TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حكومة "الافراط" لابد ان تكره الشبيبي

حكومة "الافراط" لابد ان تكره الشبيبي

نشر في: 4 نوفمبر, 2012: 08:00 م

ما جرى في قضية السيد سنان الشبيبي، يصلح نموذجاً لتجسيد حالة الفوضى والجهل التي تسيطر على صناعة القرار في العراق.
قرار الإقالة صدر عن مجلس الوزراء ضاربا عرض الحائط بكل الاعتراضات التي تقول ان البنك المركزي هيئة مستقلة لا يجوز عزل محافظها إلا بقرار يصدر من تحت قبة البرلمان، ثم تبين أن القرار طبخ بالاتفاق مع السيد أسامة النجيفي، ثم في غمضة عين تم إصدار قرار قضائي باعتقال سنان الشبيبي والتهمة لم تكن سرقة أموال البنك وتوزيعه على أقاربه ومحبيه، ولا في تبذير الاحتياطي النقدي، وانما جريمته حسبما كشف لنا نائب رئيس الوزراء في لقاء اجرته معه قناة الحرة هي "الإفراط في الاستقلالية" فالسيد المطلك يعتقد انه لا يليق بمسؤول بدرجة محافظ البنك المركزي أن يصر على استقلالية البنك، وان لا يعقد جلسة سمر ليخبر السياسيين بحجم الأموال الموجودة، وان الشبيبي لم يترك الفرصة للمطلك وغيره من ساستنا الاشاوس في ان تتمتع عيونهم بما خف حمله وغلا ثمنه.
في كل مرة اسمع تصريحا للمطلك أصاب بالأسى الا التصريح "المفرط" فقد انتابتني بسببه موجة من الضحك الهستيري، فالرجل مصر على أن لا يتوقف عن إطلاق الجمل الغريبة حول الديمقراطية والعملية السياسية، وهي جمل الغرض منها خداع الناس بكلام ناري ثم يفاجأ الجميع ان الذين حسبناهم اسودا في مواجهة الفساد والتحزب الطائفي، نفاجأ بأنهم ليسوا أكثر من نعامات تخفي رؤوسها في الرمال ولا تخرجها إلا عندما يأمر زعماء الطوائف، يدعون أن حياتهم مكرسة من اجل حقوق الإنسان، وان النوم يجافي عيونهم حتى تتوقف الانتهاكات وتشرق شمس الحرية والعدالة الاجتماعية، ويزداد سطوع النزاهة والشفافية، ثم نكتشف أن كل ما يهمهم في الحياة هو الحصول على الكرسي وما يتبعه من امتيازات ومقاولات ومشاريع، يطلقون غازات ثقيلة من الخطب والشعارات والبيانات التي تملأ هواء السياسة بالتسمم وكان آخرها البيان الذي أصدره مكتب أسامة النجيفي والذي أخبرنا فيه ان السيد رئيس البرلمان اكتشف مشكوراً ان هناك شبهة فساد في عمل الشبيبي، وعليه لابد ان يقدم للمحاكمة ليدفع ثمن عناده وإصراره على الاحتفاظ بالاحتياطي النقدي ولم، يسلمه للحكومة كي تقدمه عيديات لعدد من الأحباب والمقربين، ولاننا لانزال نعيش فصل الفنتازيا السياسية فقد اخبرني زميل ممن حظوا بلقاء رئيس الوزراء ضمن وفد ضم محللين سياسيين وأكاديميين، ان رئيس الوزراء وبعد ان استمع الى حديث البعض منهم حول الشبيبي وسمعته الدولية وكفاءته في مجال اختصاصه قال لهم بالحرف الواحد: "اي كفاءة تتحدثون عنها وقد رفض ان يمول مشروع البنى التحتية من الاحتياطي النقدي" ويضيف الزميل الذي اثق بصدقه من ان المالكي انتفض وهو يقول: شنو شراح يصير اذا الاحتياطي صار خمسة وعشرين مليار مو سبعة وستين".
وأظن أن هذا الكلام لا يصدر إلا عن مسؤول يعشق الكوميديا ويمارسها، على أساس أن قليلا من الفكاهة يُصلح الحالة النفسية للعراقيين.
وأنا اقرأ واسمع هذه التصريحات تمنيت لو ان هؤلاء الساسة الذين فشلوا في ادارة البلاد خلال السنوات الماضية، ان يغادروا المشهد، ففراق بمعروف احسن، وربما يغفر لهم ما اقترفوه من ذنوب لا تحصى بحق العراقيين،
واعتقد ومعي ملايين العراقيين إن هناك عشرات الأسباب التي تدعوهم إلى التفكير في الجلوس في بيوتهم وتجعلهم يحكمون ما تبقى من ضمائرهم ويسألون أنفسهم عن حقيقة الدور الذي لعبوه في خراب هذه البلاد وسيجدون انه اشرف وأكرم لهم لو أنهم تواروا عن الأنظار.
ذكرني حديث المطلك عن "الافراط في الاستقلالية" بما قاله العام الماضي وفي مثل هذه الايام ايضا، ومن على قناة الحرة حين استضافه الزميل سعدون ضمد في برنامج حوار خاص فقد اعتقد المطلك ان الديمقراطية لعبة جلبتها أمريكا معها وارادت بها ان تشغل أوقات الناس.. حين سأله المقدم عن رؤيته لمستقبل العراق بعد الانسحاب الامريكي قال وهو يبتسم: "بعد خروج الأمريكان، ستسقط الديمقراطية لأن من صاغها وحماها هم الأمريكيون".
والان عزيزي القارئ وأنت تقرأ هذه المقولات الفلسفية لاقطاب السياسة في العراق، هل تعتبر ما يجري اليوم كوميديا أو تراجيديا؟ طبعا الأمر في النهاية متروك لصناع الدراما السياسية، أما انا وانت، فليس أمامنا سوى خيارين لا ثالث لهما، أن أو نبكي او ننتحر ضحكا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. hamza

    this is noori the prime minister theory about economy , he is no better than hussain kamil . infact hussain kamil is better than noori. the iraqi government is mahzala and math7aka ya naas . ya iraqeen your central bank is going to be stolen . go and buy

  2. كامل الكناني

    الافراط بالاستقلالية تكون انحرافا وتمردا وليس نكتة لان الاستقلالية هي الوسط المعقول اما ما قاله المالكي في جلسة الاكاديميين فليس نكتة مضحكة بل كلام رصين اثار استغراب الجميع بما فيهم من نقل لك المعلومة مغلوطة او انت حرفتها لان الشبيبي كان يمتنع عن اطلاع ال

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

"دبلوماسية المناخ" ومسؤوليات العراق الدولية

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram