الأربعاء، 16 إبريل 2025

℃ 19
الرئيسية > أعمدة واراء > عن احتضار الصحافة

عن احتضار الصحافة

نشر في: 23 أغسطس, 2017: 09:01 م

مؤخراً أطلقت عدة صحف عراقية نداء استغاثة مفتوح لإخراج الجرائد اليومية من غرفة الإنعاش.
للأسف لم يتفاعل من هذا النداء سوى قلة قليلة جداً بما في ذلك النقابات والاتحادات ذات الشأن. وفضّلَ البرلمان والحكومة والجهات المعنية موقف الفرجة على الحال المأساوي الذي وصلته الصحافة الورقية.
وللمفارقة فإن استغاثة الصحافة الورقية في العراق تتزامن مع إعلان بغداد عاصمة للصحافة العربية لعام 2017.
ولا يقتصر الحديث عن تحديات الصحافة الورقية على العراق أو المنطقة، بل بات تحدياً عالمياً بعد تطور وسائل الاتصال وتغوّل منصّات التواصل الاجتماعي. لكنّ تصاعد التحدي التكنولوجي لايجب أن يكون مبرِّراً لترك الصحافة الورقية لمصيرها المحتوم. فلسنا البلد الوحيد الذي يغرق في بحر السوشيال ميديا والصحافة الرقمية، إلا أنك لن تجد دولة أسلمت زمامها الى فبركات السوشيال ميديا، واستعجال الصحافة الرقمية وتخلّت عن الصحافة الورقية. الاخيرة باتت تلعب دور الذاكرة، والصحفي بات يأخذ دور المؤرخ في عالمنا المعاصر.
وإذا كانت إدارات المؤسسات الصحفية تتحمل جزءاً من مسؤولية مواجهة التحديات والتكيف معها، فإن الدولة ومؤسساتها يجب ان تتحمل مسؤوليتها القانونية والأخلاقية لحماية الصحافة الورقية.
فالدولة تمتلك أدوات قوية وفاعلة، لو أرادت استخدامها، لضخّ الدماء في عصب الصحافة الورقية، من خلال خلق منظومة عادلة وشفافة لإدارة توزيع الإعلان الحكومي وغير الحكومي، وكسر احتكاره من قبل مافيات تعشِّش في المكاتب الإعلامية للوزارات والمؤسسات الرسمية.
وكما فعلت الدولة في مبادرتها لدعم الدراما، فالصحافة الورقية أهم وهي أولى بالدعم. فهناك شركات الاتصالات وشركات النفط تلزمها العقود بتخصيص جزء من أرباحها للفعاليات الثقافية والاجتماعية. كما أنّ الوزارات وشركات القطاع الخاص بإمكانها المساهمة في صندوق لإنعاش الصحافة الورقية، عبر إجراءات تلزم هذه الأطراف بذلك.
من هنا يتوجب على لجنة الثقافة ووزارة الثقافة أخذ نداء استغاثة الصحافة الورقية على محمل الجد، وتولي زمام مبادرة إنقاذ الصحافة. فاللجنة البرلمانية قادرة على تشجيع تأسيس صندوق لدعم الصحافة شبيه بصندوق دعم السينما الذي تولت النائبة ميسون الدملوجي تبنّيه مؤخراً. كما أن وزارة الثقافة ووزيرها الزميل الصحفي، مطالب أيضا بإجراءات فعّالة لدعم الصحافة الورقية وتشجيعها مادياً ومعنوياً. وبهذه المناسبة على وزارة الثقافة إدراج الصحافة ضمن (جائزة إبداع الدولة)، وعدم اقتصارها على الفنون المعروفة. فالدور الكبير الذي لعبته الصحافة العراقية بعد 2003 لا يضاهيه دور آخر، لا سيما وأنها قدمت مئات الشهداء في طريق ترسيخ أسس حرية التعبير وتداول المعلومة، ومواكبة التحديات الأمنية والسياسية.
بالإمكان البناء على خطوة (اتحاد أصحاب الصحف) الذي تأسس مؤخراً، لجعله لبنة أولية لمبادرة إنقاذ الصحافة أولاً، وتنظيمها ثانياً، على أسس مهنية تمنع تسلل الطارئين والطامحين، والمعتاشين.
وفي ضوء فشل العمل النقابي الصحفي في العراق لأسباب عديدة، فإن اتحاد أصحاب الصحف بإمكانه لعب دور "المظلة النقابية" المدافعة عن مصالح العاملين في المهنة، وإبعاد الصحفيين "الفضائيين" والصحف "الموسمية" والمنظمات الوهمية، الذين يستولون على الدعم المحلي والدولي منذ 14 عاماً. ولم نرَ لذلك أثراً في واقع الصحافة والصحفيين الحقيقيين.
فمثلاً، أعلن التحالف الدولي تخصيص أكثر من 30 مليون دولار، خلال العامين الأخيرين، لمواجهة داعش وفكره الإرهابي. إلّا أن هذا التمويل الضخم ذهب جزء كبير منه، بطرق ملتوية، لدعم جيوش إلكترونية في الفضاء الافتراضي. إذ وجهت هذه الجيوش ضربة قاصمة لمعايير المهنة، التي تعتمدها الصحافة الورقية، واستبدلتها بالأخبار الملفّقة من هنا وهناك.
 كما أن تمويل المانحين الدوليين للجيوش الإلكترونية وضع الصحافة الورقية، أمام تحدّي الموارد الإنسانية التي باتت تبحث عن مردودات مالية عالية من دون جهد حقيقي تبذله.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تقلبات جوية متسارعة في العراق ابتداء من الليلة

النزاهة: إعادة أكثر من مليار و300 مليون دينار إلى خزينة الدولار

بعد 80 عاماً على تواجده الأول.. البنك العربي يعود إلى بغداد

جهاز مكافحة الإرهاب يعلن القبض على "والي الأنبار"

السجن 15 عاماً لأبرز متظاهري تشرين في ذي قار بتهمة القتل

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

سيكولوجية تجنيد العقول في الجماعات الارهابية الدينية

قناطر: العالم يتوحش .. المخالبُ في لحمنا

العمود الثامن: قوات سحل الشعب

العمود الثامن: في ذكرى غاندي

"الحشد الشعبي"... شرعنة التشكيل بوظائف جديدة

العمود الثامن: روسو يتطلع إلى بغداد

 علي حسين ظلّ الكتاب والمفكرون يضربون أخماساً بأسداس وهم يحاولون وضع تصور للدولة العادلة، لم يوفق أفلاطون في حل اللغز حتى وهو يخصص للموضوع كتابا بعنوان "الجمهورية" تاركا المهمة لتلميذه النجيب أرسطو الذي...
علي حسين

قناديل: مقالةٌ عن المقالة !!

 لطفية الدليمي لِما يزيدُ عن الخمس عشرة سنة وأنا مواظبةٌ على كتابة مقالة أسبوعية في (المدى). اليوم سأروي بعضاً من مسرّات وشجون كتابة المقالة. حتى عام 2009 كنتُ أكتبُ مقالاتٍ متفرّقة في موضوعات...
لطفية الدليمي

قناطر: أغنيةُ أبي

طالب عبد العزيز حزينٌ، لأنني ما زلتُ ألتذُّ بسماع الموسيقى القديمة، وأقرأُ الاجملَ في كتبي القديمة، وأشاهد الأفضل من الأفلام القديمة، وأتذكرُ الاحسنَ المتحضرَ من الأمكنة؛ والمدن القديمة، وحزينٌ جداً لأنَّ النظام السياسي –الديني-...
طالب عبد العزيز

العدالة الدولية تحت المطرقة (الجزء- 2)

حسن الجنابي انتقل القاضي الدولي كريم خان في عام 2021 الى منصب رفيع آخر هو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية (ICC)، وسيستمر في المنصب لمدة تسعة أعوام أي حتى عام 2030. وواضح أن الرجل...
حسن الجنابي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram