علي حسين
في صباي كنتُ مغرماً بكتب من نوعيّة " كيف تصبح مليونيراً " ، ورغم حفظي لفقرات كاملة من الكتاب ، إلا إنني لا أزال أنتمي الى طائفة الذين ينتظرون الراتب على أحرّ من الجمر. وهناك أيضا الكتب التي ترشد القرّاء كيف يؤثرون في الناس . فإذا كان المرء على موهبة مثل وائل عبد اللطيف أسعفتُه في سعيه وسهّلتُ أمامه سبل الإقناع ، بدليل أنه عام 2017 اتهم السيد المالكي بأنه قد تخلّى عن أراضٍ وحقول نفطية وعن خور عبد الله للكويت ، ثم نجده عام 2018 ، يرشح للبرلمان ضمن ائتلاف السيد المالكي ! ولهذا فهو أشطر من " جنابي " الذي أمضى حياته يكتب ويكتب ، ولايستطيع أن يقنع عشرة مغرمين بالنائبة عتاب الدوري بأن يحاولوا إقناعها بأن تتفرغ لشؤون " تشريب البامية!".
ويضع أهل العلم والمال أحياناً كتباً عن تجربتهم المهنية. ويقدمون لنا ما يعتقدون أنها أفضل النماذج لتعليم الناس كيف يعيشون حياتهم بجدّ واجتهاد . قبل سنوات أصدر بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت كتابه " الطريق إلى الأمام " ، ويروي لنا انه عندما ذاعت شهرته و تضخمت ثروته فكّر طويلاً ثم قال لزوجته لابدّ من عمل يخلّصنا من عبء هذه الثروة ، فقّرر تخصيص جزء كبير من ثروته لمساعدة المحتاجين حول العالم ، لا لون ولا طائفة ولا هوية دينية للذين يتلقون المساعدات .
يكتب بيل غيتس أنه قرأ في صباه رواية البؤساء لفكتور هيجوالتي وجد فيها لوحة ناصعة للتعاطف مع المظلومين والمساكين.
ستقولون، لقد صدّعتَ رؤوسنا بأحاديثك عن الكتب . ماذا أفعل ياسادة وأنا أجد قناة الفرات الناطقة باسم تيار الحكمة تبكي وتولول لأن عائلة فقيرة في النجف تسكن في سرداب وتعاني من سوء الحال والأحوال ، في الوقت الذي رفع فيه تيار الحكمة شعار" إحنه كدها " ، وكنت أتمنى أن لايتاجر الساسة بأحوال الناس الضعفاء ، لأن مسؤولية الخراب وتفشي الفقر تقع على الجميع بلا استثناء .
لم يُقبِل الفرنسيون على بؤساء هيجو حال صدورها، فالحياة كانت تعجّ بالبائسين، لكن بعد عقود تتجاوز مبيعاتها المئة مليون نسخة، كتب هيجو الى إمبراطور فرنسا أن "الحقائق التي تقدم لجلالتكم ما هي إلا أكاذيب يحاول المحيطون بك ان ينشروها على أنها حقائق" يحزنني ياسيدي أن أخبرك أنّ معظم سياسيينا يعتقدون أنّ الفقر عقاب للعراقيين لأنهم لايسبّحون بحمد الأحزاب الحاكمة . فضحتونا الله يفضحكم جميعاً!.