TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > صور تسيء لأصحابها

صور تسيء لأصحابها

نشر في: 21 سبتمبر, 2015: 09:01 م

حظر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على انصاره الاسبوع الماضي رفع صوره الشخصية وسائر آل الصدر في المؤسسات الحكومية، عادّاً مَنْ يقوم بذلك إنما "يريد استغلالها لمآربه الدنيوية"، وداعياً الى "استدعاء من يفعل ذلك والتحقيق معه".
هذه ليست المرة الاولى التي يعطي فيها السيد الصدر فتوى كهذه، ففي مرة سابقة أو أكثر أعطى فتوى مماثلة لم يجرِ الالتزام بها، ما دعاه الى تأكيدها هذه المرة. شخصياً أشك كثيراً في أن تكون النتيجة مختلفة هذه المرة، ذلك أن الذين يسعون لاستغلال رفع صور السياسيين ورجال الدين في المؤسسات الحكومية وخارجها في تحقيق "مآرب دنيوية" غير قليلين في عددهم، إن داخل التيار الصدري أو خارجه، وهو ما يفسّر هذا الفيض من صور السياسيين ورجال الدين وسواهم في الشوارع والدرابين والساحات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، بما فيها المدارس والمستشفيات.
هذا تقليد مُستنسخ ومتوارث من عهد نظام صدام.. الطغاة هم من يهتمون بالدعاية لأنفسهم وتمجيد أشخاصهم، ومنها بنشر صورهم في كل مكان، في الغالب لمعالجة عقدة النقص في شخصياتهم. وأكثر من برع في هذا التقليد الكريه صدام حسين الذي نشر في إحدى السنوات 15 مليون صورة له في طول البلاد وعرضها.. يومها (في ثمانينيات القرن الماضي) كتب مراسل أجنبي زار العراق أنه وجد أن سكان العراق قد بلغ تعدادهم 30 مليوناً، 15 مليون نسمة و15 مليون صورة لصدام.. وإلى جانب الصور حرص صدام على نصب عشرات التماثيل الضخمة له، لكنّ ذلك كله لم يزرع الحبّ في صدور العراقيين له.. بل ضاعف من كراهيتهم، ويوم حانت ساعة نظامه في التاسع من نيسان 2003 لم ينفع ذلك الفيض من الصور والتماثيل صداماً في شيء، فقد انهار نظامه وطار هو كما الريشة في مهب الريح.
الصور داخل المؤسسات الحكومية أو خارجها لن تجلب الحبّ لأحد، بل انها يمكن أن تكون سبباً في التذمر والكراهية، خصوصاً عندما تتشوه جدران المدن ببقايا الصور الممزقة وحائلة الألوان والمتكدسة فوق بعضها البعض.
السيد الصدر الذي سيحتاج الى أن يتابع بنفسه مدى التزام أنصاره بأمره هذا، كان سيصنع خيراً مضاعفاً لو شمل بحظره نشر الصور في الشوارع والساحات، ليكون ذلك خطوة ضرورية تشجّع أمانة بغداد ومجالس المحافظات على حظر نشر الصور جميعاً. الصور المنتشرة الآن في طول المدن وعرضها للمئات من رجال الدين والسياسيين وسواهم ( بمن فيهم المرشحون لانتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات)، إنما تسيء إلى أشخاصها عندما تتمزق وتتسخ ولا يجد عمال الأمانة والبلديات في أنفسهم القدرة على رفعها خوفاً من أنصار السياسيين ورجال الدين الذين يمكن أن يتجاوزوا القانون ويعتدوا على العمال.
يكذب مَنْ يقول إن هذه الصور تصنع الشعبية أو النجومية لطلابهما.. إنها تأـخذ من الرصيد اليوم بعد الآخر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram