TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سيرة خالية من المنجزات

سيرة خالية من المنجزات

نشر في: 4 نوفمبر, 2012: 08:00 م

يجادل أحد المسؤولين بوظيفة الإعلام، معتبراً أن الإعلام الذي يتسقط عثرات السلطة التنفيذية ولا يكشف عن منجزاتها هو إعلام تحريضي، يسعى إلى تأليب الناس ضد السلطة التنفيذية. ثم يسترسل بجداله مستغرباً أن تُخصص ساعة تلفزيونية كاملة للتحقيق بمشروع متلكئ، أو للتساؤل عن آخرَ نُفذ بمواصفات سيئة، ثم لا تخصص أكثر من دقائق معدودة لتغطية نشاطات الدوائر الخدمية في الوزارات.. حسنٌ، ألا يبدو على هذا الجدال أنه معقول أول وهلة؟ ولمَ لا، ألا تستحق الجهات التنفيذية فرصة؟
في الحقيقة هي لا تستحق هذه الفرصة في المؤسسات الإعلامية؛ لأنها تستطع أن تستوفيها في المؤسسات الإعلانية، وها هنا فرق جوهري بين المؤسستين، أقصد تلك التي تُعْلِمُ جمهورها بمعلومة تعتقد أنهم بحاجة لأن يَعْلَموا بها، وبين تلك التي تُعْلِن لهم ما يُطلب منها أن تعلنه لهم. الفرق بين المؤسسة الدعائية وبين المؤسسة الإعلامية هو أن الأولى تعرض خدمة الترويج لمن يدفع أجورها، والثانية تعرض المعلومة للمهتم بها، وهذا المهتم في حقيقته هو دافع أجور أيضاً، لكن بصورة غير مباشرة.. ولو أن مؤسسة إعلامية تحترم نفسها حاولت أن تعرض على جمهور "واعٍ"، الدعاية بدل المعلومة، فإنها ستخسر هذا الجمهور حتماً.. لذلك أريد أن اقول لهذا المسؤول النائم: عليك أن تبحث عن مروجين يا سيدي الفاضل، لا عن إعلاميين.
لكن ما يجب الالتفات إليه أيضاً، أن هذا الـلَّبس لا يقتصر على بعض المسؤولين، بل هو يتكرر كثيراً، وخاصة على صفحات (فيسبوك)، فعند التعليق على الأخبار أو المقالات تجد دائماً أن هناك من يستغرب تتبع تقصيرات الحكومة، ويتساءل: لماذا تبحثون على العثرات فقط؟ ثم يُتبع تساؤله هذا بسيل من الشتائم والاتهامات بالعمالة والرخص وما إلى ذلك..
لهؤلاء وللسيد المسؤول، أقول: إن المنجز الذي يقدمه الجالس على الكرسي التنفيذي إنما يقدمه لقاء أجور تُدفع له من المال العام، أي من مال الشعب، وهو لهذا السبب لا يستحق أي إشادة، فهو لم يُحسن لأحد، ولم يتفضل على غير نفسه؛ لأن قيامه بواجباته على أتم وجه سيحميه من تبعات المساءلة عند التقصير.. بعبارة أخرى: إن تنفيذ المسؤول الواجب المطلوب منه على أتم وجه، يجعله مستحقاً الأجور التي يتقاضاها، أما إذا قصَّر بزاوية من زوايا هذا الإنجاز فسيكون مستحقاً العقوبة.. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن واجب الإعلام هو الكشف عن الحقائق، وفي حال أن الإعلامي كشف عن تقصير ما، وكان هذا التقصير حقيقة واقعة، فلا يلام على ذلك حتى لو كان للجهة المقصرة ألف منجز سابق، أنجزته بدون تقصير. ومن هنا، عندما يرتكب شخص ما، جريمة لأول مرة في حياته، فلن نستغرب محاسبة الجهات القضائية له، ولن نطالبها بالإفراج عنه بذريعة أن سيرته خالية من السوابق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Ankido

    بسطال الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم ابو الفقراء رمز النزاهة والعدالة والوطنية أشرف من عمائمهم.

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram