كان يمكننا، نحن العراقيون، أن نفوز بجائزة نوبل للسلام هذا العام أو العام الماضي أو أي عام آخر تلى أعوام حربنا الأهلية- الطائفية الشنيعة. الأهم من الجائزة أننا كنا سنجنب أنفسنا احتلال داعش منذ 15 شهراً ثلث مساحة البلاد وقتل الآلاف وسبي آلاف آخرين وتهجير ملايين تتفاقم محنتهم اليوم بعد الآخر.
ما كنّا نحتاج إليه لنيل هذه الجائزة الدولية المرموقة، وتجنّب الاحتلال الداعشي ومجازره المنكرة، هو توفّر قيادات سياسية عاقلة وحكيمة ووطنية كالتي توفّرت للشعب التونسي، ما مكّن لجنة الحوار الرباعية من تنظيم وقيادة حوار سياسي ومجتمعي أفضى إلى تجنيب تونس حرباً أهلية كانت ستكون طاحنة كحربنا أو الحروب الأهلية في ليبيا وسوريا واليمن، وإلى تأسيس نظام ديمقراطي في البلاد.
أمس أعلنت لجنة جائزة نوبل النرويجية منح جائزة السلام للعام الحالي إلى أربع نقابات عمالية ومهنية ومنظمات مجتمع مدني توسّطت في الحوار الوطني في تونس، وقالت إنها تقدّم هذه الجائزة الى المنظمات الأربع تقديراً "لمساهمتهما الحاسمة في بناء ديمقراطية تعددية بعد ثورة الياسمين في العام 2011"، كما جاء في بيان اللجنة النرويجية.
بالطبع ما كان للمنظمات التونسية الأربع، وهي الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن تجترح المعجزة التي استحقت عنها الجائزة، لو لم تكن القيادات السياسية في تونس على قدر عال من الشعور بالمسؤولية تجاه وطنها وشعبها، وهو ما كان، ولم يزل، ينقصنا.. دليل كلامي هذا أن القيادات التونسية أخذت العبرة مما حلّ في بلادنا وفي ليبيا وسوريا واليمن، فتفاعلت مع بعضها البعض وتجاوبت مع جهود اللجنة الرباعية وحققت مصالحة وطنية في مدة قصيرة، بخلاف قياداتنا السياسية التي لا تريد، كما تدلّ عليه مواقفها وتصرفاتها، أن تعتبر بشيء أبداً، ودلالة هذا أن هذه القيادات ينقصها العقل والحكمة والوطنية التي تحلّت بها القيادات التونسية.
كان يمكن للقيادات التونسية أن تتحجج وتتذرع بعشرات الحجج والذرائع التي تمسّكت بها قياداتنا السياسية طوال ما يزيد عن عشر سنين للحؤول دون المصالحة ودون قيام النظام الديمقراطي الذي نصّ عليه دستورنا واختارت هذه القيادات أن تخالفه تماماً فتقيم بدلاً منه نظام المحاصصة الطائفية والقومية والحزبية الذي لم تزل تتمسك به بالأنياب والأظافر دفاعاً عن مصالحها الأنانية.
تونس فازت بجائزة نوبل، وقبلها ربحت سلمها الأهلي وأمنها وديمقراطيتها بفضل عقل قياداتها السياسية وحكمتها ووطنيتها، أما نحن فلا عزاء لضحايانا وسبايانا ونازحينا ومهاجرينا، حتى تتوفر لنا قيادات بعقل القيادات التونسية وحكمتها ووطنيتها.
هل خطفت تونس نوبل منّا؟
[post-views]
نشر في: 9 أكتوبر, 2015: 09:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
بغداد ترحب بـ"هدنة لبنان" والفصائل ترفض وقف التصعيد وتهدد واشنطن
تقرير امريكي يتحدث عن "السيناريو الأسوأ": جر العراق إلى "عين العاصفة الإقليمية"
المالية النيابية: تعديل الموازنة الاتحادية يفتح المجال لتغيير فقرات غير فعّالة
فرنسا تشهد أول محاكمة لدواعش من رعاياها اعتدوا على إيزيديين
مجلس الخدمة الاتحادي: نحتاج لأكثر من 5 مليارات دولار شهرياً لتمويل رواتب الموظفين
الأكثر قراءة
الرأي
الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!
رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
جميع التعليقات 2
haitham baqir
نسبة الأمية في هذا البلد الشقيق قريبة من 20 بالمائة، و ذلك حسب الدراسات التي قامت بها جامعة شاربروك في كندا. كما أن هذا البلد الذي يحتوي على ما يقرب من 300 ألف طالب جامعي أي بمعدل يناهز 27 طالبا لكل الف مواطن لاتنس ان بورقيبة منح الفتاة حق التعليم مثلها
haitham baqir
نسبة الأمية في هذا البلد الشقيق قريبة من 20 بالمائة، و ذلك حسب الدراسات التي قامت بها جامعة شاربروك في كندا. كما أن هذا البلد الذي يحتوي على ما يقرب من 300 ألف طالب جامعي أي بمعدل يناهز 27 طالبا لكل الف مواطن لاتنس ان بورقيبة منح الفتاة حق التعليم مثلها