TOP

جريدة المدى > عام > وداعاً سيف الدين كاطع !

وداعاً سيف الدين كاطع !

نشر في: 11 يوليو, 2017: 12:01 ص

برحيل الصديق الكاتب (سيف الدين كاطع ) يكون الوسط الثقافي داخل العراق قد خسر  مبدعاً وإنساناً طيباً دمث الأخلاق، يمتلك روحاً عذبة ومحبة للجميع وضحكات عاليات يسخر بها من آلامه  في أصعب وأحرج الظروف . عاش سيف الدين فقيراً ورحل فقيراً من هذه ال

برحيل الصديق الكاتب (سيف الدين كاطع ) يكون الوسط الثقافي داخل العراق قد خسر  مبدعاً وإنساناً طيباً دمث الأخلاق، يمتلك روحاً عذبة ومحبة للجميع وضحكات عاليات يسخر بها من آلامه  في أصعب وأحرج الظروف . عاش سيف الدين فقيراً ورحل فقيراً من هذه الدنيا التي أخذت منه كل شيء جميل وأعطته الفقر ومضايقات السلطة، وأخيراً كان المرض الذي  داهمه قبل شهور وفقد على أثره نظره !
كان من الممكن علاجه لكن ظروفه الاقتصادية الصعبة حالت دون معالجته للأسف الشديد ، وكان على الدولة العراقية بأن تنقذ حياة سيف الدين كاطع وآخرين من مبدعينا الكبار الذين فقدوا حياتهم بسبب الفقر والإهمال داخل المستشفيات العراقية التي تفتقر للكثير من المستلزمات الطبية، وكذلك لا تتوفر فيها أبسط الشروط الصحية التي تؤهل المريض وتساعده في تجاوز مرضه، وهكذا غادرنا سيف الدين كاطع هذه الأيام بعد أن ساءت حالته الصحية .
سيف الدين كان يمتاز بابتسامته العريضة التي شاهدتها لأول مرة عام 1979 وهو يدخل مقهى البرلمان مقابل جامع الحيدر خانة بشارع الرشيد والذي كان يطل من شارع المتنبي، وعندما وضعت الحروب أوزارها  وغادرت العراق الى الأردن في التسعينيات وازدادت هجرة العراقيين الى الأردن حتى جاء عام 1997 وعند مجمع رغدان بعمّان أمسكتُ بحقيبة سيف الدين كاطع وكان معه الشاعر سعد جاسم ، كنتُ فرحاً بوصول سيف  الى عمّان علّه يستنشق هواء الحرية بعيداً عن الحصار الاقتصادي الذي أنهك شعب العراق في تلك الفترة المؤلمة التي كانت فترة ظلامية بكل المقاييس، حدثني سيف عن الحصار ومآسيه الذي نخر أشلاء الفقراء داخل العراق . سيف الدين الذي كان صديقاً لأخي منذ فترة السبعينات  يحمل في داخله  تاريخ الثقافة العراقية برمتها وهو الشاهد على تأسيس جيل السبعينيات الشعري وتابع خطوات وتطورات ذلك الجيل الذهبي حتى رحيله ، بأخلاقه العالية وضحكته العريضة التي ترنو في مسامع أصدقائه يردد سيف كلماته الجميلة المنتقدة والساخرة  من وضع البلاد المزري ومن الفقر والحياة القاسية في ظل ظروف الحروب والحصار والنظام المتسلط على رقاب الناس آنذاك ، لقد تحمل سيف الدين كاطع الكثير من الآلام التي عصفت بالبلاد منذ اوآخر السبعينيات وحتى يوم رحيله المؤلم صبيحة 8/7/2017 .
وقبل شهرين تقريباً كنا قد اتصلنا بسيف الدين من العاصمة أوسلو عندما كان يزورها الشاعر الدكتور خزعل الماجدي فتحدثنا مع سيف طويلاً ،  د. خزعل واخي ستار وانا، وكان فرحاً وهو يسمع اصواتنا ثم قال لي : لم انس حملك لحقيبتي في عمّان ومساعدتك لي بكل شيء ، كان سيف يكتب الشعر ولا ينشره حتى أن الدكتور الماجدي قال لنا بعد المحادثة معه، إنه إطلع على مجموعة شعرية جميلة لسيف الدين كاطع وشجعه الماجدي على نشرها لكنه لم ينشرها ..
ومن منفانا نحن اصدقاء سيف قد اصابنا الحزن الشديد جراء رحيله المبكر في تلك الظروف العصيبة التي يمّر بها العراق أرضاً وشعباً ..
وداعاً سيف الدين كاطع ، لقد كسرت ظهورنا برحيلك المؤلم
وداعاً ايها النقي ، وداعاً أبا مقداد الطيب ....!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد:أريش فولفغانغ كورنغولد

صورة سيفو في مرآة الوهايبي

"مُخْتَارَات": <اَلْعِمَارَةُ عِنْدَ "اَلْآخَرِ": تَصْمِيمًا وَتَعْبِيرًا > "لِوِيسْ بَاراغَانْ"

"حماس بوينس آيرس" أول مجموعة شعرية لبورخس

علي عيسى.. قناص اللحظات الإبداعية الهاربة

مقالات ذات صلة

بورخيس،هايزنبرغ وإيمانويل كانت
عام

بورخيس،هايزنبرغ وإيمانويل كانت

أدار الحوار: مارسيلو غلايسر* ترجمة: لطفية الدليمي ما حدودُ قدرتنا المتاحة على فهم العالم؟ هل أنّ أحلامنا ببلوغ معرفة كاملة للواقع تُعدُّ واقعية أمّ أنّ هناك حدوداً قصوى نهائية لما يمكننا بلوغه؟ يتخيّلُ مؤلّف...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram