ترجمة/ أحمد فاضل
ضيف التجمع الثقافي في البصرة بالتنسيق مع دار نشر شهريار الباحث حيدر دوشي لإلقاء محاضرة بعنوان (الفلسفة بوصفها قراءة آثمة). قدمه الباحث الدكتور محمد عطوان، في كلمة جاء فيها: ثمة موضوعات عديدة شائكة، ملتبسة ومعقدة أيضاً، نواجهها دائماً حين نقرأ كتاباً أو موضوعاً فلسفياً.. نواجهُ صعوبةَ في تشريح المفاهيم الفلسفية، والأغراض والوظائف العقلية: الوجودية والاجتماعية، والأشكال والأصول والشرعية.. الخ. وأضاف، بأن معظم الفلسفات التي نتحدث عنها هي فلسفات معاصرة، منها: فلسفات دينية، وروحية ونسوية نقدية ووضعية محدثة ومادية.. وهذه الفلسفات لا تشترك في تاريخ ميلاد واحد. بمعنى أن هناك فلسفات جديدة تظهر ضد الفلسفات العتيقة لتحل محلها خلال الصراع التاريخي وهذا الصراع هو صراع على السيادة.
وقد جاء في ورقة الباحث حيدر دوشي، بأن: الفلسفة مثل العلوم والآداب والفنون من الانظمة الفكرية التي تنشأ في مرحلة من مراحل تطور المجتمعات تفسر تجربة البشر, تعكس وعي الانسان بذاته, وبالعالم من حوله وتقود هذا الوعي أو توجهه. وأضاف بأن، بقاء هذه الانظمة الفكرية والاجتماعية واستمرارها في التأثير في حياة الجماعة أية جماعة, لا يمكن أن يفهم أو يفسر إلا بفهم الوظيفة التي تؤديها في حياة الجماعة. ولأن كفة الفلسفة, منذ أن استقلت العلوم واصبحت لها مناهج مستقرة وثابتة عن أن تكون نظاماً شاملاً لتحصيل المعرفة. فقد بقيت لها مهمتها الاساسية وهي تأويل المعرفة الانسانية بأكملها. وبقدر تعدد تجارب البشر فأن تأويلها باتجاهات مختلفة وارد.
وتابع، بأن أحد النتائج التي يقدمها لنا علم الاجتماع, هي أن البشر والمجتمعات لا يعيشون وفقا لمعارفهم فقط, وإنما تساهم تأويلاتهم للعالم اسهاماً كبيراً في صياغة طرائق عيشهم وتحقيق أنماط وجودهم. وهذا الفهم والتأويل انما يتم عبر القراءة. ومن هنا تتعدد أنواع القراءات بحسب اهتمامات القراء والخلفية الفكرية التي ينتمون إليها, إلا انه رغم هذا التعدد يمكن أن نرجعها إلى نوعين كبيرين: القراءة المطابقة: وهذا النوع من القراءة تريد أن تبقى في حدود التلقي المباشر وتجتهد في أن يكون هذا التلقي بأكبر قدر ممكن من الإمانة. فهي تنفي أي تدخل لها وتخضع نفسها للنص, تبرز ما يبرز وتخفي ما يخفي لتقدم لنا صوره طبق الأصل من المقروء، وهذا ماتفعله في الغالب الكتب المدرسية وأيضا المؤلفات الجامعية الاكاديمية. وثاني هذه القراءات ما يسمى بالقراءة الآثمة: وهذا النوع من القراءة لا يقف عند حدود التلقي المباشر. بل يريد أن يستخرج القول المضمر الموجود في داخل القول الصريح في الخطاب. فلا تكتفي بالعرض والتلخيص والتحليل، بل تريد إعادة بناء ذلك الخطاب على نحو أكثر تماسكاً واقوى تعبيراً عن احد وجهات النظر التي يحملها الخطاب صراحة ام ضمنا. أما ثالث هذه القراءات فيتمثل بقراءة التوسير لماركس. وكانت نقطة البداية لدى التوسير في إعادة قراءة كتاب ماركس (رأس المال) لغرض محدد هو إبراز الجدة والاصالة التي جاء بها ماركس فلسفياً وكانت لهذه العودة الجريئة نتائج مثيرة خالف فيها كل ما كان شائعاً حتى ذلك الوقت من أحكام حول ماركس والماركسية. ويرى ألتوسير في كتاب (الايدلوجية الالمانية) نصاً مفتاحياً للولوج الى اشكالية التطور الفكري لدى ماركس, مقرراً إن كل ما كتبه ماركس قبل ذلك هو نتاج ايديولوجي كتبه تحت تأثير الفلسفة الالمانية ونزعة فيورباخ الانسانية، وإن الانتاج العلمي لماركس انما يبدأ بعد كتاب (الايديولوجية الالمانية) وتحديداً بكتاب (بؤس الفلسفة).