رعد العراقي
قد يكون استقطاب المدرب الأجنبي لقيادة المنتخب الوطني أصبح ضرورة ملحة عطفاً على التراجع الكبير في الأداء الفني لمنتخبنا وغياب الحلول التكتيكية الحديثة عن أجندة القيادة الميدانية أثناء المباريات والتي أدّت الى تكرار الفشل في حصد البطولات وتحسين الترتيب العام ضمن التصنيف الدولي، وكان آخرها الخروج من خليجي 23 في الكويت وتصفيات كأس العالم 2018.
الحديث هنا يستند الى نزعة الرغبة الجماهيرية ومنطق الحل لمعاودة النهوض بالواقع، وهو مطلب منطقي بقياسات تجارب الدول الطامحة الى إيجاد الوسائل التي تعزّز من خطوات التطوير واللحاق بركب المنتخبات التي بدأت تشكل حيّزاً مهما في المنافسة على المستوى القاري والعالمي بعد أن كانت لا تشكّل رقماً صعباً قياساً لمنتخبنا الوطني قبل سنوات مضت ربما اليابان وكوريا الجنوبية أنموذجان للمقارنة والبحث.
اتفاقنا على التوجّه نحو الكفاءة الأجنبية لابد أن يستند الى أسس عملية غير قابلة للمناورة أو محاولة القفز على الواقع وخاصة أن تلك التجربة ليست جديدة إذ سبق ان كانت هناك فصول من الإثارة بين سوء اختيار المدرب المناسب وهروب البعض لاسباب مجهولة وثغرات قانونية في العقود أدت الى ضعف موقف الاتحاد بالتصرف والرأي إضافة الى اهدار المال العام نتيجة دفع الشرط الجزائي لمن توجّهَ بالشكوى منه الى الفيفا.
هنا تبرز لنا عدّة محاور لابد من الإشارة اليها والتوقف عندها في البحث والتقصي قبل الهرولة نحو خيار التعاقد مع المدرب الاجنبي ، وقد يكون أولها إن القرار يمثل ( بديلاً مستنسخاً ) يلجأ اليه الاتحاد بعد كل أزمة واخفاق لاسكات وتهدئة غضب الجماهير و( دليلاً صورياً ) على وجود نهج جديد في آليات عمله بعد إعادة انتخابه، عندها فإن الحكم قد صدر مسبقاً بفشل المحاولة لأن النية لم تتجه بالمعالجة الفنية ، بل لحماية وتثبيت الهيئة الإدارية وردع وإسكات الاصوات الجماهيرية.
ولأجل أن نذهب بالنيات نحو مقاصدها الحسنة ونتجاوز ما ذهبنا إليه ستبرز لنا مسألة مهمة تتعلق بتوفير البيئة المناسبة لعمل الملاكات الاجنبية بكل جوانبها الأمنية والإدارية والتي كانت سبباً في فشل تجربة الاستعانة بها وخاصة من قبل انديتنا خلال الموسم الكروي الحالي باكيتا مع الشرطة وتيتا مع الطلبة وقبلها المصري محمد يوسف وغيرهم، جميعهم لم يتأقلموا مع الواقع وكلا منهم له سببه وفضّلوا التخلي عن مسؤوليتهم دون أن يتركوا أثراً أو يضيفوا لمسة فنية وكان من المفترض على الاتحاد دراسة امكانياته في خلق الأجواء الأمنية والإدارية والحد من التدخلات والسيطرة على شغب الملاعب الأمر الآخر هو عملية تأمين تواجد اللاعبين المحترفين وحلّ معضلة تداخل الاسماء بين المنتخبات الوطنية والتي كانت أحد أسباب فشل عمل المدربين ولم نجد لها حلولاً ناجعة.
كما أن الاستحقاق القادم يتمثل في المشاركة بنهائيات أمم آسيا 2019 في الإمارات وليس هناك في أجندة الاستعداد سوى لقاء ودي مع فلسطين يوم 4 آب المقبل وهو ما يؤكد وجود خلل في عملية تأمين مباريات استعدادية قبل فترات مناسبة تفادياً لازدحام اجندات المنتخبات الأخرى وهو ما سيجعل المدرب القادم ( بلا عمل حقيقي ) خلال الفترة القادمة.
باختصار : نؤمن بأهمية تواجد الفكر الاجنبي الاحترافي في المنتخبات الوطنية ، لكننا مع الأسف لا نؤمن بقدرة الاتحاد على توفير مستلزمات نجاحه! ربما لا تكون لأسباب تتعلق بامكانياته فقط، بل لوجود عوامل عامة خارجة عن قدراته تتطلب جهوداً كبيرة حكومية وإعلامية وجماهيرية تتضافر لأجل تذليل كل الصعاب ، عندها يمكن أن يكون للمدرب الأجنبي بصمته المؤثرة وتواجده لمدة طويلة.