علي حسين
قالوا في تشريع قانون مفوضيّة الانتخابات عام 2017، إنه لإنقاذ البلاد من الفوضى، لكنهم بعد شهور معدودات بدأوا يغذّون ماكينة الحرب على هذا القانون، لأنه ظَّل طريقه، فخسرت الحركة الوطنية العراقية عقولاً مهمة بحجم سليم الجبوري وهمام حمودي وآرام الشيخ محمد وعباس البياتي وحنان الفتلاوي ومشعان الجبوري وعواطف النعمة ومحمود الحسن ومحمد الكربولي وعشرات غيرهم، ولهذا لابد من أن ينقلبوا عليه من أجل حماية المكتسبات"الكبيرة"التي تحققت في السنوات الماضية.
ولعلنا جميعا نتذكر ما جرى في البرلمان خلال العام الماضي حول قانون الانتخابات، وكيف أنّ الجميع أصرّ على أن لا تخرج المفوضية عن قانون المحاصصة الطائفية، وحكاية اللجنة التي شكلت برئاسة"الفقيه الدستوري"عامر الخزاعي لاختيار أعضاء المفوضية، ليتحوّل الإصلاح الذي رفعت شعاره عالية نصيف وذرف إسكندر وتوت الدموع من أجله إلى حفلة رقص جديدة فوق أحلام وآمال العراقيين، يطلقون فيها النواب صيحة الغزاة العائدين"ها قد عدنا"، القوانين نفسها والانتخابات نفسها، ولهذا كان سليم الجبوري ومعه شلّة الخاسرين يريدون أن تبقى النتائج نفسها، وإلّا كيف سيعيش المواطن العراقي في ظلّ غياب همام حمودي الذي أقسم بأغلظ الأيمان إنّ ما تحقق خلال السنوات العشرالماضية من منجزات وعمران ورفاهيّة لم يتحقّق في العراق منذ عام 1921.
لا أحد يكره أن يتحقّق الحلم بعراق موحّد وقويّ وديمقراطيّ، ولا يوجد عاقل يرفض أن تأخذ مؤسسات الدولة دورها في بناء البلد، كلّ هذه غايات وطنيّة غير قابلة للمساوة، لكن اسمحوا لي أن أضع في هذا المكان أكثر من لكن. فنحن منذ سنوات ننشد الإصلاح، وشكّلنا لجاناً وأقمنا مؤتمرات تحوّلت جميعها إلى استعراضات دعائيّة مضحكة، واستثمارات رخيصة لهموم المواطن العراقيّ. فمنذ أن بدأت أزمة خسارة سليم الجبوري لكرسيّه في البرلمان، وعدم تمكّن ائتلاف دولة القانون من الحصول على الأغلبيّة غابت كلّ مشاكل العراق، لم نعد نسمع حديثاً عن الجيش التركي الذي يحتلّ مناطق داخل البلاد، وعن الفشل في معالجة أزمة الكهرباء، والجفاف الذي ينتظرنا، والديون التي تجاوزت المئة مليار دولار، ونسبة الفقر التي حققت أرقاماً قياسيّة، والمدن التي هُدّمت، فالجميع يريد أن يوهمنا، بأنّ العدّ اليدوي سوف يدقّ آخر مسمار في نعش الفساد. ويعيد لنا"واويّة"السياسة.