التطرف بإطلاق الأحكام على الآخرين، والتمييز بين الناس وفق أهواء ومقاييس نحن نضعها وننسبها إلى الله، جعل منا مجرمين من نوع آخر، ونسينا أن لكُلّ منا اختلافه وميزته، على أن لا يمسنّا اعتقاد الآخر بسوء.روحان مُلتصقتان بجسد واحد، إلا انهما تختلفان عن بعضه
التطرف بإطلاق الأحكام على الآخرين، والتمييز بين الناس وفق أهواء ومقاييس نحن نضعها وننسبها إلى الله، جعل منا مجرمين من نوع آخر، ونسينا أن لكُلّ منا اختلافه وميزته، على أن لا يمسنّا اعتقاد الآخر بسوء.
روحان مُلتصقتان بجسد واحد، إلا انهما تختلفان عن بعضهما تماماً، إحداهما تميل إلى الحب، تشغف بالأشياء كما هي، وتنظر إليها ببساطة، أو بسلطة القلب، غافلة عن النار والنور، الثواب والعقاب، أما الروح الأخرى، فتُعلق الاشياء على عاتق الرب، وتضع من نصوص الدين مقصلةً تُعلق عليها الأجساد لتسلخها، أو تطلق أحكام الموت على هذا وذاك، مستندة إلى نصوص ربانية مكتوبة ومفسرة من قبل هذه الشخصية نفسها من دون استناد أو دليل، تضع هذا في بؤرة النار، وتهدي ملاذ الجنة لذاك دون أي تبرير أو انصاف.
بين التطرف والعنف، والحب والسلام، حربٌ طويلة، نحن اليوم نعيش تبعاتها، بكل ما تحمله وتخبئه من حطام، بطريقة مميزة نوقشت هذه الموضوعة في مسرحية " آخر نسخة منّا " لمخرجها علي صبيح وتأليف علي عبد النبي الزيدي، بطولة كل من محمد لواء وعبد الله وسام، وشهد العبيدي.
عن العمل وفكرته يذكر مخرجه علي صبيح " أن الفكرة جاءت من واقع اتعبنا نعيشه كل يوم وعند كل لحظة، وهو شعور الحياة والموت المتعلق بعلاقتنا بالله، هل نحن كافرون أم مؤمنون؟، هذا التصنيف الذي يرسمه بعض المتطرفين لنا، دون ذنب منا أو دراية".
وأكد صبيح " لقد اشتغلنا على العمل بشكل مستمر، ولفترة طويلة، في الواقع لأن هذا العمل يعتمد على حركة قليلة وضعيفة، اعتماده الاكبر على الحوار بين الشخصيات، اضافة إلى الموقع والديكور، وكيف تحافظ هاتان الشخصيتان على ثباتيهما أمام الجمهور".
بطلة العمل التي كانت تقف تماماً كجندي مجهول، والتي يُعرف دورها بالممثل الذي يقود ويحرك العمل شهد العبيدي، تذكر قائلة "أنا أمثل دور الجسد النسوي أو الانثوي في هذا العمل، والذي يحرمه المتطرفون، إلا أنهم في الواقع يلهثون نحوه، أما الأشخاص المعتدلون فينظرون إليّ ببساطتهم، وبدافع الحب لا أكثر، دوري محرك للعمل إلا أنه صامت وغير مرئي".
من جهته يذكر الفنان محمد لواء، والذي أدى دور الروح المتطرفة بالعمل "أن هذه الشخصية مهمة بالنسبة لي، فهي صعبة، عنيفة، بلا اي وجه منطق أو حق، انها تحاول أن تضع الناس على جانبين، أما الايمان أو الكفر، متغاضية عن أن الانسان مجموعة انفعالات وعواطف، وحسنات وسيئات، وإن لله وحده الوقت والقدرة على محاسبتها، ولا يجوز لشخص لا يملك أي سلطة على الآخرين أن يعزل ويحاسب ويعاقب ويميّز".
العرض انطلق مساء يوم الاثنين الفائت، مستمراً للأيام التالية على خشبة منتدى المسرح التجريبي، وقد شهد العرض حضوراً ثقافياً وإعلامياً مميزاً.