TOP

جريدة المدى > عام > أنْ يَعبُدَ الرجلُ إمرأةً

أنْ يَعبُدَ الرجلُ إمرأةً

نشر في: 16 يناير, 2017: 12:01 ص

(نصٌّ في الغُفران)لَمْ أتَسَلّل  مِن  شُبّاكها ،وَلَمْ أربُض خَلفَ السياج  مُتَرَبَّصاًلَقَدْ رَأيتُها كاملةً وكُنتُ كاملاً وكانَتْ الدائرة خِتامَ الهندسةِ القديمةِ ، لا تَفيضُ الدائرةُ  عن زوائدَ مُرهِقةٍ كالحياةِ الآدميّةِ 

(نصٌّ في الغُفران)

لَمْ أتَسَلّل  مِن  شُبّاكها ،وَلَمْ أربُض خَلفَ السياج  مُتَرَبَّصاً
لَقَدْ رَأيتُها كاملةً وكُنتُ كاملاً وكانَتْ الدائرة خِتامَ الهندسةِ القديمةِ ، لا تَفيضُ الدائرةُ  عن زوائدَ مُرهِقةٍ كالحياةِ الآدميّةِ  ،
وماكُنْتُ وما كانَتْ  تَحتاجُ  لِحكمةِ  الناصحينَ ،كُنَّا  نَمزحُ  في
خَطأٍ لا يَجرحُ الحياةَ ، خطأُ الأغنيةِ التي يَغُصُّ مُنشدُها بالبكاءِ
ويستَمرُّ بعدَكَفْكَفةِ الدموع

أكانَ يَنْبغي أنْ تكوني الكمالَ المستَحيل لأفقدَ هَيْبتي  
وأنحني مُقَبّلاً  أصابعَ قدميكِ  مَثلاً ؟
لَمْ أخسَرْ وَلَمْ تَخسري  شيئاً ،  كان افتراضاً لتَربيعِ الدائرة
من أجلِ معرفةِ الأضلاعِ التي  تحدّدُ المسافاتَ ، كُلّ شُعورٍ  طِفْليٍّ   صارَ رهيناً  بمعرفةِ المسافةِ ، حتّى رعونة الملّيمترات القليلة  معكِ  صارت  في حساب تلكَ الدائرةِ كالنسبةِ الثابتةِ  ، رغم  أنَّ حُبّيَ لكِ كانَ مُتواليةً هندسيّةً  ما كانَ بإمكاني إيقافَ تواترها  ،كانت  قَطرةَ مطرٍ  ثُمَّ  ضاقتْ عنها المحيطات  ، أكانَ ينبغي  أنْ تكوني الكَمال المستَحيل  لأعودَ الى  قَداسةِ الصِفْر ؟

خارجَ الإيمانِ الذي  لُقَّنْت  ، رَأيتُكِ فَجأةً كَبُرْكةٍ  في السماء ، عاليةً  ومَحجوبةً  بضبابٍ من أنفاس المخلوقاتِ  اللاهثةِ ، كنتُ أراكِ وحدي  بِعينِ اللّوعة ،  حيث الْحَيَاةُ  تعبرُ لاهيةً  بالنسبةِ  لِمَنْ يُمازحونَ الحياةَ ، وكنتُ  أمْتَصُّ ضِحْكَتكِ الغريرة  بِألَمٍ صُلْبٍ   ينظرُ بعينينِ مِنْ ماس ، وكنتِ تعرفين  جيّداً  أنَّ هذا الألم لم يكُنْ  نَدَماً  على  خَسارةٍ  بِقَدَرِ ماهو الأمل  بأنْ تكوني  مُتاحةً  دوماً  كَوَمضةٍ   تَتَقَلّبُ في  زوايا الماس ، مِثْل دَمعةٍ  مراوغةٍ ، ولا شيءَ أكثر من هذا أبداً

صغيرةٌ في الْحِسَاب ،  كَبيرةٌ في المعنى
كانَ مَعناكِ الهائل أصعبَ   مِنْ قُدرةِ العقل  العَمَليِّ على  صِناعةِ السعادةِ ، وكنتُ حَزيناً  بقوّةِ فَيلسوف  لا يعرفُ  الفرَحَ سواه ، هكذا نَحْنُ يا صغيرتي ،  نَبرعُ دوماً في معرفةِ  ما  خسرناهُ ، كنتِ  رقيقةً  كالجَهلِ  الجميل ،  وكنتُ صبوراً على   لوعتي  بِقناعِ الدَهشةِ ،  تنزلقُ نظرتي  في  بئر عينيك كدلوٍ  يقرعُ القاعَ  ويعودُ فارغاً

مُتَورطاً بعبادتكَ  دون أن  أشْرِكَ  بحقيقةٍ أخرى ،  ربما الإيمانُ   شقيق  المرض  ، أو الحُمّى التي تُنبِيءُ  عنه ،   وَتَقتلُ  أحيانا ، آمَنْتُ بأشياء كثيرةً  قَبلكِ  وخرجتُ منها ملعوناً ،  اللعنة   يسيرةٌ عندنا كالتَسميةِ ،  ما  يجعلني   متأكداً مِنْ قُوّةِ  إيماني  ذلك الرضا  الصامتُ  وهو يتسلّلُ من  ابتسامتكِ  المُتعبَه ، طالما  أنَّ هنالكَ ما يُتعبنا ،   فنحن لم نَزَل على قَيْدِ الضمير

لم تَكوني صَنَماً مُفرِطَ الجمالِ  ، بَل الحَرَكَة الحارّة  في  سكونِ الدهشةِ ، أمًدُّ يَدِي عِبْركِ  كراقصةِ باليهٍ  مِن ضباب ، وأتَبَددُ في  رقصتي ، لم تَكُن الروح الا بياضكِ  الشفيف ، لا املكُ منها غَيْرَ  أنسامكِ حينَ تَميسينَ ، هاهناوهناكَ ، في الحضورِ  والفقدانِ ، لا أعبرُ المسافةَ المهولةَ  ،بل يَختَزلني وقتكِ الوامضَ  كحركةً في الفراغِ  ، لا قَبٍل ولا بٍعْد ،  ذَوبانُ  الندى  في طاسةِ الشمس هو الوقتُ والفعلُ  يَمتزجانِ  ، أيَّ وقتٍ وَأيَّ  فعلٍ تَبدَّدَ ، أو ظَلَّ ، في  لحظةِ الاختراق ؟

خَجِلةٍ مِنِّي ،وَزعلانةً  رُبّما ،  كَمَا يَليقُ بِنَبيّةٍ  لا تُجيدُ  العتاب ، كنتُ أخشى  أنْ أمُرَّ على ظِلّك  النَحيل فَيَتّأوّهُ النور الذي  يَتَرَذْرَذُ مَنْ عبوركَ الساطع  ،حَيرانَ لا  يدلّني طريقٌ أليكِ  ولا تُضيّعني  فِكرةٌ  رعناءَ ، أقفُ حيثُ لا تَمُرّينَ  وأنتظركِ  ، وِأجلس كالشَحّاذِ  في البّريّةَ ، لا مُنقذَ لي  مِن  خَيبتي  غيرَ  الظلام ،   وزعلانةٌ مني ، وخَجِلةٌ رُبّما  ، وكانَ ذلكّ أقسى الظلام  الذي  يَفضَحُ خَيبتي ،  كَذئبٍ  بارق العينين ..

الآخرُ الذي  وَصلَ   قَبلي إليكِ   ، كانَ ساعةً عاطلةً  تَرَكها لنا قَدرٌ  لا يُجيدُ قراءةَ المواقيتِ ، أصلُ قَبلكِ أحياناً ، فَأستقلُّ القطارَ الخَطَأَ الى المدينةِ الخَطأ، وتأتينَ بعدي  ولا تَنتظرينَ ،  كانَ ثَمّةَ راكبٍ  آخرٍ  يَجلسُ مكاني ، ولا مقعدَ آخرَ ، ولا موعد  آخر ولا قطارا آخر  ، هكذا الرحلاتُ  في مُدن الأوقاتِ الضالّةِ ،  نَذهب في اتجاهاتٍ مُختلفةً  من أجلِ أن  نتغَنّى  بأساطير  الفراق ..

كَمَا يَنبغي أنْ تُقَدّس الأمّهات والجِدّات  والبنات والحفيدات ، كَمَا يَنبغي أن تكونَ الطقوس  شديدةَ الوثنيّة  والصدقِ  ، لا دَنَسَ   فيها  غَيْرَ دمِ الأضاحي  ، أحبُّ أن  أوَدّعكِ  بِقصيدة  مَن ياقوتٍ أحمر ،  أقفُ تحتَ شَجرةِ الرُمّان وأصلّي   فَتستيقظُ الزَهراتُ  ويَنْتظِمْنَ عَقداً طويلاً  ، أنا لَنْ أُكَبّلكِ حتى بِعِقدٍ من الحُب  ، سيكونُ سائبَ الطرفينِ  يَسّاقطُ عليكِ  حيثما تطرق  قَدماكِ وَجهَ الأرضِ الكريم ..

أحبُ أن أودّعكِ كَمُقْبل على حربٍ  لا يُحِبُّ أي مَجْدٍ فيها ، يخوضها  لِمجَرّدِ الخَجلِ  مِنَ  الجُبٍنِ ، يسقطُ قتيلاً وهو يضحكُ    مِن تفاهةِ المصادفاتِ  السيِّئةِ  ،وكما كُنتِ أجملَ مُصادفاتي الخاسرةِ  ، سَأقولُ أنَّ الأمرَ كُلّهُ كانَ مُجرّدَ مصادفةٍ ساخرةٍ ، أو عِبادة جاهليةٍ  ،لأجلِ أن لا أسيءَ لشهيد حقيقي ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. نداء الجواري

    يسقط قتيلا وهو يضحك.... إنها قوة العزيمة وروح الكبرياء..تحية للشاعر

  2. سما البياتي

    ايها الشاعر الماراثاوني العاشق السابح وسط وردات العشق والهوى..ابن بهرز الجميلة.. كنت هنا وكان الليل حاضراً والقمر منصتاً لتراتيل الجمال دام تالقك

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

الحصيري في ثلاثة أزمنة

الهوية والتعبير الاسلوبي.. مشتركات تجمع شاكر حسن واللبناني جبران طرزي

موسيقى الاحد: احتفاليات 2025

تهـــــــريـــــج

عدد جديد من مجلة (المورد) المحكمة زاخر بالبحوث العلمية

مقالات ذات صلة

رولز رويس أم تِسْلا؟
عام

رولز رويس أم تِسْلا؟

لطفية الدليمي كلّما سمعتُ شاعراً أو كاتباً يقول:"أنا كائن لغوي. أنا مصنوع من مادّة اللغة" كان ذلك إيذاناً بقرع جرس إنذار الطوارئ في عقلي. هو يقولها في سياق إعلان بالتفوّق والتفرّد والقدرة الفائقة على...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram