TOP

جريدة المدى > عام > تأكيد المفاهيم أم ابتداعها؟

تأكيد المفاهيم أم ابتداعها؟

نشر في: 2 إبريل, 2017: 12:01 ص

 
-1-أثارت موضوعة اليوم: سطوراً وردت في مقدمة لكتاب بعنوان: " ثورة في الذوق". A Revolution in Taste – Macmillan N.Y. 1979للشاعر واستاذ الادب لويس سيمبسون  Louis Simpson.وهو كتاب ذو اهمية نقدية بارزة، لمؤلف ليس كاتباً اعتيادياً ب

 

-1-
أثارت موضوعة اليوم: سطوراً وردت في مقدمة لكتاب بعنوان: " ثورة في الذوق".
 A Revolution in Taste – Macmillan N.Y. 1979للشاعر واستاذ الادب لويس سيمبسون  Louis Simpson.
وهو كتاب ذو اهمية نقدية بارزة، لمؤلف ليس كاتباً اعتيادياً بل هو شخصية ابداعية مرموقة واستاذ أدب صاحب رأي له دراسات مهمة لعل اشهرها المعروف ربما، لدينا هو "ثلاثة على البرج"Three in Tower  .
وهو دراسة أكاديمية مهمة عن اقطاب الحداثة الشعرية: ازارا باوند، إليوت و وليم كارول وليمز.
عمدت الى تأكيد شخصية المؤلف لأن الأفكار التي وردت في مقدمته لذلك الكتاب، ليست مما يسهل تجاوزها أو اللامبالاة بها. وفي حال التعجل بتجاوزها أو التعالي عليها نحتاج الى ثقافة حديثة راسخة تسندنا، فلا يكون كلامنا هوسَ صِبْيةٍ أو تنطّع عابرين. ولهذا سأحاول قدر استطاعتي، أن اكون دقيقاً في نقل افكار الاستاذ سيمبسون، لنرى إن كنا نستطيع اعتمادها في فهم الكتابة الادبية الجديدة، والشعر بخاصة، أم نعتمد ثقافتنا بحدودها المعروفة وما يناسب طاقة الابداع فينا، بعيداً عن النظر الخطأ أو الادّعاء. المهم أن نكون شجعان ونقول بالصواب والمتقدم، وسواء كنا علمياً مع هذه الأفكار أو كنا، علميا، على خلاف معها.. اما أن نعتز بالاثم ونكتب انشاءات فاقدة القيمة وفاقدة للقيم الفنية، متعالين على اصحاب التجربة والتخصص، فذلك في رأيي مما لا يسمى نقاشاً أدبياً. فلا ادب ولا ثقافة ادبية لا علمية وراءهما!
فلنبدأ بقراءة الأفكار، وليكن لنا من بعد رأيٌ فيها:
"الشعراء الانكليز وظفّوا الشعر وسيلةَ خطاب Means of discourse   وكانوا واعين وعياً مركزّاً بثقل الماضي وبمكانتهم في التقليد الادبي Tradilion  Literary "
اذن ، ثمّة موروث ذو وزن وثمّة تقاليد. وبهذا نكون قد حددنا مضمون وزن الماضي أو ثقله في الوعي الفردي، ثم شعورهم بوجودهم المهم ضمن التقليد الادبي – والمقصود هنا طبعاً التقاليد الادبية الانكليزية والشعر الانكليز بوضوح اكثر.
معنى هذا، اننا ابعدنا العبثية في العمل، لا لنبعد السلوى أو الارتياح ولكن لنحترم الوظيفة الشعرية والعمل الكتابي الشعري. ارجو أن يكون واضحاً تأكيدي على الكتابة الشعرية، لأننا نتحدث عن الفن الشعري الحضري، لا البدائي الشفاهي او الشفهي (لأن النسبة في العربية عادة للمفرد..).هذه مسألة اولى. وعلى العكس منها، أي من الاستيعاب الانكليزي للمهمة الشعرية، يعتقد الامريكان، وكما عبر عن ذلك  والاس ستيفنس،
"إن الشعر ليس نشاطاً ادبياً، أنه نشاط حيوي vital activity..."
قبل أن استرسل في الكلام، ارجو ملاحظة أن والاس ستيفنس، سحب الشعر عميقاً الى داخله، الى عمقه الذاتي. جعله بعضاً منه، من "جوهريته الحياتية" فماذا يعني هذا التحول؟
هذا يعني ابعاد اية مهمات "خارجية"، اية خدمات كنسية أو اجتماعية، وبتحديد اكثر، اي مهمات سياسية! وهنا ، الانعطافة الجديدة ذات الخصوصية الغربية، التي بدأت فناً وسُخرت، في احوال، ضد الاتجاهات الواقعية. وقد أُعزي الابتهاج الواسع والاهتمام "الاكاديمي"- الذي يكاد يكون كرنفالياً، بهذا المنحى، لأن هذا الاتجاه امتلك تلك الخصوصية المخالفة أو المضادة للسائد. هو احتفاء بهذه " النقلة التطورية" في رأي آخرين..
هي إذن بداية الفلسفة الشعرية الجديدة. هو تحول في فهم الشعر. وهنا، كما نفهم الشعر، اتصلت البدائية النقية بالانتباه الجديد. وهي هذه الفلسفة التي تبنتها الحداثة وصارت صفة امريكية (ادغار الن بو،  وبترجمة بودلير لألن بو الى الفرنسية صارت الحداثة فرنسية، لتعود الى امريكا..) وذلك بدأً بوصول و.هـ. اودن من بريطانية بعد الحرب الثانية واقامته في الولايات المتحدة، ومن تبعه من بعد من الشعراء الامريكان. اذ كان اودن -البداية- يمثل اتجاه الرسوخ الشعري، التقليد، واليسارية الجديدة، (كان آنذاك يعتبر شاعراً يسارياً وكان متدفقاً بالطاقة والمهارات الشعرية والثقافة الجديدة. هو مهّد لأفكار جديدة في الشعر وأثار حيوية تجديد، قبل أن يثبت من بعد انه اكثر رسوخاً في التقاليد الشعرية والفكر المسيحي والحضارة الجديدة بروحها الغربي العريق لا كما بدا اول السطوع. أن شخصيته الشعرية، متمرداً التي أثرت في الوسط، انحسرت لتنضج قوة الشعر والاعراف الادبية والعقائدية الجديدة. وكأن كانت التمهيد لتقبل الجديد القادم..
نحن نعلم تأريخياً، أن الحركات الطليعية في الفكر والفن تتأرجح او تتعرقل، لكنها تتجاوز الاعتراضات من بعد وتنتصر. هي لا تنتصر بالعناد "الآلي" أو المشاكسة الجاهلة، لكن بالضرورات الجديدة. معنى هذا بحركة الحياة العملية والدينامية ذات التطلعات المتجاوزة. قوة اودن الشعرية وذكاؤه الثقافي وجذره الثابت القوي في الشعر الانكليزي وثقافته الشعرية الواسعة المشهود له بها، اوقفت طيش التحرك زمناً، توقفاً أفاده، أفاد ذلك التوقف الحراك الجديد حتى اكمل ذلك الحراك الجديد نضجه واتضحت ابعاده، فما عاد حركة منفلتة بل صار وعياً فنياً تجلّى من بعد بالحركة الصورية والصوريين الكبار..
ولذلك، يمكنني شخصياً أن اجد صلةً مشتركة من الانتباه الى ضرورة الانتماء المحلي- الكوني، مما اتضح في والت ويتمن. شخصياً، أراه وريثاً امريكياً محلياً، مقابل رسوخ اودن وثباته المعرفي والفني. ومن هذه المرحلة، مرحلة ويتمن المتداخلة، بدأ التطلع الى اللغة الاصفى، الى الفن الأعلى، الى الشاعر الصوري البارز، الذي كان مثاله وليم كارول وليمز..
والحقيقة المتفق عليها، أن المجموعة الجديدة من الشعراء لم تكسب اهتمام القراء ممن توجههم النقدية الجديدة- جماعة النقد الجديد New Criricim . فلقد استعصى على هؤلاء القراء- المثقفين- غموض المعاني واختلاطها. كان ذلك النمط الكتابي الجديد مربكاً لجمهور اعتاد على نظام الجملة وقوة الشعر واحترام الدلالة ورصانة الموضوع.

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

الحصيري في ثلاثة أزمنة

الهوية والتعبير الاسلوبي.. مشتركات تجمع شاكر حسن واللبناني جبران طرزي

موسيقى الاحد: احتفاليات 2025

رولز رويس أم تِسْلا؟

جُبنة ألسخوت(*)

مقالات ذات صلة

رولز رويس أم تِسْلا؟
عام

رولز رويس أم تِسْلا؟

لطفية الدليمي كلّما سمعتُ شاعراً أو كاتباً يقول:"أنا كائن لغوي. أنا مصنوع من مادّة اللغة" كان ذلك إيذاناً بقرع جرس إنذار الطوارئ في عقلي. هو يقولها في سياق إعلان بالتفوّق والتفرّد والقدرة الفائقة على...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram