علي حسين
في العراق هناك ظواهر عجيبة وغريبة أبرزها ظاهرة السياسي الرشاش ، وأعني به السياسي الذي لايتوقف عن الصراخ ، ما إن تضع أمامه المايكرفون تجده يقول كل ما يخطر على بال المشاهد ، وما لايخطر أيضاً ، والغريب أنّ هذا السياسي له منصب وامتيازات ، وله قضية تشغله دائماً وأعني بها مسألة القندرة مع الاعتذار للمفردة ، ولكن ماذا أفعل ياسادة وسياسيّونا ونوابنا لاحديث يعلو عندهم على حديث " القنادر " .
ومنذ أن وصل سعرحذاء النائبة " الإصلاحية " عالية نصيف في بورصة "القنادر" إلى عشرة ملايين دينار، حتى ذكّرنا السيد إياد علاوي بأهمية "القندرة" حين خرج ذات يوم ليقول: "إن المنصب تحت قندرتي" وقبله اكتشف بهاء الأعرجي أنّ كلّ ما يقال عنه ويكتب تحت "القندرة" أيضا!
لعلّ حكاية "القندرة والسياسة" قصة طويلة ابتدأت منذ أن لوّح الرئيس السوفيتي الراحل خروشوف بحذائه الشهير، في قاعة الأمم المتحدة، ثم أصبح الحذاء فنّاً وسياسة فكادت أميركا أن تخسر الحرب الباردة بسببه .
في هذه البلاد تحوّل الحذاء عند البعض إلى وسيلة استعراض ، حيث أصبح الحديث عن " القندرة عنواناً لمرحلة جديدة ، كما أخبرتنا النائبة حنان الفتلاوي قبل أيام من أنها ستعرض " قندرتها " على الفضائيّات ، من أجل أن ينشغل بها الجميع ولو لمدة أسبوعين قبل الانتخابات .
مع حديث القندرة الذي أتحفتنا به النائبة حنان الفتلاوي سنكتشف أننا نعيش اليوم مشهداً طويلاً من التراجع والتخلف الحضاري.. نعيش في ظلّ ساسة ومسؤولين لا يملكون مقاييس بسيطة للكفاءة، لم نشهد معهم سوى تراجع في التعليم والصحة والخدمات والأمن، وزمن من الخواء الفظيع .
في كتاب " الكواليس السريّة للشرق الأوسط " الذي ترجمه للعربية نبيل رشوان ، يخبرنا الدبلوماسي والسياسي يفجينى بريماكوف ، أن الرئيس السوفيتي خروشوف كان لايحب الرئيس العراقي عبد السلام عارف لأنه شارك في قتل عبد الكريم قاسم ، واثناء افتتاح مشروع السد العالي في مصر حاول جمال عبد الناصر أن يقدم عبد السلام إلى خروشوف إلا أن الرئيس السوفيتي رفض وقال لعبد الناصر " لن أقضي حاجتي مع عبد السلام في مكان واحد " ، وتردّد المترجم في ترجمة ما قاله خروشوف، منعاً للإحراج ، فصرخ به خروشوف: " ترجم حرفيّاً ما قلت " .
السيدة النائبة حنان الفتلاوي ، نتمنى أن تترجمي لنا حرفيّاً مشكلتك مع القندرة.