أفلام وثائقية عديدة ناقشت الحدث العراقي من وجهة نظر مخرجين من العالم، اقتربت بشكل او آخر من هذا الحدث قراءةً وتحليلاً والأهم رصداً وتوثيقاً .(سلام على دجلة.. عشر سنوات من العيش في بغداد) هو عنوان فيلم وثائقي بتوقيع المخرج الصحافي الياباني تاكيهارو واتاي الذي شارك في مهرجان دبي السينمائي بنسخته الحادية عشرة.. وهو حصيلة توثيق لعشر سنوات من الحرب في العراق قام بها مصور محترف ، وثق فيها فترة زمنية محتدمة ربما هي الاقسى في تاريخ العراق المعاصر .. فما صورهُ المخرج من افلام كتغطية إخبارية لساحة ملتهبة عسكريا وسياسيا واجتماعيا ، سيكون موضوعا لفيلم وثائقي لايخلو من حكاية مكتملة الأركان .سنوات الفيلم العشر تمتد لما قبل اسبوعين من بدء الحرب على العراق وتنتهي عام 2013 .. يتوقف فيها المخرج بحيواته عند الاحداث المفصلية خلال هذه السنوات ، وهي الاحداث التي شكلت تاريخاً من الكوارث والمأساة التي عصفت بهذا البلد وناسه .
تبدأ كاميرا واتاي في رصد الأحداث قبل ايام من بدء الغزو ، حيث تتجول في اسواق العاصمة وأحيائها، وتتوقف عند حديث العديد من المواطنين العراقيين ، تتلخص في القادم المجهول وسبل مواجهته وايضا عن نمط العيش في ظل تهديد بالحرب التي يتوقعها الجميع في اية لحظة.. ثم ترصد الكاميرا من موقع الصحفي في احد فنادق بغداد التي كان يتواجد فيها الإعلاميون لتغطية اجواء الحرب بشكل دقيق ،القنابل والصواريخ التي تنهال في ليل بغداد وبكثافة تفوق التوقع ..
ينتقل واتاي فيما بعد بكاميرته في توثيق فصل جديد من الأحداث وهو الفصل الذي أعقب سقوط الدكتاتور وبدء جولة جديدة من الاحداث تستمر بتداعياتها حتى عام 2013 وهو زمن انجاز التوثيق أو الفيلم.
بلقطات لاتخلو من القسوة، نكون أمام آثار انفجار جراء (نيران صديقة ) ، تظهر فيه أشلاء ثلاثة من الاطفال من عائلة واحدة ، وهي العائلة التي ستذهب بنا كاميرا المخرج واتاي في تفاصيل حياتها المأساوية على امتداد اكثر من عشرة أعوام..وهي واحدة من عائلتين يتجلى من سيرتهما خلال هذه الفترة هول المأساة التي مر بها العراق .. عائلة "على صكبان" أب لثلاثة اطفال يأكل الدمار العراقي منها ثلاثة، بسبب قصف صاروخي لمنزله .. لنعيش مع العائلة مرارة الفقد وآثاره النفسية والاجتماعية على الطفلة المتبقية (غفران) وعائلتها.. ثم رحلة علي المكوكية في مكاتب المعونات الامريكية للحصول على (التعويض) المناسب ليلم به آثار الخراب الذي لحق ببيته وروحه.. لكنه سيصدم بروتين قاسٍ لايبالي بمشاعر الضحايا ليثمرعن عرض يتلقاه علي في العمل كجندي حراسة .. وهو ماسيرفضه لاعناً عطاء الديمقراطية التي وعد بها الغزاة امثاله.
بعودة تاكاهيروواتاي الى بغداء عام 2004 تعود كاميرته لتعايش رحلة علي (الايثاكية) .. حيث يرزق بطفلة جديدة (شهد) ، فيما هو يعمل عملا اجيرا في بناء البيوت ، ومستمر في رحلة البحث عن مصدر رزق لعائلته، وفي عودة المخرج الى بغداد عام 2006 يجد ان علي قد رزق بطفل بينما يقتل أخوه على ايدي احدى الميليشيات، وهكذا عند عودته الاخيرة يفاجأ بمقتل علي نفسه هذه المرة برصاص جماعة مجهولة من المسلحين.
وليس بعيدا عن هذه العائلة هناك ايضا عائلة مريم التي تمسح كاميرا واتاي جانبا من حياتها، ومريم هي الثالثة من بين اخواتها التي تعرضت للمصير نفسه حيث موت شقيقتيها وعوقها الذي تحاول ان تتغلب عليه بانتظامها بفريق للتنس من ذوي الاحتياجات الخاصة.المخرج (تاكاهيروواتاي ) يخوض في تفاصيل هذه المأساة بنفس صحفي محترف ، مهنيته تدفعه الى نقل الوقائع بحذر وموضوعية من دون انحياز سوى ما يمليه الدافع الانساني ، فنراه غير معني بجذور هذه الاسرة وخلفياتها الاجتماعية قدر اهتمامه بها كضحية لحرب لاناقة لها فيها ولاجمل .. يعيش وكاميرته معها لحظات الحزن والقلق والمعاناة من شظف العيش ، وحتى الأمل بغدٍ يعد بالكثير.ما يحسب لواتاي وهو الصحفي المحترف انه استطاع ان يستخلص من مجموعة ما اقتنصته كاميرته على مدى السنوات العشر، حكاية مكتملة تروي فصلا من الماساة.
مخرج ياباني يروي المأساة العراقية
[post-views]
نشر في: 6 إبريل, 2016: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...