TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العبادي وخيار السيسي

العبادي وخيار السيسي

نشر في: 10 أكتوبر, 2015: 09:01 م

ما من عاقل في هذي البلاد وخارجها يفكّر بأن الإصلاح المطلوب شعبياً، أو المطروح حكومياً وبرلمانياً، يمكن تحقيقه في أسابيع أو أشهر، ذلك أن الخراب عميم والدمار تام وشامل، وهما كانا حصيلة سياسات خاطئة وخطايا ارتكبت عن سابق إصرار وتعمّد على مدى الإثنتي عشرة سنة الماضية، وقبلها بما يزيد عن ربع قرن أيضاً.
لكن لا يتعيّن أن تكون هذه الحقيقة حجة للإبطاء في عملية الإصلاح نفسها ولتأخير انطلاق هذه العملية. لابدّ من رؤية واضحة تماماً تحدد ساعة الانطلاق والساعة التقريبية للانتهاء منها، وبينهما الجدول الزمني المحدد لكل خطوة ومرحلة من خطوات ومراحل عملية الإصلاح، وتعيين الهدف المبتغى لكل خطوة ومرحلة.
التحدي الذي يواجه عملية الإصلاح التي يطالب بها الشعب وتعهدت الحكومة والبرلمان بانجازها، ليس فقط الوقت الطويل اللازم للانجاز، فأصعب وأعقد ما يعترضها هو رفض الطبقة السياسية المتنفّذة لها، وإن كانت هذه الطبقة تعلن وتعيد الإعلان بأنها مع الإصلاح، وهو أمر غير صحيح بالطبع، ذلك أن عملية الإصلاح تضرّ بالمصالح الشخصية والحزبية لهذه الطبقة السياسية المتنفذة، فالركنان الأساسيان لعملية الإصلاح هما مكافحة الفساد الإداري والمالي وإلغاء نظام المحاصصة، وكلاهما منبوذ ومكروه من هذه الطبقة.
الموقف الحقيقي للطبقة السياسية المتنفذة المناهض لعملية الإصلاح هو ما يعرقل وضع خطة سليمة وواقعية للإصلاح والانطلاق بها.. نعرف أن ضغوطا هائلة واجهها رئيس الوزراء ولم يزل في سبيل عدم البدء والمضي قدماً بعملية الإصلاح، ورئيس الوزراء ليس لديه خيارات كثيرة، أو بالأحرى انه محكوم بخيار واحد، فهو مثلاً ليس في مستطاعه استخدام الجيش والشرطة لفرض خطة الإصلاح، وهو ليس في مستطاعه أيضاً الدعوة إلى انتخابات مبكرة بأمل كسر المعادلة القائمة والخروج من المأزق الراهن، فلا الحزب الذي ينتمي إليه ولا كتلته، دولة القانون، ولا تحالفه الأوسع، التحالف الوطني، قادرة على تأمين الأغلبية اللازمة، وحتى لو كانت هذه الأغلبية مؤمنة فان العبادي محكوم بمعادلة صعبة أخرى هي أن نصف حزبه في الأقل ونصف كتلته ونصف تحالفه الأول، ضده وضد مشروعه الإصلاحي، بوصفهم جزءا من الطبقة السياسية المتنفذة.
الخيار المتبقي للعبادي، إذا كان يريد الإصلاح حقاً ويعمل له، هو خيار السيسي، نسبة الى وزير الدفاع المصري السابق (رئيس الجمهورية الحالي) عبد الفتاح السيسي. العبادي يتمتع بميزة أن الأغلبية الساحقة من الشعب تؤيد الإصلاحات، بل تريدها وتطالب بها، وإلى جانب هذا لديه دعم قوي من المرجعية الدينية في النجف. العبادي يمكنه التعويل على هذين العنصرين الحاسمين إلى أبعد الحدود في فرض برنامج الإصلاح.. بوسعه، كما فعل السيسي من قبل، أن يطلب من الناس النزول بكثافة إلى الشوارع والساحات لمطالبة مجلس النواب بتشريع القوانين اللازمة لتنفيذ خطتي الإصلاح اللتين طرحتهما الحكومة والبرلمان منذ شهرين، وفي هذه الحالة فان مرجعية النجف ستكون إلى جانبه وجانب الشعب.
بالإضافة إلى شجاعة اتخاذ القرار، يتطلب هذا الخيار من العبادي أن يكون صريحاً مع الشعب.. يكشف له حقيقة ما يجابه عملية الإصلاح من معوّقات بلغة واضحة ومباشرة من دون تورية وتلميح، فبهذا الأسلوب سيستطيع العبادي، مدعوما بتأييد الشعب والمرجعية الدينية، من إرغام الطبقة السياسية المتنفذة على القبول بما يتعيّن فعله لجهة مكافحة الفساد الإداري والمالي ولجهة إنهاء نظام المحاصصة، مصدر الشرور كلها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram