لا أعتقد أن أحداً لم يسمع مقطوعة آداجيو في صول الصغير، فهو ضمن الأعمال التي تعزف في كل مكان وزمان، في صالة الموسيقى، في الراديو، في التلفزيون وفي أي مكان آخر. ينسب هذا العمل إلى الموسيقار البندقي توماسو آلبينوني (1671 – 1751) الذي عاش حياته في
لا أعتقد أن أحداً لم يسمع مقطوعة آداجيو في صول الصغير، فهو ضمن الأعمال التي تعزف في كل مكان وزمان، في صالة الموسيقى، في الراديو، في التلفزيون وفي أي مكان آخر. ينسب هذا العمل إلى الموسيقار البندقي توماسو آلبينوني (1671 – 1751) الذي عاش حياته في فينيسا (البندقية) في نفس الوقت مع الموسيقار اللامع انتونيو فيفالدي (1678 – 1741). بمناسبة الحديث عن البندقية، هذا الاسم جاءنا عبر اللغة التركية التي أخذته هي الاخرى من الألمانية – وفيها تسمى فينيسيا "فَنَديكت"، فنُحت الاسم إلى البندقية.
ولد آلبينوني في عائلة ثرية، أبوه كان تاجر ورق كبير. وبسبب الثرة هذه لم يشأ هذا الموسيقار الكبير أن يمتهن الموسيقى، إذ لم يكن محتاجاً إلى مورد مالي حتى يهتم لهذا الأمر، بل فضل أن يمضي حياته "هاوياً" للموسيقى. لكنه هاو لم يكن كغيره من الهواة، إذ اهتمت أوربا كلها بالأوبرات التي كتبها، وكان من الموسيقيين الطليعيين في مجال الموسيقى الصرفة، إذ كتب أول كونشرتو كمان في التأريخ (في سنة 1700)، وتبعه بعده باقي الموسيقيين ومنهم فيفالدي الذي ابتدع الشكل الحالي للكونشرتو. كان معجبا بصوت أداة الأوبو (وهو محق في هذا)، فكتب الكثير من الأعمال لأداته المحببة.
نشر آلبينوني تسع مجموعات مطبوعة من أعماله للأدوات الموسيقية المختلفة من سوناتات وكونشرتات بدءاً من سنة 1694 حتى 1722. وتشمل الأعمال المطبوعة 99 سوناتا و 59 كونشرتو و9 سنفونيات (مقدمة أو مقطوعة ضمنية لأوبرا أو ما شابه). ولا نعرف سوى القليل عن أعماله بعد تلك الفترة. فهناك مخطوطة تعود إلى سنة 1735، وما عداها تلف خلال الحرب العالمية الثانية، على الأخص ما كان موجوداً في مكتبة دريسدن بفعل الدمار الهائل الذي تسببته غارات الحلفاء. ولم ينشر من اوبراته الشهيرة التي بلغ عددها 81 أوبرا بشكل مطبوع سوى القليل. من بين أعماله الأوبرالية الباقية يقدم عمله الكوميدي بيمبيونه (1708) اليوم بكثرة.
أما قصة الأداجيو الشهير فهي تستحق الرواية. فالعمل ليس من خيال آلبينوني، بل هو توليف قام به عالم موسيقي ومؤلف ومؤرشف إيطالي سنة 1945. إذ ذهب ريمو جاتسوتو (1910 - 1998) إلى دريسدن للبحث عما تبقى من مخطوطات آلبينوني في مكتبتها بهدف توثيق الأعمال الكاملة لهذا المؤلف البندقي، فعثر على نتفة من مخطوطة لم يبق منها سوى صوت القرار وست خانات من اللحن. فقام بتركيب المقطوعة كما تخيلها هو بشكل الأداجيو الذي نعرفه. والعمل كتبه جاتسوتو بروحية الرومانتيكية المتأخرة، كما هو واضح من معالمها.