اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سياسة بأخلاق.. وسياسة بلا أخلاق

سياسة بأخلاق.. وسياسة بلا أخلاق

نشر في: 16 أكتوبر, 2015: 09:01 م

واحدة من أجمل الممارسات في السياسة البريطانية التي أحببتها أثناء فترة منفاي في المملكة المتحدة وكنت أرغب في مشاهدتها عبر التلفزيون (قناة البرلمان)، هي المواجهة الاسبوعية بين رئيس الحكومة وزعيم المعارضة، رئيس حكومة الظل، في قاعة مجلس العموم (مجلس النواب)، فهناك تجري مصارعة حقيقية حامية الوطيس، لكن بالكلمات، بين الشخصين الأكثر نفوذاً في البلاد، رئيس الوزراء الحالي ورئيس الوزراء اللاحق على الأرجح.
منذ خمسة أسابيع انتخب حزب العمال البريطاني المعارض جيريمي كوربن زعيماً له، وهو قيادي راديكالي في الحزب.. خطيب مفوه ومتحمس، مؤيد للشعب الفلسطيني وحقوقه ومنظمة التحرير الفلسطينية ومعارض لسياسات الحكومة الاسرائيلية العدوانية، ومتعاطف مع اللاجئين من بلداننا الى الغرب، ومناهض أيضا للسياسات الامبريالية لبريطانيا وحليفاتها في أوروبا وأميركا الشمالية، وكان معارضاً لمشاركة بلاده في حرب 2003 التي أسقطت نظام صدام حسين.. بالطبع ليس من منطلق الدعم لصدام ونظامه.
انتخاب كوربن استقبله رئيس الوزراء البريطاني، زعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون، بانزعاج شديد واضح، بل أنه حذر البريطانيين من "خطر" حزب العمال في عهده الجديد. كتب كاميرون في صفحته على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك" مخاطباً مواطنيه: "يشكّل حزب العمال في هذه الفترة تهديداً لأمننا القومي، وأمننا الاقتصادي.. وأيضاً على أمن عائلاتكم".
هذا الاستقبال "الحافل" من جانب الزعيم المحافظ للزعيم العمالي الجديد جعلني
أتطلع الى مشاهدة أول مواجهة بين الغريمين داخل مجلس العموم، لكنني لم أفلح، وبفضل فضائية "بي بي سي" العالمية تابعت الأربعاء الماضي مواجهة الأسبوع الثاني... كانت حامية كما هو متوقع، فكوربن كان متحمساً في طرح قضايا محلية مثل الإعفاء الضريبي والخدمات الصحية، لكنه أظهر رصانة ورباطة جأش تليق بسياسي من الطراز الممتاز، وكان على الدوام يشير إلى غريمه رئيس الحكومة بوصفه "جنتلمان".
مشهد المصارعة الكلامية بين كوربن وكاميرون أعاد بذاكرتي الى السنوات التي كان فيها الراحل جون سميث زعيما لحزب العمال، فهو أيضاً كان خطيباً متحمساً ومفوهاً في مواجهة رئيس الوزراء المحافظ آنذاك جون ميجر، خليفة مارغريت تاتشر. سميث توفي فجأة في 12 مايس 1994 وهو في ذروة تألقه وفي طريقه لأن يكون رئيس الحكومة، فما كان من ميجر الا أن ينعيه بكلمة مؤثرة تغنّت بمناقب غريمه وأشادت بوطنيته وبمنجزه السياسي، كما لو كان زعيماً لحزب ميجر نفسه.
ليس صحيحاً ان السياسة لا أخلاق لها.. السياسة الأخلاقية من طراز سياسة جون ميجر وجيريمي كوربن لها أخلاق رفيعة.. السياسة غير الاخلاقية هي التي لا أخلاق لها. ومن هذا الطراز سياسة الكثير ممن يتولون شؤون الدولة في بلادنا الآن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

دي خيا يثير الغموض حول مستقبله

محكمة مصرية تلزم تامر حسني بغرامة مالية بتهمة "سرقة أغنية"

والدة مبابي تتوعد بمقاضاة باريس سان جيرمان

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram