TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كيف لا تتفشى الكوليرا؟!

كيف لا تتفشى الكوليرا؟!

نشر في: 22 سبتمبر, 2015: 09:01 م

ولماذا لا تتفشى الكوليرا فتقف بثبات إلى جانب عشرات أصناف الأمراض والعلل القاتلة الأخرى والإرهاب والفقر وعصابات الجريمة المنظمة لتزهق أرواح العراق بالجملة؟.. وهل يوجد في الأساس ما يمكن أن يحول دون هذا التفشي في طول البلاد وعرضها؟
مدننا جميعاً غدت مكبّات للنفايات بحق وحقيق.. بغداد باتت أكبر مزبلة في العالم، برغم تعدد أمنائها.. الأرياف صارت أنظف من المدن في انقلاب للحال لم يكن متصوّراً..
فكيف لا تتفشى الكوليرا؟!
أنهارنا مثقلة مياهها بالملوّثات من كل الأنواع والاجناس.. حتى مياه الشرب ملوثة..
فكيف لا تتفشى الكوليرا؟!
المؤسسات الصحية، كبيرها وصغيرها، لا تعرف شيئاً عن النظافة.. حتى المستشفيات الخاصة والأجنحة الخاصة في المستشفيات الحكومية تبدو كما انها في خصومة مزمنة مع النظافة.. دعكم من المدارس والجامعات والدوائر الحكومية والمطاعم والمقاهي والنوادي..
فكيف لا تتفشى الكوليرا؟!
الثقافة الصحية المجتمعية معدومة على نحو مروّع للغاية... علناً يأكل الأفندي وصاحب العقال الأطعمة التي تباع في العربات المكشوفة بكل ما فيها من غبار وبراز الحشرات.. وعلناً يرمي سكان الدور وراكبو السيارات نفاياتهم وفضلاتهم على عتبات دورهم وفي عرض الشارع...
فكيف لا تتفشى الكوليرا؟!
الفاسدون والمفسدون في الدولة وخارجها استحوذوا على الجمل بما حمل، مرة باسم الدين وأخرى باسم المذهب وثالثة باسم الوطن، فلم يتركوا للبلديات ما يمكنها أن تشتري به حاويات النفايات وأن تبني شبكات للمياه الصالحة للشرب وأخرى للصرف الصحي تمتدّ من قلب المدن إلى ضواحيها، ولم يتركوا لوزارة الصحة ما تجهّز به المستشفيات والمستوصفات بما يكفي من المنظّفات والمعقّمات ومزيلات الروائح الكريهة التي لا تعدمها حتى صالات المرضى، فضلاً عن الأدوية والأجهزة اللازمة لمعافاة مجتمع عليل جسدياً ونفسياً وروحياً..
فكيف لا تتفشى الكوليرا؟!
الفاسدون والمفسدون، وهم المُمسكون بالسلطات العليا في البلاد، سلطات التفكير بالقرار واتخاذ القرار وتنفيذ القرار، يقفون بحزم وعزم صفاً واحداً، باختلاف طوائفهم ومذاهبهم وقومياتهم وأحزابهم وكتلهم، كيما لا ينطلق قطار الإصلاح ولا يتقدم على سكته..
فكيف لا تتفشى الكوليرا وسواها من الأمراض والأوبئة؟!
الدواء من جنس الداء... كل أمراضنا وعللنا وأوبئتنا منبعها واحد، هو الفساد الإداري والمالي.. كافحوه واجتثوه من الجذور والأعماق، لكي لا تتفشى الكوليرا وسواها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. نبيل يونس دمان

    الارياف وحسب كلامك اخي عدنان انظف من المدن اذن مرض الكوليرا سيتجه من المدن الى الارياف، فعلى الارياف ان تتحصن بالمزيد من النظافة وخاصة في مياه الشرب، اما التركة التي خلفها الحكام الفاسدين على مر التاريخ المعاصر، فلا يمكن ازالتها الا بمعجزة، فمتى تحدث تلك

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram