالون نقدا وسخرية من شباب صنع معجزة طالبين منهم ساحة التحرير لهم والاكتفاء بهذا القدر من التظاهر، ليفسحوا المجال لحكمة "الساسة" وأفكارهم النيرة.
ونتيجة لكل هذا شاهدنا في اليومين الاخيرين كيف انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الاعلام صور وفيديوات لمتظاهرين يهددون شباب ساحة التحرير، ويرفضون مشاركتهم في التظاهرات، فيما اصر البعض ممن سمح له بان يحمل ادوات جارحة وعصي بالتعدي بالضرب على شباب كانوا يهتفون لوحدة العراق.
إن المفارقة الصادمة هنا أن الذين هتفوا بحياة الاحزاب الدينية وشتموا شباب التيار المدني لم يقولوا لنا ماذا قدمت الاحزاب الدينية للناخب العراقي خلال السنوات الماضية؟
مبدئيا من حق أي قوة سياسية موجودة على الساحة أن تعبر عن نفسها، تلك هي أصول الديمقراطية، وغني عن القول ان الحرية مقيدة بالقواعد التي يضعها الشعب، وفي ظرف كهذا الذي نعيشه، وفي وقت قدم العراقيون تضحيات كي يتخلصوا من النظم الاستبدادية، لا يجوز لاحد ان يسعى لاختطاف ساحة التحرير ، وتأميمها لمصلحته، مطالبا الآخرين بالبحث عن ساحات للتظاهر خارج العراق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. د عادل على

    هل هده بداية النهايه السوداء للعراق ؟؟؟؟من الدى يريد الحل بالسكاكين والخناجر؟؟؟؟ثم تاتى المسدسات والبنادق ورشاشات الكلاشينكوف؟؟؟؟اليس الأسلوب أسلوب البعث عند حرق البنزينخانات في بغداد قبل مؤامرة البعث ببكره وعماشه وحردانه وسعدون شاكره ودياب علكاوييه و

  2. خليلو...

    هؤلاء أحفاء أولئك الذين كانوا يمارسون الدور نفسه في سنوات تموز ألأولى كانوا عروبين واليوم صاروا مسلمين أتقياء ألم يقل قائل صادق القول صائبه : إن التاريخ يعيد نفسه ولكن بشكل آخر بائس . إنهم عروا أنفسهم حين ظهروا فاسدين ملوثي الذمة سرقوا كل شيئ وكتاب ا

  3. حسين العبادى

    لماذا لم تحمل الدوله حماية المتظاهرين اليس الاولى بالاجهزه الامنيه ان تمنع مثل هذه التجاوزات

يحدث الآن

تسجيل 47 زلزالاً وهزة أرضية خلال 3 ساعات في إسطنبول

مالية البرلمان تستبعد وجود جداول موازنة للعام الحالي

جرحى من الحشد بإسقاط طائرة مسيرة مفخخة بصحراء الانبار

المفوضية تمدد فترة تحديث سجل الناخبين لشهر إضافي

46 إضبارة تلاعب و209 مليون دينار في قضية الحماية الاجتماعية في الأنبار

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

البْصَرة عراقيَّة.. لا عَلويَّة ولا عثمانيَّة

العمود الثامن: الجلوس على أنفاس المواطن

روما على مفترق طرق – هل تكتب الجولة الثانية نهاية أزمة أم بداية تصعيد؟

العمود الثامن: نور زهير ياباني !!

(50) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياةً بين قذيفتين

العمود الثامن: البابا فرنسيس وعقدة ساكو

 علي حسين غاب البابا فرنسيس حاملاً معه أعلى مراتب الانسانية. ورث عن بلاده الارجنتين حب كرة القدم، والسعي لاشاعة السلام والمحبة بين الناس.. كلمة "الأمل" كانت آخر ما كتب البابا ونشرها قبل وفاته...
علي حسين

قناطر: عليك مني السلام يا أبا عبد الله

طالب عبد العزيز قد لا يُرى الضرر الذي يلحقه الفسادُ بالمواطن البسيط؛ لأنه خارج معادلة المليارات التي تسرق، والتي تضيع في المشاريع الوهمية، وهو(المواطن)قانع، راض، حامدٌ، شاكرٌ ما يتقاضاه من فتات مائدة الرعاية الاجتماعية،...
طالب عبد العزيز

كوب الفخار … وانكسار الذوق العراقي

أحمد حسن في مقهى صغير وسط مدينة فلورنسا الإيطالية، اسمه "بابليوني"، شدني مشهد بسيط لكن عميق الدلالة: أكواب القهوة مصنوعة من فخار يدوي الطابع، تعيدك في لحظة إلى بابل، إلى العراق. صاحب المقهى، كما...
أحمد حسن

القومية والثقافات الأخرى

محمد سلماوى من المؤسف أن المد القومى العربى الذى انتعش فى أواسط القرن العشرين عمل فى بعض الدول العربية على طمس الثقافات الأخرى فى تلك الدول التى كانت مصدر ثراء للحضارة العربية الكبرى التى...
محمد سلماوى
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram