شاكر لعيبي
"كل الألوان تتوافق في الظلام!" (فرانسيس بيكون)
هذا اجتهادٌ جميلٌ من طرف السيدة كوليت مارشليان لترجمة العبارة (كانت منشورة في جريدة المستقبل 25-11-2012). وأظنّ الفعلَ "تتوافق" هو بالأصل" harmoniser". إذا كان صحيحاً هذا الظنّ، فالعبارة ترتفع إلى مصاف تأمّلٍ وجوديّ عميق.
***
المعلقون مؤخراً على سعدي يوسف وعريان، لماذا يتجاهلون تعليقه على فيصل لعيبي؟ أولاً فكرة سعدي عن فيصل بأنه فنان فطري، تشير إلى أنه - أي سعدي يوسف - متلق فطري، للأسف جاهل بتأريخ وأصول الفن التشكيلي، خاصة وهو يتجاهل أعمالا كثيرة لفيصل، عارياته وشرقياته التي تنم عن تمكن من فن الرسم التقليدي الذي لعل سعدي من المتولهين به.
تجاهل المعلقين دال لجهة ميول الثقافة العراقية وتفضيلاتها، الشعر الشعبي أولاً، مع تقديرنا العالي لهذا الشعر، وإعراضها - إذا لم نقل شيئاً آخر - عن الفن النشكيليّ.
برهن سعدي مراراً بصفته مثقفاً - ولا أتكلم الآن عن الشعر - عن ضحالة ثقافية، كان منها أيضا تعليقه العجيب الغريب ذات مرة عن حديثي عن الأنثروبولوجيا.
***
الكاتب (الحقيقي) يكتب أيضاً ما لا يودّ القارئ سماعه منه. إنه يُحطّم أحياناً صورته المفضّلة بالنسبة للقاري لكي يظل متشبثاً بصورته (الحقيقية).
***
أخشى أن كثيراً من الشعر االجديد الراهن وعناوين المجاميع الشعرية الراهنة هي محض تلاص حاذق، إذا لم نقل شيئاً آخر.
***
الشاعر لا يكتب الشعر فقط، بل أنه يهجس (إذا لم نقل يعرف تقريباً) ما الشعر، وماذا يحيط بالشعر من تواريخ ومشكلات. هكذا تقريباً.
***
ان يكون المعجبون بما تكتب في وسائط التواصل الاجتماعي، بين 30 و50 شخصا يطابق نسبياً كميات ما تطبعه دور النشر العربية لأعمالك المطبوعة.
أليس كذلك؟ المسألة مسألة حساب فقط. حساب من نوعين.
***
الفقر ليس عيباً أو عاهةً كما يتصوّر بعضهم. خاصة في أوساط المثقفين المكتفين بالكون القليل الذي بحوزتهم.
***
جامع مرجان من المساجد الأثرية، في شارع الرشيد، في منطقة الشورجة ببغداد، وكانت فيهِ مدرسة تسمى المدرسة المرجانية شيدها أمين الدين مرجان بن عبد الله بن عبد الرحمن السلطاني الأولجايتي من موالي السلطان أويس بن حسن الإليخاني أحد الأمراء الجلائريين عام 758هـ/ 1356م، أي في منتصف القرن الرابع عشر الميلادي. في عام 1365هـ/ 1946م، هُدمت القبة التي تحوي الضريح وكذلك المدرسة وأقتطع من الجامع جزء كبير أضيف إلى شارع الرشيد وشيد على ما تبقى منهُ مسجد جامع ولم يبق من أصل المدرسة سوى بابها الأثري القديم.
أنها من المهازل أن نرى باب مسجد مرجان اليوم على الشاكلة التي نراها في الصورة الملتقطة حديثاً له.
أمر واحد يلتقطه المرء من الصورة: أن من يَحْكم العراق اليوم (ونخشى القول الكثير من مثقفيه) يغيب عنهم الوعي بالأثر التأريخي، غياباً مُفْحِماً.
دائماً ما كان الحال في العراق هكذا، واليوم، زمن اللصوص، أكثر من أي وقت مضى.
***
صرخات اليأس الصادرة من العراقيين اليوم بأن الوضع لا شفاء له ومنه، هي أول بشائر الخير.
***
تقرأ كاتباً وتثق بما يقول، وتقرأ كاتباً آخر ولا تثق بما يقول، في المعرفة العميقة والمعلومة العابرة كليهما. لا بد أن هناك سبباً عميقا لذلك.