TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أفكار عراقية ذكية

أفكار عراقية ذكية

نشر في: 7 أكتوبر, 2015: 09:01 م

الأسبوع الماضي نشرنا في هذه الصحيفة نص مذكرة وجّهتها مجموعة من الخبراء والأكاديميين المتخصصين في حقل الاقتصاد الى المقامات العليا في الدولة الاتحادية وإقليم كردستان، تضمّنت تصوراً لوضع الأزمة الذي تكابده البلاد وأهلها، واقترحت علاجات وحلولاً تعتقد المجموعة أن الأخذ بها سيفضي بنا إلى خارج عنق الزجاجة الذي حشرنا فيه أنفسنا حشراً بفضل السياسات الخاطئة التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة منذ 2003.
معظم أفراد مجموعة الخبراء والأكاديميين هذه موزعون على رقعة جغرافية واسعة من العالم "تطشّرت" عليها الآلاف من العقول والكفاءات العراقية المرموقة التي نبذت الدكتاتورية وإرهابها وحروبها في الماضي، ثم الحرب الأهلية الطائفية المهلكة ونظام المحاصصة السقيم خلال الإثنتي عشرة سنة الماضية.
هل أولت المقامات العليا وفرق المستشارين والمساعدين المحيطين بها هذه المذكرة الاهتمام الذي تستحق؟.. أرجو أن يكون هذا قد حصل بالفعل، فقد حفلت المذكرة بالعشرات من الأفكار الذكية التي يبدو أنها كفيلة بانقاذنا من الحضيض الذي انتهينا إليه، اقتصادياً واجتماعياً، وسياسياً بالضرورة.
على سبيل المثال لا الحصر، إحدى هذه الافكار تقترح "خلق أنموذج تنموي ناجح وقابل للاستدامة ضمن إحدى البقع الجغرافية الأكثر أمناً من البلاد، ونقترح هنا التركيز على محافظات البصرة وميسان وذي قار بسبب أمنها النسبي وتقاربها الجغرافي". وتهدف هذه الفكرة إلى أن يصبح هذا الأنموذج التنموي "قدوة لأرجاء أخرى أقل استقراراً من الوطن، ولتبدأ بذلك أولى خطوات انتشار المثال التنموي الناجح ضمن برامج إعادة الإعمار".
بالطبع هذا الأنموذج التنموي سيحتاج إلى ضمانات تكفل استمراره وتطوره، فليس كل أنموذج تنموي يواصل النجاح على الدوام.. إنه يبقى مهدداً بالانكفاء، كما حصل في الأنموذج التنموي الناجح الذي تحقق لبعض الوقت في إقليم كردستان قبل أن يضربه هو الآخر وباء الفساد الإداري والمالي.
فكرة ذكية أخرى تقدمها المذكرة، تتمثل في توجيه البطالة المقنعة المتفشية في دوائر الدولة قاطبة نحو مجالات إنتاجية وخدمية فعالة، ومنها على سبيل المثال محو الامية. بوسع عشرات الآلاف من الموظفين الحكوميين الذين لا يقومون بأي عمل، سوى أن يتسلموا رواتبهم في يوم معلوم من الشهر، أن يتحولوا إلى معلمين يعينون أكثر من خمسة ملايين عراقي أمي على الخروج من الظلمات الى النور، وعلى التحول الى طاقة إنتاجية مجدية في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات وسواها.
عدا عن هذه المجموعة من الخبراء والاكاديميين الاقتصاديين، لابدّ أن هناك المئات من المجموعات النظيرة الموزعة على أربع جهات الكرة الارضية، والتي تقدح عقولها بالآلاف من الافكار الذكية من هذا النوع وغيره .
مَنْ يصل إلى هذه المجموعات و مَنْ يحوّل أفكارها الذكية وسواها إلى طاقة إنتاج في بلد هو أنموذج للخراب الشامل الناجم عن الاستهتار السافر بمقدراته ومصير شعبه على أيدي حكامه؟ .. هذا هو السؤال المصيري.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram