علي حسين
مرّة أخرى، مطاردة الشباب ومنع الاحتفالات في الجامعات وغلق المقاهي ، ومنع النسوة من العمل وفرض الحجاب ، أم العلم والرفاهية والامان ؟، تطوير منظومة التعليم والصحة والصناعة والزراعة والاقتصاد والكهرباء وإصدار قرارات لإشاعة مبدأ العدالة الاجتماعية ، أم إصدار قرارات للحشمة ولمراقبة الكافيهات ومطاردة الطلبة في الجامعات ؟ تندلع الأسئلة مجدداً مع الاشتباك الدائر حالياً حول تراجع مستوى التعليم والصحة وغياب الخدمات وانتشار المحسوبية والانتهازية والرشوة والفساد ، هل نهتم بتحديث مؤسسات الدولة وتطويرها وبث الحياة فيها ، أم ننتظر ما ستقرره تظاهرات محافظ النجف لؤي الياسري ولجنة حزب الفضيلة التي تدور على الجامعات للاطلاع على تنفيذ ضوابط حفلات التخرج ، وهي ممارسات تؤكد بالدليل القاطع أن مسؤولينا وساستنا وخطباءنا يسعون إلى العودة بنا لزمن طلفاح الذي أعلن إمارته الإسلامية في منتصف السبعينيات حين تسلم منصب محافظ بغداد ، فقد قرر الرجل أن يطلق حملة إيمانية ابتدأها بقرار مضحك ، بصبغ سيقان كل فتاة ترتدي تنورة تصل حد الركبة، ثم تفتق ذهنه الكبير عن خطة جديدة للقضاء على عملاء الغرب بأن أمر شرطته أن يجوبوا الشوارع ملقين القبض على كل من سوّلت له نفسه وأطلق العنان لشعر رأسه! .
أكتب هذه المقدمة وأنا اشعر بالأسى والألم حين أقرأ أن العديد من الشباب في الأنبار تمت معاقبتهم بحلق شعر رأسهم لأنهم خالفوا الأعراف العشائرية ، في الوقت نفسه قررت جماعة حزب الفضيلة أن تدور على الجامعات للاطلاع على تنفيذ ضوابط حفلات التخرج ، مضحك ومثير للسخرية أن يخرج المسؤول المحلي ومعه عدد من الشيوخ بتظاهرة ، لمجرد أن فتيات يعملن في بعض المقاهي ، في الوقت الذي لم يتظاهر أحد منهم وهو يرى أموال الدولة تنهب والخدمات غائبة والسرقة تنتشر في كل مفاصل الدولة ، ومثير للسخرية أن نعيد على أسماع الناس خطب طلفاح، في الوقت الذي لاتسعى لتوفير حياة كريمة للفتيات تبعد عنهنّ شبح الحاجة والاستغلال .
من حق أجهزة المحافظات أن تمارس دورها في حماية الناس، ولكن ليس من حقها أن تنصّب نفسها مسؤولة عن أخلاق الناس وسلوكهم الاجتماعي وملبسهم ومأكلهم، من المعيب أن يخرج مسؤول حكومي في القرن الحادي والعشرين وفي بلد يتشدق ساسته بالديمقراطية وحرية الشعوب ليقول لنا إنهم يطاردون فتيات المقاهي من أجل المحافظة على قدسية المدينة ، في الوقت الذي يسكت فيه هذا المسؤول عن غياب الخدمات وانتشار المخدرات وازدياد نسب البطالة ، ، ومن المخجل والمثير للقرف أن نطارد شبابا بحجج أخلاقية واهية فيما هم يتعرضون لظلم كبير بسبب البطالة والانتهازية وعدم تكافؤ الفرص والاستحواذ الذي تمارسه الكتل السياسية على كل منافذ الحياة في العراق.