ثلاث جوائز مهمة نالها الفنان محمود ابو العباس خلال العامين الاخيرين من بينها جائزة التمثيل السينمائي عن دوره في فيلم (صمت الراعي) للمخرج رعد مشتت في مهرجاني دكا السينمائي ومسقط السينمائي.. والجائزة الاخرى هي جائزة عويس للابداع، وجوائز كثيرة حصل عليها خلال مسيرته الفنية الممتدة الى اربعة عقود..
مسرح، سينما ، تلفزيون، حضور فاعل ومميز.. مخرجا وممثلا وكاتبا.
يقف ابو العباس مع بعض الاسماء الفنية لدينا، بابداعه الثر ومثابرته ومن الذين لا تخطئ موهبتهم عين فاحصة فكان ان اغنوا المسرح والفن العراقي بفنون الابداع .
اسهم بشكل نشيط بعد مغادرته العراق في تسعينيات القرن المنصرم الى الامارات، في اغناء المسرح الخليجي بخبراته الكبيرة التي اكتسبها طوال عمله الفني.
من بين انشغالاته في مجالات فنية متنوعة منغمسا في عطائه.. نقف عند عمله كممثل لا يجارى.. استطاع منذ بداية السبعينيات ان يترك بصمة واضحة على خشبة المسرح ومع مخرجين عراقيين كبار امثال ابراهيم جلال وسامي عبد الحميد وقاسم محمد، وصلاح القصب، وبدري حسون فريد واخرين.
ورغم تفوقه واجادته في هذه المجالات الا ان عمله كممثل في السينما يكاد يكون اختبارا حقيقيا لمهارته في الاداء، خاصة وكونه المجال الاقل اسهاما فيه اذا ما قيس بالمسرح والتلفزيون.
فهو على الرغم من ان ذلك كان بمثابة التحدي له، فقد استطاع ان يكسب هذا الرهان في اخر عمل سينمائي له (صمت الراعي) .
ولج ابو العباس مجال السينما من دراسته وعمله في المسرح، وفي التمثيل بشكل خاص، الذي طالما وجده مجاله الرحب ، قال مرة: "ان كل دور أؤديه اشعر انه حياة كاملة، ولا بد ان نعيشها بتفاصيلها.. الممثل الفطن هو من يحاور انتاج المبدع من الافعال من اجل وضع المتلقي في جانب الممثل باعتباره الساحر والمدرك."
كان هذا بالضبط ما فعله في (صمت الراعي) فشخصيته (الاب) المسكونة بتقاليد عشائرية صارمة كان الالتزام والحفاظ عليها جزءا من مسؤوليته من جهة ، ونداء الاب الحاني على فقدان طفلته من جهة اخرى، جعلته يستبطن الشخصية بتفاصيلها هذه ويعيشها بمكانته كـ (كبير قومه) لكنه اسير اوجاعه كأب يذرف الدموع على فقدان ابنته.
خبرة ابو العباس الطويلة في التمثيل أسعفته في قراءة دواخل الشخصية المسندة اليه.. فتجلى هنا بما نسميه (الحضور) رغم انه لا يعتمد الخبرة والتدريب قدر اعتمادها على قدرة الممثل في تنمية قوة الجذب لديه، والقدرة على اخضاعها المتلقي والسيطرة عليه شعوريا. وشخصية الاب في السيناريو مساحة الفعل لديها، مساحة سايكلوجية تتطلب فهما واعيا لدوافعها وردود افعالها وهو ما فهمه ابو العباس جيدا وكان احد اسباب تألقه في هذا الفيلم.
خبرة ابو العباس جعلته يفهم ان تجسيد هذه الشخصية يبدأ من واقع الحضور الشخصي للمثل ويصبح كما يقول اريك بنتلي: ديناميا باستعمالها الى الحالة القصوى لهذا الاستعمال.
ما يؤخذ على الكثير من ممثلينا غلبة الالقاء المسرحي في ادائهم في السينما والتلفزيون، بسبب دراستهم وعمهلم في المسرح .. وقلة من هؤلاء استطاع ان يتجاوز هذا الامر ومحمود ابو العباس كان احدهم.
محمود ابو العباس الساحر والمدرك
نشر في: 30 مارس, 2016: 09:01 م










