علي حسين
لم يتبقّ لنا ونحن نشاهد النهاية"التعيسة"لجلسات البرلمان، سوى أن نشكر كلّ الكومبارس من النواب والسياسيين الذين أدّوا أدوارهم بكلّ مهنية وإخلاص، وساهموا بتقديم نهاية ممتعة للمسلسل الدرامي الطويل"كرسي سليم الجبوري". هكذا أُسدل الستار على صفحة ساخرة من تاريخ العراق، وإذا أردتَ عزيزي القارئ أن تعرف عمق المأساة التي وصلنا إليها في زمن"حنان الفتلاوي"ابحث عن رئيس البرلمان الذي استنكف أن يخرج على العراقيين ليقدم الشكر لهم،لأنهم تحملوه خلال الأربع سنوات الماضية! ومثلما اختفى سليم الجبوري، توارى عن الأنظار نائبه"الهمام"همام حمودي"ومعه أكثر من مئة وخمسين نائباً، وجدوا أنّ حضورهم الجلسة الاخيرة للبرلمان وتقديم الشكر للشعب الذي وضعهم على الكراسي ونقلهم من البؤس الى مصاف أصحاب الثروات، امر لا يستحق العناء.
برلمان ومؤسسات سيطر عليها الانتهازيون من غير أن يقدموا أي خدمة لهذا الشعب، كأنما الإنسان في هذه البلاد لا مقياس له سوى الموت والدماروسرقه احلامه ومستقبله. كأنما لا حقّ للمواطن العراقي في برلمان يحترم الشعب. كأنما يليق بهذا البلد أن لايظهر به ساسة إلّا من وزن عالية نصيف ومحمد الكربولي ومحمود الحسن وعواطف النعمة، شعب لا يملك الحق في محاسبة رئيس البرلمان على أربع سنوات من التخبط والعشوائية وغياب مصلحة الوطن والمواطن. وكأنما حقوق الناس مختصرة في الكراسي التي ضاعت من سليم الجبوري وعامر الخزاعي وعتاب الدوري.
أكرّر مرة أخرى، أنّ أفدح خسائرنا في السنوات الاربع الاخيرة من عمر البرلمان هي أننا عشنا مع سياسيين ومسؤولين لا يملكون ذرة إنسانية ولا نبل، انخفض لديهم مؤشر الوطنية وانعدم لديهم الشعوربالمسؤولية الأخلاقية، فصار المواطن بالنسية لهم مجرد ورقة انتخابية استغلها برلمان كسيحٍ مارس الدجل والخداع!
عام 1968 قامت ثورة الطلاب في فرنسا ضد ديغول الذي صنع النصر لبلاده، لكنّ صوت الشعب كان أقوى، ليذهب في النهاية الرجل الذي أسس الجمهورية الفرنسية الحديثة، الى معتزله في الجنوب يكتب مذكراته بفرنسا أكثر قوة وأماناً، وبسهولة أسقط البريطانيون بطل الحرب العالمية الثانية تشرشل، فلا قدسية لأيّ مسؤول حتى وإن كان بحجم امرأة مثل تاتشر التي أنقذت بريطانيا من الإفلاس،لاصوت يعلو في الديمقراطيات الحقيقية على صوت الشعب، وارجوك لاتسألني عن ديمقراطية سليم الجبوري.