علي حسين
منذ سنين وساستنا ومسؤولونا ، يملأون الفضائيات والصحف بحديث عن مخاطر العلمانية على المجتمع العراقي ، وإن أفكار العلمانيين تريد أن تُخرّب الدين ، وشاهدنا عامر الكفيشي ومحمود المشهداني وعشرات غيرهم يخوضون معركة نشر الإسلام في بلاد الرافدين التي يريد لها العلمانيون ومعهم إخوة مدنيون تحويلها إلى " مرقص " كبير على حد تعبير المؤمن جداً " صلاح عبد الرزاق ، الذي اكتشفنا للأسف أنّ تقواه وإيمانه " الشديد ، لم يمنعاه من أن يسرق أموال محافظة بغداد ، ويذهب بها الى بلاد الكفر والبيرة هولندا! منذ عام 2003 ، وغالبية الأحزاب الدينية في العراق تحلم بأن تستيقظ غداً، لتجد أن العلمانيين ومن جاورهم قد تبخروا من الوجود، وأصبحوا نسيا منسيا.
وفي الوقت الذي يحذرنا به عامر الكفيشي من الدولة العلمانية كانت بلاد مثل بريطانيا " علمانية أباً عن جد " تُقرر أن تعين المهاجر الباكستاني المسلم ساجد جاويد على وزيراً للداخلية والذي ما ان تسلمه منصبه حتى قال للصحفيين إنّ مثله الأعلى هو رئيسة الوزراء الراحلة مارغريت تاتشر ، فهي ابنة بقّال بسيط ، وهو ابن سائق باص ، وهي بعد أن غيّرت شكل بريطانيا وأعادتها دولة اقتصادية كبرى ، وانتصرت في حرب الفوكلاند ، أعلنت استقالتها من منصب رئيسة الوزراء بسبب شبهات حول قانون الضرائب ، أرجو أن تنتبهوا جيداً لهذه الكلمة " قانون الضرائب " وليس نهب مئات المليارات ، في دول المؤسسات المدنية ، لا دول القادة المقدّسين ، لا أحد خارج سلطة القانون ، لعلّ أهم القواعد التي تقوم عليها النظم الديمقراطية الحديثة -لا نظم دول الطوائف - هي قاعدة المساءلة ، إذا قُتل مواطن أو فُقد بطريق الخطأ ، وليس قتل وتهجير الآلاف ، فإنّ وزراء الحكومة يذهبون الى بيوتهم غير مأسوف عليهم ، أما في بلاد الجعفري فإن مقتل شخص يعمل مديراً لأموال الحشد الشعبي بوحشية ، يصبح خبراً ثانوياً ، لا تحقيق حقفيقي في الأمر ، ولامسؤول يخرج الى الناس ، فقد تُرك الامر إلى سعد المطلبي الذي تحول الى ناطق باسم وزارة الداخلية ، ليخبرنا أنّ الأمر بسيط جدا مجرد عملية سرقة !
في بلاد الكفار نجد رئيس الوزراء يتلقى الصفعات والشتائم لأنه قصّر بأداء واجبه الوظيفي، وفي بلاد السياسي "المؤمن" لا أحد يسأل أين ذهبت مئات المليارات وبيوت الصفيح ماتزال تنتشر في أرجاء العاصمة؟