هل لذات الكاتب تأثير في فنهُ القصصي؟ وهل القصة أو الرواية الناجحة هي تلك التي تحمل جانباً من شخصية كاتبها؟ ألا يتوجب أن ينسلخ الكاتب عن شخصيته وواقعه ليُجسّد ما لايشبهه بذلك سيتفوق على ذاته؟ هذا الموضوع كان محوراً للنقاش في الاتحاد العام للأدباء والك
هل لذات الكاتب تأثير في فنهُ القصصي؟ وهل القصة أو الرواية الناجحة هي تلك التي تحمل جانباً من شخصية كاتبها؟ ألا يتوجب أن ينسلخ الكاتب عن شخصيته وواقعه ليُجسّد ما لايشبهه بذلك سيتفوق على ذاته؟ هذا الموضوع كان محوراً للنقاش في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، خلال ندوة تحمل عنوان "ذات السارد العراقي وعلاقتها بمنجزه القصصي" يقدمها الباحث جمعة مطلك...
من خلال هذا الموضوع بيّن لنا المطلك أن " القاص والسارد العراقي يحاول الهروب من الضمير الجمعي، والشخصيات لا تتعامل مع خلاصات طبقية واجتماعية بل تتعامل مع شخصيات مفتوحة على اللامعنى، ففي السرد العراقي من دكتور ابراهيم لذنون ايوب إلى عادل بطل فاضل العزاوي، كان بطل مخلوقات فاضل العزاوي قريب الصلة لبطل رواية فرانكشتاين بغداد، فلا وجود لطبقة أو بنية أو حالة يعبر عنها السارد".
وأشار مطلك الى أنه يتمنى أن تكون هنالك مجلة أدبية اليوم تشبه مجلة الطليعة التي كانت تقدم قصصاً في أحد اعدادها، وفي العدد التالي تقدم نصوصاً نقدية، مؤكداً أنه " خلال هذه المحاضرة لن نستطيع أن نقدم نقداً أدبياً متماسكاً لأني لم اقرأ بشكل جيد النتاج العراقي الحديث عكس السابق، حيث كنت اقرأ الشخوص الروائية والقصصية بنهم كبير".
وتحدث مطلك عن بطل الكاتب في القصة القصيرة العراقية قائلاً انه " يعاني الأزمة التي لا يستطيع أن يصنفها السارد بحكم بشاعية المجتمع وهذا البطل يسبح بمحيط من اللامعنى الذي لا يستطيع أن يستنكر المعنى من خلاله، فيهرب الى الايدولوجيا كحصن للسارد القديم أما الحديث فيهرب الى الغرائبية والفنتازيا لأن التمثل السسيولوجي للحقيقة ليست مما يستطيع له السارد العراقي، فبيئتنا قاسيةٌ وغرائبية وبلا ضمير".
واعطى الباحث جمعة المطلك مثالاً على محاضرته وهو الكاتب عبد الرحمن منيف الذي جسّد شخصية رجب في شرق متوسط وحاول أن يلامس الشخصيات ولكنه اصطدم في الواقع، ذاكراً " أن ساردين كثراً حاولوا كتابة التاريخ العراقي ولم تكن مشكلة فشلهم في كتابته بسبب ذكائهم بل لضعف التمثلات في معنى الثقافة الاسلامية عموماً والعراقية خصوصا".
وأشار مطلك الى أن الموسيقى اساس في الرواية، مؤكداً أن "على السارد أن يفكر باللغة ذلك أن أول ما يصادر للكاتب هو الخيال، هذا الخيال الرابط بين الرمزي والواقعي يصادر ولهذا يصادر السارد العراقي.
ذاكراً أن "المجتمع العراقي مغترب عن العصر، لهذا نجده أما يذهب للغرب ويكتب من هناك، أو يبقى هنا ويكتب بالهروب الى الجنس أو الفنتازيا من واقع المجتمع." مشدداً على أن "السرد العراقي في ازمة بسبب الاغتراب والاصطدام بواقع الدولة العراقية التي ما هي إلا مشروع وكيان مصادر من قبل الدول الكبرى ولم يجد لها حلاً، فالنتاج الأدبي العراقي ناتج عن لحظة أفول الدولة وبزوغ المجتمع العاجز عن سد فراغ الدولة، واصبح المجتمع رفيداً عن الدولة، وهو مع الأسف متطرف وبلا ضمير وهذا صعب جداً وهذا ما يجعل الكاتب يصطدم بهذا المجتمع".
لهذا نجد أن القصة القصيرة افضل في العراق، لأنها تستطيع استيعاب السرد العراقي اكثر من الرواية، كون الرواية مفتوحة الى أفق اجتماعي وطبقي وسياسي، ولكن القصة بسيطة كالتكثيف الشعري وتعبر عن أخيلة الكاتب.
الناقد بشير الحاجم يقف على طرفي نقيض مع الباحث والمحاضر ويقول الحاجم " لم يدّعي المحاضر أن هناك نقداً، فحسب معرفتي لدينا محاضر عن السرد العراقي بمعنى اننا يجب أن نكون جالسين امام شخص معني بالسرد العراقي، والمحاضر هنا قالها وبلسانه، إنه لم يتطلع على التجارب العراقية السردية الحالية، فكيف سيحاضر لنا إذاً؟ اضافة الى هذا اصبح لديّ لبس ما هو عنوان المحاضرة، ويبدو أن العنوان المخصص للجلسة مجرد عنوان إعلامي لا علاقة له بالمحاضرة".