علي حسين
لم أستطع إكمال مشاهدة فيديو ضرب شباب الاحتجاجات وشتمهم ووصمهم بالخيانة، وتساءلت مع نفسي هل يعقل أن يعود العراق بعد كل هذه التضحيات وعشرات الآلاف من الشهداء وملايين المشرّدين إلى دولة قمعية تقلقها أصوات المتظاهرين؟ ومن المصادفات، وأنا أتحدث مع أحد الزملاء عن فديوات الضرب والتعذيب، نبّهني إلى الخطاب الحماسي الذي ألقاه وزير خارجيتنا إبراهيم الجعفري تحت قبة البرلمان العراقي، قبل أعوام، عندما استنكر ضرب المتظاهرين في البحرين، وطالب الحكومة العراقية، وهو دامع العينيين، بأن تعلن الحداد حزناً على ما جرى في المنامة.
لنترك الجعفري، ونطرح سؤالاً بسيطاً واحداً: مَن المسؤول عما يحدث؟ المواطن المحاصر بالبطالة وسوء الخدمات والأمراض والفقر، أم رئيس الوزراء الذي تعهد قبل أربع سنوات بتقديم الفاسدين إلى القضاء وإرجاع الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة، وإعلاء شأن التنمية ومعها الرخاء والعدالة الاجتماعية، لنكتشف بعد هذه السنوات العجاف أنّ الرجل طالِبُ سلطة، وليس طالب عدل، وبعد ماذا عن مسؤولية رئيس الجمهورية فؤاد معصموم، حامي الدستور الذي يمنح المواطن الحق في التظاهر والتعبير عن رأيه؟ سيقول البعض يارجل دع الرئيس في حاله، فقد حقق اليوم منجزاً كبيراً، حيث أصدر مرسوماً جمهوريّاً بمنح رواتب تقاعدية لأعضاء البرلمان الذين خسروا في الانتخابات.
أيها المواطنون أنتم سبب كل الأزمات، تأكلون بإفراط، تنتقدون بلا فهم، تسألون كثيراً: لماذا كل هذا الفساد في المؤسسات الحكومية؟ ولماذا يعيش الذين ينهبون الوطن في رخاء؟ أيها المواطنون أنتم مشاغبون،لأنكم تريدون أن تحيوا من دون أن تُهانوا، وأن تناموا في أمان،، تريدون حياة كريمة، وهذا كثير في زمن أشاوس العصر الجديد.
ولهذا يريد منكم العبادي اليوم أن تصمتوا، من أجل حماية مكتسبات السلطة، وأن لاتتحدثوا بمفردات مثل الديمقراطية، والعدل، والتنمية، ومحاسبة الفاسدين، لأنّ مثل هذه الأحاديث هي محاولة"بعثية"،وتنفيذ لاجندات خاجية تريد النيل من المنجزات الكبيرة التي تحققت بفضل خطب الجعفري.
يريد منكم رئيس الوزراء أن لاتُظهروا حزناً على هذه الدولة التي تحولت إلى جمهورية أحزاب وقبائل وطوائف، فالعبادي في هذه اللحظات يرفع شعار :"أنا الدولة والدولة أنا.. أنا القانون والقانون أنا.. أنا فوق القانون والدستور والمحاسبة والقضاء.. اصمتوا حتى أرضى عنكم، واسمح لكم بالحياة، وإلا فالهراوات جاهزة دون مسألة اومحاسبة."!!.