TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > 204 فقط

204 فقط

نشر في: 11 فبراير, 2018: 05:09 م

بدأ مجلس الحكم في العراق بـ 25 عضواً، ثم توسعت الجمعية الوطنية الى مئة عضو، بعدها وجد السادة رؤساء الأحزاب أن البرلمان بحاجة الى دماء جديدة فأصبح لدينا 275 عضواً، ثم أستدركت الأحزاب حالها قبل فوات الأوان، فأضافت خمسين نائباً جديداً ليصبح العدد 325، وفجأة اكتشفنا إن الرقم بحاجة الى ثلاثة أعضاء " يعدلون الميزان " فأصبح عدد النواب 328، الآن اكتشف السادة " الافاضل " إن احوال البلاد لن تستقر إلا بإضافة رقم جديد، ليصبح العدد الاجمالي لفريق " الخراب " 329 لاعباً.
وكنا بعد 2003 استيقظنا على عدد محدود من الأحزاب التي اخبرتنا إنها ستدخل بنا عصر الديمقراطية من أوسع أبوابه!! ولم نكن ندري أن الأحزاب ستصاب أيضاً بداء " التفريخ " مثلها مثل النواب، ليتمكن العراق من خلالها الدخول الى قائمة غينيس باعتباره الدولة التي تضم أكثر من 204 أحزب تتنافس على " كعكة البرلمان ".
منذ أن دخلت عبارة "الديمقراطية" قاموس الحياة العراقية اليومية شاعت كلمات مثل المحسوبية والانتهازية آلاف المرات ونفذت الجهات السياسية عمليات إعدام بالجملة لكل مفاهيم الديمقراطية الحقيقية في إطار سياسة تجفيف منابع الخطر، بل إن من التشريعات الحكومية ما يُجرم كل من يطلق صرخة غضب ضد الفاسدين والمدلسين والمزورين.
ننظر الى هذا العالم من حولنا ونخجل، انظروا إلى دبي وبكين وسنغافورة والى ماليزيا، لن تجدوا سوى أرقام التنمية والرفاهية والعدالة الاجتماعية، أرقامنا نحن من نوع آخر.. 204 أحزاب، 329 نائباً، خمسة ملايين مشرد، مئات الآلاف من القتلى، أكثر من 600 مليار دولار نهبت في مشاريع وهمية.
كان بالإمكان أن أتجنب الحديث عن هؤلاء لو كانت هذه الارقام تتعلق بالتنمية والعمران والتعليم ، لكنها ارقام تحولت الى نوع من انواع البكتيريا الضارة التي استوطنت في جسد العراق.
ألا يستحق العراقيون الاستقرار والرفاهية والعدالة الاجتماعية من دون أن ينتخبوا " 204" أحزاب؟! وهل الخيار الوحيد الممكن بين حزب واحد ألغى كل أشكال الحياة السياسية، وبين أحزاب تتكاثر مثل الامراض المعدية؟ لماذا لا يحق لنا حياة سياسية حقيقية مثل بقية البشر؟ ولماذا تتبارى الدول من أجل البناء والعلم، بينما أحزابنا تشيع الجهل والخراب.
تبقى إحدى حسنات أحزاب العراق الجديد إنها حركت في العراقيين، حاسة الضحك والتنكيت وتحويل مسلسل " عتاب وحنان " إلى مسلسل نكات يومية على ما يجري من مهازل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. بغداد

    استاذ علي حسين سؤال ونريد منك الجواب بمقال تخبرنا عن الأسباب التي مكنت هذه الوحوش البشرية ان تفترس العراق بهذه الطريقة المرعبة المقززة المنفرة التي تنهش بلحوم الأحياء ولحوم موتى الشعب العراقي منذ احتلال بغداد عام ٢٠٠٣ عندما استلمت هذه الوحوش البشرية الحكم

  2. الشمري فاروق

    الاخ العزيز علي...معذرة ..أن عدد الاخزاب في العراق 206 ولبس 204...وشكرا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram