اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مقالات رئيس التحرير > الأصهار "المتلوّنون" .. الفساد ، الطائفيّة ، والإرهاب، ورابعهم الجهل...

الأصهار "المتلوّنون" .. الفساد ، الطائفيّة ، والإرهاب، ورابعهم الجهل...

نشر في: 13 إبريل, 2016: 09:41 م

في حديث ممتع مع سيّدٍ يُبشّر بالأمل، ويِعدُ بديِنٍ لا يُفرّقُ ولا يُكفّرُ ولا يتعسّس على سريرة الإنسان، حيّرنا السؤال حول ما يبدو استعصاءً لتجاوز ما نحن فيه من عجزٍ للخروج من دوّامة الأزمات التي تُنتج خراباً ودماراً، وتُبدّد كلّ فرصةٍ مواتيةٍ لإيقاف

في حديث ممتع مع سيّدٍ يُبشّر بالأمل، ويِعدُ بديِنٍ لا يُفرّقُ ولا يُكفّرُ ولا يتعسّس على سريرة الإنسان، حيّرنا السؤال حول ما يبدو استعصاءً لتجاوز ما نحن فيه من عجزٍ للخروج من دوّامة الأزمات التي تُنتج خراباً ودماراً، وتُبدّد كلّ فرصةٍ مواتيةٍ لإيقاف الانحدار إلى قاعٍ لا يُبان له قرار.

كعادة مَنْ لم يألف الجدل بين اثنين يروم الواحد منهما البحث عن الحقيقة لدى الآخر، وليس لإظهاره بثوب المهرطقٍ أو الجاهلٍ، اندفعتُ في استعادة ما تبقّى في ذاكرتي من أسباب التطور وقوانينه وشروطه الموضوعية، والعلاقة التبادلية بين الموضوعي والذاتي، ودور الفرد في التاريخ، غير منتبهٍ إلى أنّ مَنْ أواجهه إنما هو صديقٌ تؤرّقه مثلي هذه الرثاثة وسوء الأحوال اللذين ننحدر إليهما، وليس "خصماً" سياسياً يريد إضعاف حُجّتي وإدانتي بالتطرّف في الدفاع عن قناعتي وتجريدي من أدوات البحث عن الحقيقة، فغالباً ما كان  الجدل يتّخذُ له هذا المنحى في ظروف الصراع المحتدم في حياتنا السياسية المأزومة، حيث لا يتوخّى الوصول إلى الحقيقة بل هزيمة الآخر، الضدّ، المخُتلِف فكريّاً أو سياسيّاً أو إثنيّاً، وما صار في أيامنا هذه دينيّاً ومذهبيّاً.
كان السيد جواد الخوئي، مجادلي، مهموماً وهو يحاورني ويلحّ في السؤال عن أسباب الإخفاق في إيجاد حلولٍ لما نتعثّر بهِ في كلّ ميدانٍ وصرفٍ من صروف الحياة السياسية واليومية التي تصدم وجدان الناس، وهل صحيحٌ أنّ هذا العراق الذي عُرف على مرّ التاريخ بثروته البشرية الخلّاقة الماكنة في العلم والمعرفة والثقافة والسياسة والقيم الدينية السمحة، لا يجد بين أبنائه على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم وميولهم السياسية والفكرية، مَنْ هو قادرٌ على أن يتولى قيادة البلاد وانتشالها من الهُوّة التي تنحدر إليها.
ولا أعتقد أنّ حوارنا أفاد السيد بالقناعة التي تمكّنه من استشراف الحلّ أو الاقتراب من عتبته، وما يحول دون الاقتراب منها، فأدواتي في البحث تبدو أعقد من الإشكاليات التي تحيط بالمشهد السياسي. وهي إشكالياتٌ تؤزّم حياة الناس، ولشدّة وقعها على مصائرهم يتعذّر عليهم القبول بما تفرضه عليهم مسارات "فلسفة التاريخ"، وكلّ ما تستدعيه من نضوج الشروط والظروف وخلافهما، للانتقال من المأزق الذي هم فيه إلى مستقرٍّ يتناغم مع ما يتطلعون إليه من حياة إنسانية تليق بالبشر في عصر البحث وراء الأكوان المتناهية البعد، وفي الأعماق المتناهية الصغر.
وكلما أردتُ التأكيد على أنّ "حرق المراحل" في التطور مجلبةٌ لسوء الحظ والتدبير والعاقبة لمن يريد بلوغ وضع أفضل، كان السيد الخوئي يزداد إحساساً بالحرج الوجداني من  إمكانيّة تحمُّل الناس لضغط الحاجة والشعور بالطمأنينة والانفتاح على المستقبل الآمن، وليس لهذه الحاجات الطبيعية الإنسانية من طاقة لانتظار عشر سنين أو عشرين. وفقدان الصبر ينزع نحو حرق المراحل، إذ يتخذ شكل احتجاجٍ سلبي، أو فوضى تستنزف طاقة التغيير وتحرّف مساراته. وفي كلّ تجربة تاريخية مماثلة، لم تخضع لوعيٍ بالشروط ونضوج للعوامل الذاتية ووضوح للأهداف  وملاءمة الأدوات والوسائل، كانت نهايتها تكريساً للسلطة الغاشمة وإجهاضاً للتغيير .
كنّا نخوض هذا الحوار حين انتهى إلى أسماعنا خبر الاعتصام في مبنى البرلمان، والمطالبة بحلّ الرئاسات الثلاث والتداعيات التي رافقت عملية ما قيل إنه اقتحام مخطط له دُبّر لغاية في نفس يعقوب، يفضحه من يتصدّرون مشهد الاعتصام.
عند هذا الحدّ دخل الحوار في بابٍ آخر لا علاقة له بشروط وعوامل التطور للخروج من دوّامة ما وصلنا إليه، وهو المتعلق بالمسؤول عن ذلك، أهي مسؤولية الطائفية وأمرائها، وأين هم إذن القادة الذين ينأون بأنفسهم عنها أو هكذا يتدبرون أدوارهم في العملية السياسية، وأين الكرد، وماذا عن أولئك الذين يرفضون الطائفية والمحاصصة من داخل النظام السياسي المبنيّ عليهما، وبقواعدهما تُدار الدولة؟
كان من الصعب عليّ أن أعود من جديد لأُظهر دور كل عاملٍ من العوامل المُركّبة المتشابكة التي يتشكل منها نظام المصاهرة السياسية ثلاثية الأبعاد، الطائفية والفساد والإرهاب، ومنبع ديمومتها، متمثلاً  بالجهل وإحياء القيم والعادات البالية.
في محاولة أخيرة للتفاهم، قرأتُ أسماء بعض قادة الاعتصام: مشعان الجبوري، حسين المالكي "أبو رحاب"، ياسر صخيل المالكي، علي صبحي المالكي، عالية نصيف، إسكندر وتوت، حنان الفتلاوي، عبد السلام المالكي، حسن سالم "(عصائب أهل الحق) ، حاكم الزاملي وآخرين من تيار الأحرار ..
ولستُ أدري لماذا شطّ بي الذهن فعدتُ إلى صيحة الخليفة المغدور عمر بن عبد العزيز:
 الحجاج بالعراق، والوليد بالشام، وقرة في مصر، وعثمان المري في المدينة، وخالد بمكة .. اللّهمَّ قد امتلأتِ الدنيا ظلماً وجوراً..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. بغداد

    يا استاذ فخري كريم عمي هذا الكومبارس من نفس المسرحية التي وضعها عنوانها المخرج شلع قلع ونحن الان المشاهدين نشاهد الفصل الثاني من المسرحية التي بدأت تنكشف وينكشف الكومبارس بأكمله وكما ذكرت أسمائهم في الأسطر الاخيرة من مقالك لهذا اليوم ( ي محاولة أخيرة ل

  2. محمد

    المقال يعكس بحق وجهة نظر الناس شكرا لك استاذ فخري كريم

  3. ابو سجاد

    بغض النظر عن اقالة رئاسة مجلس النواب الغير ماسوفا عليها كونها فاشلة بامتياز لكن مساْلة الانقلاب البرلماني الذي تم اليوم يعود بنا الى ماقاله المقال من منصبه المالكي بعبارة - ماننطيها - وفعلا اليوم حقق ماقاله ومااراده كان في حينها يعني دولة الفافون حصرا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

الستراتيجيّةُ العمياءُ وراءَ فاجعةِ الكرّادة..

في حُمّى "الهَلْوَسةِ السياسيّةِ" استرخى وزراءُ "الغَمْغَمَةِ" واللَّك..!

بينَ اليأسِ والإحباط مساحةٌ مضيئةٌ للصمت ..!

الموت حين يُصبح طقساً عابراً بلا مراسيم تشييع للفقراء .!

"بــيــروت مـــديـنـتــي".. وعـيـــنٌ عـلـــى بــغــداد ...

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram