من المُفترض ألا يطول الأمد بالسلطات التركية كيما تعرف بالضبط مَنْ كان وراء التفجيرين الإرهابيين الأخيرين في العاصمة أنقرة، إن لم تكن قد تعرّفت حتى الآن على الفاعل ولغرض في نفس يعقوب تمتنع عن الإفصاح عن هويته، فلتركيا أجهزة مخابرات وأمن كبيرة وقوية وذات خبرة وكفاءة مشهود لهما، وبتارخ قمعي عريق، ولن يصعب عليها الاهتداء إلى الجناة.
العمل الإرهابي الذي كانت ضحاياه بالمئات، قتلى ومصابين، ومعظمهم كرد من أنصار حزب الشعوب الديمقراطي، كانوا يتهيأون للانطلاق في مظاهرة من أجل السلام في البلاد وبخاصة في مناطق جنوب شرقي الأناضول الكردية... هذا العمل وجد فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس حكومته أحمد داود أوغلو فرصة لتوجيه الاتهامات إلى حزب العمال الكردستاني ( PKK) واليسار التركي المتطرف وداعش، وتوزيع دماء الضحايا عليهم جميعاً "بالعدل والقسطاس"، فيما المؤشرات تدلّ على أن داعش والمنظمات السلفية المتطرفة الأخرى هي المتهم الأول بتدبير المجزرة، بعدما اضطرت أنقرة إلى الخضوع للضغوط الدولية والانضمام إلى التحالف الدولي المناهض لداعش وإرهابه عابر الحدود. أما المتهم الثاني فالأجهزة السرية التركية، وهو اتهام يستند الى تاريخ حافل بالعمليات القذرة لهذه الأجهزة، وإلى استحقاق الانتخابات البرلمانية المبكرة التي دعا إليها أردوغان بأمل استعادة حزبه الأغلبية في البرلمان، ما يمكّنه من المضي قدماً في مشروعه السلطاني، بيد أن الاستطلاعات تشير إلى أن حزب أردوغان، العدالة والتنمية، مقبل على هزيمة مماثلة في الأقل لهزيمته في الانتخابات الأخيرة الجارية منذ بضعة أشهر، وهي هزيمة فشل معها هذا الحزب في إيجاد حلفاء له لتشكيل حكومة جديدة ما اضطره للدعوة إلى انتخابات جديدة.
أردوغان الحالم بتنصيبه سلطاناً لامبراطورية إسلامية تتجاوز جغرافيتها حدود تركيا الراهنة، ظلّ على مدى سنوات لا يكتفي بالتغاضي وغضّ النظر عن نشاطات المنظمات الإرهابية عبر الاراضي التركية، بل راح أيضاً يقدّم الدعم الحاسم لداعش وسائر التنظيمات المتطرفة الناشطة في سوريا والعراق. وفّر لها الملاذات الآمنة (فنادق ومحطات ترحيل واستراحة) داخل تركيا، ومهّد لها طرق الإمداد بالمال والسلاح والمجنّدين، وشاركها في المتاجرة بالنفط الخام المهرّب، وأقام لها معسكرات التدريب داخل الاراضي التركية.
في مقابل هذه الخدمات "الجليلة" قدّم داعش وسائر المنظمات الإرهابية لأردوغان الأمان، فلم تشهد بلاده تفجيرات إرهابية بخلاف سائر دول المنطقة، إلى أن غيّرت
أنقرة سياستها تحت وطأة الهراوة الأميركية – الأوروبية المرفوعة في وجهها للالتحاق بالتحالف الدولي المحارب لداعش.
أياً كان الذي خطّط للمجزرة في أنقرة ونفّذها فان أردوغان شريك له بفعل سياساته التي مكّنت داعش وسواه من منظمات الإرهاب من أن تتحول إلى قوة ضاربة مدمّرة، مستفيدة من المزايا والتسهيلات التي وفّرها لها الرئيس التركي المسكون بشيطان السلطنة.
إسألوا أردوغان عن مجزرة أنقرة!
[post-views]
نشر في: 11 أكتوبر, 2015: 09:01 م
يحدث الآن
بغداد ترحب بـ"هدنة لبنان" والفصائل ترفض وقف التصعيد وتهدد واشنطن
تقرير امريكي يتحدث عن "السيناريو الأسوأ": جر العراق إلى "عين العاصفة الإقليمية"
المالية النيابية: تعديل الموازنة الاتحادية يفتح المجال لتغيير فقرات غير فعّالة
فرنسا تشهد أول محاكمة لدواعش من رعاياها اعتدوا على إيزيديين
مجلس الخدمة الاتحادي: نحتاج لأكثر من 5 مليارات دولار شهرياً لتمويل رواتب الموظفين
الأكثر قراءة
الرأي
الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!
رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...