اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: إمام العدالة

العمود الثامن: إمام العدالة

نشر في: 26 مايو, 2019: 12:00 ص

 علي حسين

في الثامنة عشرة من عمره يقرأ اللبناني جورج جرداق كتاب نهج البلاغة، الذي أهداه إليه أخوه الأكبر، فيسحره الكتاب أسلوباً ومعنى ومواقف، فيقرر، وهو المسيحي القادم من إحدى قرى الجنوب، أن يكتب أضخم موسوعة عن الإمام علي بن أبي طالب، طُبعت منها عشرات الطبعات.
يكتب جورج جرداق عن الأسباب التي دفعته إلى كتابة موسوعته هذه قائلاً: بعد أن ضاقت بنا سُبل التقدم والرفاهية والاستقرار، ويفتك بعضنا بالآخر، والناس أشبه بقطعان أغنام لهذا الحاكم أو ذاك، ارتأيت أن أكتب شيئاً عن ذلك، وطبعاً كنت قد قرأت علياً " ع" وعشته وتأثرت به، فوجدته صاحب ثورة إنسانية واجتماعية وفكرية وثقافية، فكان لزاماً عليّ أن أسلـِّط الضوء على هذا الفكر النقي الذي أنار لي الدرب والطريق.."
في كل مرة أقرأ في تحد اجزاء موسوعة جورج جرداق ، أقول لنفسي هل تساءل أحد من ساستنا "المجاهدين" كيف مارس علي "ع" السلطة في أعوام خلافته الأربعة؟ لم يجد الإمام في الخلافة حقاً استثنائياً في المال والأرض، فساوى نفسه مع الجميع، رفض أن يسكن قصر الإمارة، ونزل مستأجراً في منزل يملكه أفقر فقراء الكوفة، سيقولون هذه مثالية مطلقة وسنقول لهم إنها عدل شامل، فالخليفة لم يرضَ أن يسكن القصور فيما رعيته يسكنون بيوتاً من الصفيح.
كان معارضوه يتجاوزون عليه إلى حدّ شتمه فلا يبطش بهم ولا يمنع عنهم المال، لأنه يرى أنّ الخلافَ أمر شخصي بينه وبينهم، وما بيده من حكم ليس سلطة يقاضي بها مخالفيه في الرأي، ولكن يقاضي بها أعداء الناس، فمهمّته إقامة الحق ودفع الباطل. يقول لابن عباس: "هذه النعل أحب إلي من إمارتكم هذه، إلا أن أقيم حقاً أو ادفع باطلاً"، البعض من ساستنا ربما يرى في هذه الأفعال نوعاً من الخيال، لأنه يعيش مع علي"ع" في مواكب التعزية فقط، ومع معاوية باقي أيام السنة.
يخصص جورج جرداق أحد أجزاء موسوعته للكتابة عن "علي وسقراط" حيث يناقش أفكار كل منهما، قائلاً: "كلا الرجلين تراث عظيم للإنسانية." وفي هذا الجزء يورد جرداق مقولة شهيرة لسقراط: "لا علم بلا فضيلة، ولا فضيلة بلا علم، كما أنه لا جهل بلا رذيلة، ولا رذيلة بلا جهل."
نقرأ في كتب الفلسفة والأدب والروايات وحكايات الشعوب من أجل أن نتعلم ، وفي كل ما قرأته عن الإمام علي "ع"، لم أر إلا حقيقة واحدة، هي أن لا مجال للجهل والانتهازية والتغاضي عن قول كلمة الحق في الدول التي تريد السعادة والكمال لشعوبها، وليست الدول التي تعقد فيها كلية علوم الحاسوب والرياضيات في جامعة الكوفة حلقة نقاشية حول"حلّية الأرنب وحُرمته"، هكذا جاء في أخبار جهل البلدان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

العمودالثامن: أحزاب وخطباء !

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

 علي حسين يملأ بعض السياسيين حياتنا بالبيانات المضحكة ، وفي سذاجة يومية يحاولون أن يحولوا الأنظار عن المآسي التي ترتكب بحق هذا الشعب المطلوب منه أن يذهب كل أربع سنوات ” صاغراً” لانتخاب...
علي حسين

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

رشيد الخيون عندما تُعلن الأنظمة، تحت هيمنة القوى الدّينيّة المسيسة، تطبيق الشّريعة، تكون أول ضحاياها النّساء، من سن زواجهنَّ وطلاقهنَّ، نشوزهنَّ، حضانة أولادهنَّ، الاستمتاع بهنَّ، ناهيك عما يقع عليهنَّ مِن جرائم الشّرف، وأنظمة لا...
رشيد الخيون

مأساة علاقات بغداد وأربيل..استعصاء التجانس واستحالة التفارق

رستم محمود أثناء مشاركته في الاجتماع الموسع للأحزاب والقوى السياسية العراقية في العاصمة بغداد، ضمن زيارته الأخيرة، والتي أتت بعد ست سنوات من "القطيعة السياسية مع العاصمة"، رفض زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني والرئيس الأسبق...
رستم محمود

كلاكيت: للوثائقيات العراقية موضوعات كثر

 علاء المفرجي أثار موضوع تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق، من جدل اجتماعي أحتل ومازال مواقع التواصل الاجتماعي، أُعيد ما كتب في هذا الحيز عن فيلم (خاتم نحاس) إخراج فريد الركابي والذي انتجته...
علاء المفرجي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram